د. عثمان يس ود السيمت

عثمان يس ود السيمت

اليوم 29 يوليو، فيه التئم جمع السداسية ليقرروا نيابة عنا ما يريدونه هم لا ما نريده نحن. فنحن فشلنا في أن نتفق على ما نريد وفشلنا في أن نجلس لنتداول فيما نريد وطبعاً وبالتأكيد فشلنا في أن نقرأ تأريخنا وأطلس جغرافيتنا لنعرف ما نريد.

لذلك لا يعرف العالم بالتحديد ما نريد أما الموتى والمرضى والجياع والنازحين والعالقين الذين أصبحوا يتكففون الناس ويتشردون بين أقسام الشرطة والمباحث في العباسية واقسام القاهرة، فلا حظ لهم من (تفكيرات الزولات) الذين اصبحوا (همهم تولا) كلٌ يغني على ليلاه، حتى وإن كانت ليلاه محرمة عليه لا بحكم الشرع ولكن بحكم الوطنية والرجولة والنخوة والشهامة والشجاعة والإنسانية التي افتقدها زولات هذا البلد الذي ما فتئ ينقسم إلى بلاد وتنمو فيه الحركات كنبتة البودا وسط حقول الذرة النضرة فتهلكها ومثل شجرة من زقوم طلعها كرؤوسهم هم فهم للشياطين اقرب من البشر.

أكتب وقد كنت آمل في مقاليَّ الأخيرين بأن يطوف على قومي طائف من عقل فيتفقوا على وقف الحرب ويسحبوا البساط من تحت أرجل السداسية حتى يحتار الستة ويقولون (نحن القاعدين ليها شنو) لكن الطبع يغلب التطبع ومن شب على شيء شاب عليه وضنب الكلب عمرو ما بنعدل وأخيراً شوية أمثال مصرية (يا منتظر السمنة من ط….. النملة.

ويا ماخدة القرد عشان ماله يروح المال ويبقى القرد على حاله). وهذا المثل الأخير ينطبق على أطراف الحرب تماماً لكنني سأكمل مقالي بتصريف ساخر ومجاراة لقصيدة قارئة الفنجان للشاعر نزار قباني. ولا أنسى أن أعزي فيروز في ابنها وأتمنى لها الصحة والعافية لتصلي قريباً في القدس. (فانتظري يا جارة القمر فميعاد صلاتك قد اقترب إنهضي وقودي بصوتك المغرد هذه الأمة التي تفتقد القيادة الملهمة. الصلاة قائمة قريبا جداً فالصلاة عندنا ميعاداً موقوتا) .
لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي
لأجلك يا بهية المساكن
يا زهرة المدائن
يا قدس يا قدس يا قدس يا مدينة الصلاة أصلي
لن يقفل باب مدينتنا فأنا ذاهبة لأصلي
سأدق على الأبواب وسأفتحها الأبواب

قارئة الفنجال
جلست والخوف بعينيها
تتأمل فنجالي المقلوب
قالت: يا زولي.. لا تفرح
فالخراب عليك هو المكتوب
يا ولدي، قد مات فطيساً
من مات في حرب ابن المن..ح
فنجالك دنيا مشقلبة
وحياتك أسفارٌ ونزوح
ستخب خبيباً يا زولي
وتموت غريباً يا زولي
وستدفن في أقصى الأرض
في القاهرة والغربة وجنازتك تكون في قروب
وتصبح بعد (scroll) واحد، ميتاً ما محسوب
بحياتك يا زولي عمل مكتوب
مدفون، في بطن حفير مربوب
من كتب العمل الأسود قي يوم أغبر مشهود
كوز موتور موتور موتور (مغرود)
وصادفه غجري مجنون وحسود منكود
ستسافر في كل الدنيا
وتنزح في كل الدنيا
وتكافح في كل الدنيا
تبحث عن حلم مفقود
لكن سماءك ممطرةٌ
وطريقك مسدودٌ.. مسدود
فحبيبة قلبك.. يا زولي
نائمةٌ في راكوبة ود محمود
أجرها بعشرة آلاف والسقف فيها مقدود مقدود مقدود
والنت يا زولي دايماً مقطوع ما موجود
وكلابٌ تحرس زولتك وارتكازات وجنود
من يدخل راكوبتها يا زولي مفقود مفقود
من يقرب منها من حاول حل مصيبتها
من يدنو من عسكرها من شاف (اشاوسها).
من حاول رقيتها أو فك (كتابتها)
يا زولي .مفقودٌ.. مفقود مفقود
بصرت.. ونجمت كثيراً
لكني.. لم أقرأ أبداً
فنجالاً يشبه فنجالك
وسذاجة وعمايل تشبه أعمالك
لم أعرف أبداً يا زولي
أحزاناً تشبه أحزانك
مقدورك.. أن تمشي أبداً
في الحرب .. على صوت السوخوي والمسيرة والتاتشر
وتظل حزيناً من أثر الشفشفة والعسكر
وتقتلك الضنك والكوليرا والجفاف وغاز الخردل
مقدورك أن تبقي مسجونا
بين الماء وبين (النور)
فبرغم جميع حرائقه
وبرغم جميع سوابقه
وبرغم الحزن
الساكن فينا ليل نهار
وبرغم الريح ورغم
الجو الكاتم والعصار
فالحرب ستبقي يا زولي
حتى تحتار
ستفتش عن حل يا زولي
في كل مكان
وستسأل عنه موج البحر
وتسأل أولاد الشيطآن
وتجوب بحارا وبحارا
وتفيض دموعك انهارا
وسيكبر حزنك
حتي يصبح أشجارا
لكنك ترجع يا زولي
مهزوما مكسور الوجدان
وستعرف بعد رحيل العمر
بأنك كنت تطارد خيط دخان
فالحل كان بين يديك وليس البل
لكن سذاجتك أعمتك عن العنوان
ما أصعب ان تتبع يا زولي قطيعاً من الحيوان
ما أصعب يا زولي ان يكون دليلك هو الكيزان
ما أتفه يا زولي أن يكون قائدك دعامي جهلان
يا زولي ليس الحل بيد الكيزان
ولا الدعامة ولا الحركات ولا الأمريكان
لكن الحل بيد آدم والدومة وأدروب وعمي عثمان
فرباعية عندنا خير من سداسية في أي مكان

مع الاعتذار للمجاراة والتصرف في رائعة الشاعر نزار قباني قارئة الفنجان
عثمان يس ود السيمت
يوم الثلاثاء 29 والدخول أربحا وعقاب شهر وربنا يستر
[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.