رجل البشير القوي، وصانع المدن، كان ملاحقًا بعد سقوط النظام بتهم خيانة الأمانة والفساد المالي. وكان المخلوع عادةً ما يناصره.

التغيير: كمبالا

احتلت رسائل رئيس مجلس السيادة في حكومة الأمر الواقع، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، خلال عزاء محمد طاهر أيلا، آخر رئيس وزراء في نظام المخلوع عمر البشير، حيزًا واسعًا من الاهتمام، إذ بدا واضحًا أنه تعمد إغاظة من اعتبرهم خصومًا سياسيين من خلال الحديث عن أيلا ووطنيته.

تلميحات سياسية خلف التعزية

لم تخلُ كلمات البرهان من إشارات سياسية حملت أكثر من معنى، وربما تعكس استمرار تأثير الشخصيات المرتبطة بالنظام السابق في المشهد السياسي السوداني، كما تسلط الضوء على الشبكات  التي ما زالت تتحرك خلف الكواليس.

وفي الوقت ذاته، تحمل تلك التلميحات مؤشرات إلى أن بعض الشخصيات ستظل محورية رغم الإطاحة بها واتهامها بالفساد.

 

المخلوع وايلا

رجل البشير القوي

رجل البشير القوي، وصانع المدن، كان ملاحقًا بعد سقوط النظام بتهم خيانة الأمانة والفساد المالي. وكان المخلوع عادةً ما يناصره، ففي صراعه مع المجلس التشريعي وقيادات الحزب الحاكم في البحر الأحمر في 2014، نظمت حملة لجمع “مليون توقيع” لإقالته، وأنشئت لجنة باسم “اللجنة العليا للمطالبة بسحب الثقة عن الوالي”، إلا أن المخلوع أصدر مرسومًا حل بموجبه المجلس وفرض حالة الطوارئ لصالح أيلا.

ولم تفلح محاولات حزب المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية في ولاية الجزيرة في الإطاحة بأيلا. وفي عام 2017، عندما حاول عزله عبر مذكرة للبشير، حسم الأخير الصراع لصالحه معلنًا دعمه لبقاء أيلا حاكمًا للولاية حتى انتخابات 2020.

انتقادات لمشاريعه

على الرغم من لقبه “صانع المدن”، الذي يشير إلى النهضة العمرانية التي شهدتها مدينة بورتسودان خلال فترة ولايته، خاصة فيما يتعلق بالطرق والسياحة، وجهت انتقادات حادة لبعض مشاريعه، حيث كشفت الأمطار عن أخطاء هندسية لافتة، فيما يقلل أنصاره من تلك الأخطاء معتبرين إياها أخطاء عمل، بينما يرى منافسوه أنها تعكس عيوبًا جسيمة في الإدارة.

واشتهر أيلا بأنه أسس فرقًا موازية موالية له في مختلف الوزارات لإدارة العمل بعيدًا عن الرقابة، الأمر الذي دفع المجلس التشريعي إلى إسقاط قانون “صندوق إنفاذ التنمية” المقدم من قبله.

تخرج أيلا من كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم وحصل على درجة الماجستير من جامعة كارديف في إنجلترا، قبل أن ينتقل إلى الخرطوم حيث قضى نحو عشر سنوات شغل خلالها مناصب وزارية اتحادية في التجارة الخارجية والنقل والاتصالات.

وفي عام 2005 عاد إلى دياره ليصبح واليًا لولاية البحر الأحمر لمدة عشر سنوات حتى عام 2015. ثم انتقل عقبها والياً لجزيرة قبل أن يتم تعيينه في 24 فبراير 2019 رئيسًا للوزراء، إلا أن احتجاجات ديسمبر من العام نفسه قطعت الطريق أمام استمراره في السلطة.

محمد طاهر ايلا

عودة وسط أوامر قبض

في سبتمبر 2022، عقب انقلاب 25 أكتوبر برئاسة البرهان، أعلن أيلا عن عودته إلى البلاد من جمهورية مصر التي لجأ إليها بعد سقوط نظامه في 11 أبريل 2019، معلنًا ذلك عبر منشور على فيسبوك، حيث أكد أنه حان الوقت للقاء الأحبة مع تحديد ميقات ومكان وزمان العودة.

وجاء إعلان أيلا عن العودة في ظل صدور أوامر قبض بحقه من النيابة العامة للتحقيق معه في بلاغات تتعلق بالفساد المالي أثناء شغله منصب والي البحر الأحمر.

وقد طرحت صحيفة (التغيير) وقتها أسئلة على نيابة بورتسودان حول عدم تنفيذ أمر القبض، لكنها اعتذرت عن الرد وأحالت الصحيفة إلى إدارة الإعلام بالنيابة العامة، التي طلبت تقديم خطاب رسمي للنائب العام للتمكن من الرد.

وبناءً على ذلك، سلمت الصحيفة خطابًا رسميًا لإدارة الإعلام بتاريخ 10 أكتوبر مرفقًا بأمر القبض الصادر ضد أيلا، لكنها لم تتلقَ ردًا مباشرًا من النيابة العامة بشأن عدم تنفيذه منذ عام 2019.

وفاته وتداعياتها

نعت مصادر رسمية الاثنين الماضي، في العاصمة المصرية القاهرة وفاة آخر رئيس وزراء السوداني في العهد المباد بعد معاناة طويلة مع المرض عن عمر ناهز 74 عامًا.

ووفق تقارير صحفية، فقد وصلت قيادات بارزة في حزب المؤتمر الوطني المحلول الثلاثاء، من بينهم إبراهيم غندور وآخرون، إلى مدينة بورتسودان للمشاركة في تشييع جثمان أيلا.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.