في ذكرّي انقلابْ ٢٥ أُكتوبر دعَوة لتوسيّع قاعِدة المشُاركة السياسِية وتجدّيد القِيادات
في ذكرّي انقلابْ ٢٥ أُكتوبر دعَوة لتوسيّع قاعِدة المشُاركة السياسِية وتجدّيد القِيادات
نضال عبدالوهاب
مع استمرار الحرب وما يحدث فيها قد تكشّفت للشعب السُوداني ولنا الكثير من القيادات السياسِية الورقية والمصنوعة والمُتحكّمة، قيادات ظلّت تُجيّد فقط الظهور الإعلامي والتجول والتحدُّث في القنوات والبرامج الإخبارية المُختلفة، وتُجيّد السفر والتجوال المُستمر بمبررات ودعاوي “أداء مهام” للبلد، وتُجيّد التسابُق لأجل هذا، وتُجيّد المُشاركة المُستمرة في “الوِرش” والمؤتمرات الخارجية مدفوعة القيّمة وتهرول لذلك وتحجز مكانها “الدائم فيها”، مُمارسة السياسة عندهم هي تلك الأشياء، ودونها لايستطيعون “التنفس”، ذات هذه المُمارسة يوضع لها عنوان لتبرير “الإقصاء” المُتعمّد هو “حصر العمل في إطار ضيق”، وبهذا أصبح المُتحكمون في القرار السياسِي وشؤون البلد أفراد بعدد أصابع اليدين، في بلاد تعدادها يُقارب الخمسين مليون سُودانية وسُوداني، يمتعضون إذا حدثتهم أو عملت ودعوت على تجديد دماء العمل السياسِي الفاعِل، يعتقدون أنهم الأوحد، يُحاربونك بشتى السُبل وأكره الوسائل وأقذرها إن حاولت “مُزاحمتهم” لأجل أن يكون لك إسهام أو فاعِلية أو مُشاركة في صُنع القرار السياسِي وخلق الحلول، وهم يعلمون جيّداً ويقيناً أنك تمتلك مقدراتها وأدواتها، مُنطلقاتهم “ذاتيّة” بحتة للأسف ومصلحتهم مع ذواتهم فقط، مع مرور الوقت هُم أنفسهم أصبحوا لا يرون إلا مجموعتهم “الصغيرة” هذه، ظلّ بعضهم يُمارس أعلى درجات “النرجسية” والتعالي ورفع “النخرة” ظنّاً منهم أنهم بهذا يُحافظون على مصالحهم في البقاء طويلاً في مواقع التمثيل عن الآخرين وبلا مُنافسة، يُمّهِدون طريقاً يسوقهم أو يُعيدهم لسُلطة هُم من “فرّطوا” فيها للأسف، ولنفوذ هُم من أضاعوه وأضاعوا معه ثورة عظيّمة جاءت بتضحيات ودماء والآم الشعب السُوداني وحملتهم لكراسِي السُلطة، مجموعة أدمنت ليس الفشّل وحده كما قال “منصور خالد” ولكنها أدمنت معه “موت الضميّر” و”حُب الذات” وتضخيّمها، بعضهم لا يقبل “نُصحاً”، ويعتقد أن كُل رأي مُخالف لهم هو طعّن فيهم، وأي إظهار لخطلهم وأخطاؤهم السياسِية والمُتكررة “حسد وغيرة” ضدّهم، وهذا عندي محض “غباء سياسِي” وجهل وبؤس كبير.
تجديد دماء وشرايين العمل السياسِي في السُودان في هذه المرحلة لوقف الحرب وما بعدها من الضروري والهام، وفك احتكارية العمل القيادي مطلوب وبشدّة، لا يُمكننا سجن بلادنا وشعبها رهن قيادات أخذت فرصتها بالكامل وفشلت في إحداث التغيير المطلوب، وفشلت في مُجمل النتائج، لا يُمكن “التفرج” عليهم والاكتفاء بلعب دور المُستسلم لهذا الواقع والمشهد “الشائه” والمعوج وبلادنا تضيّع وشعبها يُباد ويُطارد ويُشرّد، لا يُمكن انتظار الأفضل في ظل وجود “مجموعة” صغيرة هي “المُهيمنة” و”المُتحكِمة” في أمر المُشاركة وصُنع القرار السياسِي في بلادنا واتجاهات الحلول وإنتاجها، ليس مطلوباً في المرحلة القادمة “قيادات” سياسِية ورقية و”مصنوعة” و”مُكرّرة”، من ظلوا يُمارسون السياسة بهذا الفهم أو العقليّات التي تقف خلفهم وتستقوي بهم عليهم المُراجعة أو الإبتعاد، فالشعب السُوداني وبلادنا ليست حقلاً لتجارب هؤلاء وتحمُّل تبعات فشلهم وإخفاقاتهم ونتائجها، وليس على الشعب انتظار الأسؤا دائماً، فالمسيّرة لا تمضي دون تجديد أو فك للاحتكارية، ولن يسلم السُودان وتتحسن بيئة العمل والمناخ السياسِي العام فيه في ظّل استمرار نهج الإقصاء هذا ومحدودية المُشاركة، وأكبر كذبة يُمارسها هؤلاء المُمسكون و”المُكنكشون” والمُحتكرون للعمل القيادي هي ما يقولون بها “كذبا” و”نفاقاً” بوحدة القوى المدنية والثورية، وبتوسيع قاعدة المُشاركة وفك حلقة الإطار الضيّق والمُشاورات مع الآخرين حتي وإن اختلفوا معهم في أمور البلد وقضاياها وطريق واتجاهات الحلول لأزماتها.
في ذكرى انقلاب ٢٥ أكتوبر الذي مهّد لحرب الـ ١٥ من أبريل الحالية نرفع صوتنا عالياً برفض مُمارسة هذه “الأقلية” داخل القوى المدنية لأمر المُشاركة السياسِية وصُنع القرارات السياسِية، ونقف ضد احتكارية العمل القيادي فيها وحصره على “مجموعة صغيّرة” وأشخاص مُحدّدون ظلوا يتسيدون المشهد مُنذ “٦ سنوات عجافاً” ولا يزالوا يرفضون إعطاء الفرصة لغيرهم وهم من فشلوا حقاً في أداء المطلوب، بل وساهموا بشكل كبير جداً في هذا الواقع الحالي بكل مآسيه، وعلى من يقول إن على الآخرين أن يتقدّموا الصفوف نقول لهم أنه للأسف هنالك “مافيا” حقيقية ظلت مُرتبطة بتمرير أمر من يُشارك أو لا يُشارك ومن يحق له أن يُمارس واجبات العمل القيادي في بلادنا، و من يتم إقصاؤه ومُحاربته، وظلّ أغلب من فيها مُرتبطاً بشبكة وحلقات مصالح إما داخليّاً أو خارجيّاً، يقمعّون ويبعدون أي مُبادر وقوي وذو مقدرات حقيقية عن أي دور قيادي، وأصبح العمل القيادي ومُداورته تغلِب عليه طابع “الشُّلليات” و”التكتُلات” وطريقة “أصحاب أصحاب” وفقه “الحُب والكُره”، بعيداً عن أي تقديم أو تغليب لمصالح بلادنا والشعب السُوداني.
لن ينصلح حال بلادنا وتقف الحرب فيها، ونستعيّد عافيتها واسترداد مسارها الثوري والانتقال الديمُّقراطي في ظل هذا الواقع المُشوه والخاطئ، ولن تكون هنالك أي وحدة أو توسيّع لقاعدة المُشاركة داخل القوي المدنية في حال استمرار هذا النهج الإقصائي و الإحتكاري للقرار السياسِي والعمل القيادي الفاعِل والمُثمِر.
المصدر: صحيفة التغيير