فيلم «وداعا جوليا» محاولة جديدة للتصالح والتعافي بين السودانيين في البلدين
فيلم «وداعا جوليا» محاولة جديدة للتصالح والتعافي بين السودانيين في البلدين
* د. ضيو مطوك ديينق وول
أثار فليم “وداعًا جوليا” للكاتب والمخرج محمد الكردفاني، وهو أول فيلم سوداني يعترف بالمظالم التاريخية للجنوبيين، أثار ضجة كبيرة بمدينة جوبا، عشية دخول الحرب في السودان عامها الثاني، وهي حرب ينظر لها كثير من المحللين أنها ذات أبعاد إثنية، ربما تتطور إلى حرب أهلية تقصم ظهر الدولة، وخاصة إذا لم يتم تداركها بالسرعة، ويعد هذا الفيلم ثاني عمل فني توثيقي جريئ، يقوم به مثقفو شمال السودان، بعد كتاب “مذبحة الضعين” للأستاذين سليمان بلدو وعشاري محمد محمود في القرن الماضي.
رغم أن هذا الفيلم تناول قضية العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بين الجنوب والشمال في أواخرها، أي في نهاية آخر حكومة للسودان الموحد بعد دخول قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان إلى الخرطوم، حيث كان هناك توزان في ميزان القوى على الأقل، إلا أنها تشير إلى جزئية هامة وهي الظلم الاجتماعي واستعباد أبناء الجنوب.
إن السكوت أو عدم التحدث في هذه القضية الحساسة يهدد الأمن والسلام الاجتماعيين، وربما يعكر صفوة العلاقات الثنائية بين جوبا والخرطوم في شتى المجالات، رغم أن الشعب بجنوب السودان قد تجاوز هذا الأمر باللجوء إلى الشمال بعد اندلاع الحرب الأهلية في جنوب السودان، ووجد الاستقبال من أبناء الشمال، وكذلك استقبالهم لإخوانهم الشماليين الذين لجأوا إلى جنوب السودان نتيجة للحرب الدائرة الآن بين القوات المسلحة والدعم السريع في بلادهم منذ العام الماضي، إلا هناك بعض الشوائب والرواسب لدى بعض السياسيين والمثقفين يجب أن تزال بمثل هذه الأفلام والكتابات. هو أمر مهم جداً لتجاوز محطة الاحتقان التي ترويها القصص والحديث عنها بسلبياتها وهذا يساعد كثيراً في التعافي الاجتماعي وتقوية أواصر العلائق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وبالتأكيد هو حديث ذو بعدين، المظلوم يحكي والظالم يبرر بكل شفافية وبدون تهديد.
ولذلك نتمنى أن لا يحدث لأستاذنا المبدع محمد الكردفاني ما حدث للأستاذين سليمان بلدو وعشاري محمد محمود من مضايقات وتحرشات من قبل الحكومة نتجة لقيامهما بنشر كتاب عن مذبحة الضعين العام 1987، مما جعلهما يخرجان من السودان بلا رجعة حتى يومنا هذا.
فيلم “وداعا جوليا” لم يتطرق لاختطاف الآلاف من الأطفال والنساء في شمال بحر الغزال من قبل المراحيل في عهدي رئيس الوزراء الصادق المهدي “الديمقراطية الثالثة” وعمر البشير حيث يقال بأن الأعداد الكبيرة من النساء والأطفال المخطوفين ما يزالون متواجدين في السودان.
أيضا الفيلم لم يتطرق إلى المجازر التي راح ضحيتها الآلاف من أبناء جنوب السودان الأبرياء مثل مجازر 1965 في بور وواو وجوبا ومجزرة بابنوسة 1974 والضعين 1987 ومرة في جوبا 1992.
ورغم الاضطهاد والمعاناة والأوجاع التي تعرض لها المواطن الجنوبي في السودان، إلا أن الجنوبيين طووا الصفحة الماضية والآن يكنون كل الحب والود للسودانيين، طالما هذه المعاناة والاضطهاد نتج عنها الحرية والاستقلال.
* وزير الاستثمار بدولة جنوب السودان
المصدر: صحيفة التغيير