في تصعيد سياسي يحمل في طياته الكثير من المحاولات لتشويه صورة خصوم الإقليم، برزت فضيحة مدوية بعد بث قناة رسمية سودانية خبراً زائفاً عن إسقاط طائرة إماراتية محملة بمرتزقة كولومبيين في دارفور. كانت النية واضحة: توريط دولة الإمارات في نزاع محلي وتصويرها كمصدر للتدخل والعدوان. لكن هذه اللعبة السياسية انتهت بكارثة إعلامية ودبلوماسية حين كشف الإعلام الدولي زيف الرواية، وبدأت الحكومة الكولومبية نفسها في متابعة الأمر على أعلى المستويات.
هذه القصة لا تمثل مجرد فشل في التضليل الإعلامي، بل نموذجاً صارخاً لكيف يمكن للخصومات السياسية أن تتحول إلى إحراجات دولية تؤثر على سمعة الدولة وتضر بعلاقاتها مع شركائها وحلفائها. تدخل الرئاسة الكولومبية، وتوجيهها للجهات الدبلوماسية للتحقق من صحة الأخبار، أظهر أن الأكاذيب السياسية لم تعد محصنة، وأن هناك رقابة دولية مشددة على كل ما يُطرح من ادعاءات، خاصة تلك التي تتضمن اتهامات متبادلة وحساسيات إقليمية.
الأزمة التي تفجرت بسبب هذه الرواية المضللة أضرت بثقة المجتمع الدولي في السودان، وجعلت كثيرين يتساءلون عن مدى صحة الأخبار التي تصدر من مصادر رسمية، مما أثر سلباً على الموقف السوداني في المحافل الدولية. بالإضافة إلى ذلك، أضرت هذه الفضيحة بمصداقية الإعلام الرسمي، وجعلت الجمهور الداخلي في موضع الشك والارتباك حيال الروايات التي اعتاد عليها.
في عالم متصل وسريع المعلومات، لم يعد بإمكان أي جهة أن تتحكم برواية واحدة تمزج السياسة والإعلام، حيث تتنقل الأخبار والتقارير في لحظات عبر الحدود، وتخضع لأدوات تحقق صارمة لا تسمح إلا للحقائق بالنشر. وبهذا، فإن محاولة تحويل الخصومات السياسية إلى أداة تضليل قد تنقلب سريعاً إلى كارثة دبلوماسية وإعلامية، تكلف الدولة الكثير من الثمن على المستويات كافة.
في الختام، تبقى فضيحة “الطائرة والمرتزقة الكولومبيين” درساً مهماً في زمن تداخل السياسة والإعلام، ويؤكد أن سياسة التضليل ليست مجرد خطأ استراتيجي، بل قد تكون بداية نهايات مؤلمة في العلاقات الدولية والسمعة الوطنية.
المصدر: صحيفة الراكوبة