فشل محادثات القاهرة يُنذر بتصعيد مرتقب في السودان
يُنذر فشل محادثات القاهرة؛ لمناقشة ترتيبات انضمام الجيش السوداني إلى محادثات تستضيفها مدينة جنيف السويسرية، بتصعيد مرتقب في السودان.
وألغت أمريكا ومصر اجتماعًا كان مقررًا عقده مع وفد الجيش السوداني في العاصمة المصرية، لمناقشة ترتيبات انضمام الجيش إلى محادثات جنيف، المُتعلقة بوقف إطلاق النار وتوصيل المساعدات الإنسانية للبلاد.
وكان مقررًا أن ينعقد اللقاء يوم الثلاثاء الماضي، بين المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو، والحكومة المصرية، مع وفد الجيش السوداني، لكن المبعوث الأمريكي غادر القاهرة قبل أن يكتمل اللقاء.
وقال المبعوث الأمريكي في حسابه على منصة “إكس” إن “الحكومة المصرية كانت قد حددت موعدًا لاجتماع مع وفد من بورتسودان، ولكن قيل لنا إن الاجتماع سيُلْغَى بعد أن خرق الوفد البروتوكولات”.
وأصدر مجلس السيادة السوداني برئاسة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان بيانًا أكد فيه تلقي دعوة من أمريكا ومصر للتشاور بشأن تنفيذ اتفاق إعلان جدة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مشيرًا إلى أن الاجتماع التشاوري لم ينعقد لظروف تتعلق بالوفد الأمريكي.
يوم الأحد الماضي، أعلنت حكومة بورتسودان التابعة للجيش السوداني أنها سترسل وفدًا إلى القاهرة لمناقشة رؤية الجيش في إنفاذ اتفاق جدة، رغم مقاطعة الجيش محادثات جنيف، التي تُجرى منذُ الـ14 من أغسطس/آب الجاري، بمشاركة قوات الدعم السريع.
كسر البروتوكول
وقال السياسي السوداني، مبارك الفاضل، إن مصر وأمريكا ألغتا اجتماع القاهرة مع الوفد السوداني بشأن تنفيذ اتفاق جدة، بسبب كسر المسؤولين السودانيين بروتوكول الاتفاق على أسماء الوفد العسكري السوداني، وإضافتهم ممثلين للحركات المسلحة التي يرفض المجتمع الدولي والإقليمي مشاركتها في المفاوضات.
وأضاف أن “القيادة في بورتسودان رغم بيانها بأنها تراعي تضحيات الشعب السوداني والظروف المأساوية التي يعيشها، فإن مقاطعتها مفاوضات جنيف بأسباب واهية، ثم دفعها لمشاركة الحركات المسلحة في المفاوضات، يشير إلى غير ذلك”.
وأشار الفاضل إلى أن الحرب أوقفت كل أسباب الحياة في السودان، وجعلت الشعب مشرداً بين النزوح واللجوء، كما توقف التعليم والخدمات الصحية والصناعة، وأخيرا أوقفت الزراعة معاش 70% من الشعب السوداني.
ودعا الفاضل قائد الجيش السوداني إلى تحكيم صوت العقل، والتعاون مع الجهد الدولي القائم في القاهرة وجنيف لاتفاق على آليات إنفاذ اتفاق جدة، حتى تتوقف الحرب، ويتمكن المواطنون من العودة إلى ديارهم وأعمالهم، ونحافظ على الوطن والشعب، وعلى الجيش نفسه.
وبيّن أنه “لا مجال لتشكيل قوات دعم سريع أخرى من الحركات المسلحة، لقد فقد الشعب كل ما يملك ولم يتبقَ له غير أرضه وكرامته، والظرف التاريخيّ وضعكم أمناء عليه، فندعوكم إلى تحكيم العقل على العاطفة حتى تعيدوا للشعب أمانته، وتحفظوا له كرامته”.
احتدام القتال
بدوره، توقع الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، أبو عبيدة برغوث، أن يحتدم القتال بين أطراف الحرب في السودان خلال الفترة المقبلة، حال فشل محادثات جنيف.
وأكد لـ”إرم نيوز” أن دائرة الصراع ستتسع لتصل إلى مناطق كانت بعيدة عن الحرب، إذ يحاول كل طرف تغيير المعادلة على الأرض، مشيرًا إلى أن الجيش يبدو أنه قد حصل على أسلحة جديدة جعلته يماطل في الاستجابة لمحادثات جنيف، رغم أنها تحظى بزخم دولي وإقليمي واسعين.
وبيّن برغوث أن قوات الدعم السريع بدورها قد تصعّد عملياتها العسكرية لتصل إلى ولايات شرق السودان في القضارف وكسلا، إضافة إلى ولاية النيل الأزرق، المتاخمة لمدينة سنجة، التي فقدها الجيش السوداني مطلع يوليو/ تموز الماضي.
وأوضح أن المؤشرات كلها تذهب باتجاه سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الدمازين حاضرة ولاية النيل الأزرق، في الأيام المقبلة، لا سيما أنها ترابط على مسافات قريبة منها من اتجاه الشمال والغرب.
جرس إنذار
من جهته، رأى رئيس المكتب التنفيذي لحزب التجمع الاتحادي، بابكر فيصل، أن فشل منبر جنيف سيكون بمرتبة جرس إنذار بأن حرب السودان قد تدخل في نفق الحروب المنسية مثل “الصومال”، التي استمرت عقودا من الزمن دون أن يلتفت إليها المجتمع الدولي، أو يعيرها الاهتمام اللازم.
وقال فيصل، في تصريحات اليوم الخميس، إن المعاناة الإنسانية للسودانيين ستتفاقم مع ذهاب أطراف الصراع إلى القتال، وتراجع اهتمام العالم بالأزمة، متوقعًا أنها قد تصل إلى درجات غير مسبوقة من السوء مع تفشي الأوبئة مثل الكوليرا وغيرها، وغلاء السلع وندرتها، واستهداف المدنيين من قبل الطرفين المتحاربين.
وأضاف أنه “على الرغم من النجاح المحدود لمنبر جنيف في التوصل إلى اتفاقيات لفتح بعض المعابر لإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في أماكن سيطرة الطرفين المتحاربين، فإن الوصول الفعلي للعون يحتاج إلى آليات إنفاذ فعالة على الأرض غير متوفرة حتى الآن لضمان وصول ذلك العون للمحتاجين”.
وأوضح فيصل أن استمرار الحرب شهورا طويلة قادمة يعني ازدياد التدخلات الخارجية السالبة وتعزيز خطاب الكراهية والانقسام الاجتماعي، وتفاقم العنف واتساع نطاقه، مع الزيادة في انتشار السلاح، ما قد يؤدي إلى السير في طريق تفكيك البلد وتشظيه.
ورغم مرور 9 أيام على بدئها، يتغيب وفد الجيش السوداني عن حضور اجتماعات سويسرا التي تُجرى بمشاركة دولية وإقليمية واسعة، وقوات الدعم السريع.
وتهدف محادثات وقف إطلاق النار في السودان المقامة في سويسرا إلى توصيل المساعدات الإنسانية، وتشارك فيها قوات الدعم السريع، بينما يغيب وفد الجيش السوداني.
إرم نيوز
المصدر: صحيفة الراكوبة