فرحة اللبنانيين بوقف الحرب وتواصل أحزان السودانيين
مصباح أحمد محمد
فرح اللبنانيون أمس الثلاثاء بتوصل الوساطة الدولية والحكومة اللبنانية لاتفاق بين الكيان الصهيوني المعتدي وحزب الله اللبناني لوقف الحرب في جنوب لبنان وتمكين المدنيين من الجانبين من العودة إلى منازلهم، وحق لأهل لبنان أن يفرحوا بالاتفاق؛ لأنه سيرفع عن المدنيين معاناة الحرب وآلامها، وقد بذلت الحكومة اللبنانية كل جهدها لرفع المعاناة عن مواطنيها بالوصول لهذا الاتفاق الذي سيعيد الإستقرار للجنوب اللبناني، فحماية المدنيين وتحقيق السلام فريضة واجبة، (أفشوا السلام بينكم)؛ والجنوح للتفاوض أمر رباني.
وقال تعالى {وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} صدق الله العظيم.
بالرغم من أن الحرب في لبنان بين العدو الصهيوني المغتصب والمتعدي والمقاومة الوطنية، وهي حرب كرامة وجهاد في سبيل الله.
أما في بلادنا تتواصل المآسي والآلام، ويشعر السودانيون بالحزن والأسى لتطاول أمد الحرب الإجرامية وانسداد أفق الحلول نتيجة لحالة العناد والانفراد والرفض لقبول التفاوض والحوار وعدم الاستماع لصوت الرشد والحكمة لوقف الحرب وإنهاء المعاناة، في وقتٍ تقف فيه حكومة الأمر الواقع عاجزة تماما حتى عن مواساة المواطنين في أحزانهم وآلامهم، بل ويستغل بعض أطرافها من مشعلي الحرب الانتهاكات والجرائم المرتكبة بحقهم لتحقيق مكاسب سياسية.
في كل الحروب تضع قيادة أطراف الحرب التفاوض أولوية لتحقيق الأهداف إلا في حرب السودان، فإن الأطراف تعتمد الحرب وسيلة أساسية لتحقيق طموحاتهم غير المشروعة، وكل يوم يمضي بدلا من الاعتبار بما حدث ترتفع نبرة خطاب الحرب والوعود بمواصلة الصراع لو لمئة عام لحصد المزيد من الأرواح وتدمير المزيد من الممتلكات، وهذا هو الفرق بين الحروب الأخرى وحرب السودان الإجرامية.
كيف لمن يفرحون بالفيتو الروسي الذي حرم المدنيين من إدانة الانتهاكات المرتكبة بحقهم وتوفير الحماية وتسريع الدعم الإنساني لهم، أن يكونوا يحاربون لكرامتهم في حرب سموها حرب الكرامة وهي في حقيقتها حرب إهانةٍ ومهانة،
إن حرب السودان الحالية تعد من أسوأ الحروب في التاريخ الحديث التي انعدم فيها الوازع الأخلاقي والديني والمسؤولية الوطنية والشعور بالإنسانية، وسادت فيها روح الانتقام والقتل والتوحش والكراهية والعنصرية وانتهاك حقوق الإنسان،
متى يشعر هؤلاء بمدى فظاعة هذه الحرب وقد حققت حتى الآن عكس مقاصدها تماما، وبلغت من الكلفة البشرية والمادية ما يكفي؟!
إننا نؤمن أنه في نهاية المطاف سينتصر خطاب الحكمة الرافض للحرب والداعي للسلام الشامل والتحول الديمقراطي الكامل، ولكن ما يقلقنا هو أن يحدث ذلك بعد فوات الأوان، وبعد أن تبلغ الكلفة العالية منتهاها، ويكتمل مشروع التدمير الشامل، والتقسيم لوطن أنهكته الحروب والفساد والاستبداد،
{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} صدق الله العظيم
المصدر: صحيفة التغيير