فراعنة البجا .. والحرب بالأفيال ملك البجا مسكوج زعيم قبيلة الكرباب (قبيلة الأفيال)
آمنة أحمد مختار إيرا
قبائل البجا المجاي The Medja ، ظلت تسكن في مناطقهم التاريخية منذ آلاف السنين ، هذه الأرض الممتدة التي يفخرون بأنهم عندما يخطون فيها فيجب أن يخطو برفق ، لأن ترابها تكون من رفات أسلافهم عبر العصور .
فالتحية لشهداء البجا عبر العصور حراس البوابة الشرقية.
إحتك البجا تاريخيا حسب مصادر ومراجع التاريخ وكذلك الذاكرة الشعبية ، بقدماء المصريين والفينقيين والرومان والبيزنطينيين والمسلمين وعرب الحجاز ثم الترك والإنقليز سواء أن كان حربا أو سلما ، وزارهم الرحالة والباحثون عن الثروات للاستثمار في الذهب والمعادن النفيسة , وهاجرت إلى أرضهم قبائل عدة من الجزيرة العربية جاءوا لشرق السودان أولا ثم تشتتوا في بقية أنحاء السودان ، وكذلك سكن أرضهم وعاشرهم أفراد وعائلات من جميع أنحاء العالم القديم، وهؤلاء جميعا صاروا يفخرون بأنهم أبناء الشرق وأبناء إقليم البجا.
ففي كل مصادر وفترات التاريخ ، لطالما كان البجا مرحبون بكل من يأتيهم سلما ، شرطا أن يعترف بسيادتهم على إقليمهم الذي ورثوه عن أجدادهم سكان الكهوف والساحل والجبال والسهول. فكل قبيلة من قبائل البجا لها أرضها وحدودها ومسماها القبلي الذي صار يميزها عبر دورها التاريخي الذي رسمه لها أجدادها المدجاي والبلميين والميجا والتراقلديت ، وكل قبيلة مستعدة للدفاع عن حدودها ضد كل معتدي.
وتاريخ البجا حافل بالصراع والتصدي للغزو من مختلف الإمبراطوريات التي إحتكوا بها عبر تاريخهم ، فهم يعتبروا أكثر قومية خاضت صراعات مع قوى عظمى منذ فجر التاريخ ، ومع ذلك حافظت على أرضها ولغتها وتراثها رغم كل أنواع المؤثرات الخارجية ، وذلك في تحد عظيم للبقاء عبر التاريخ مثير للاحترام والفخر.
حتى صار من المعروف عنهم لدى كل المؤرخين أن البجا تؤثر ولا تتأثر .
فقد شهدت المنطقة كذلك مواجهات الحروب الصليبية التي شارك فيها البجا، وزارها سلسلة من الرحالة الغربيين والمسلمين والمستكشفين أمثال الرحالة فاسكو دي قاما وبركهارت وإبن بطوطة وكتبوا عنها الكثير. فقد ظل البحر الأحمر والمناطق المتاخمة له منذ فجر التاريخ منطقة حساسة في الصراعات الدولية وله أهمية بالغة استراتيجيا واقتصاديا وسياسيا.
…
(جاء أوَّل ذكرٍ للبجة (في المصادر العربيَّة) عند الواقدي في القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي) ؛ حيث ذكر أنَّ البيزنطيين استعانوا بملكي البجة والنوبة عندما حاصر المسلمون مدينة البهنسا (Oxernchus) في صعيد مصر ، ولبَّى ملكي البجة والنوبة دعوة البيزنطيِّين ، وأرسلا الجيوش لمصر.
وذكر الواقدي:
“أنَّ ملك البجة مكسوج أتى ومعه 1300 فيل ، عليها قباب الجلد بصفائح الفولاذ في كلِّ قبَّة عشَرة من السودان ؛ أي عليها 13000 مقاتل”.
ووُصِفوا بأنَّهم “طوال القامة ، عراة الأجسام ، على أكتافهم وأوساطهم جلود النمور وغيرها من الدرق ، والحراب ، والكرابيج ، والقسي ، والمقاليع ، والأعمدة الحديدية ، والطبول ، والقرون”. واستخدام البجة للأفيال في القتال في ذلك الوقت ربَّما كان فيه إشارة إلى التروجلودويت أسلاف البجة الذين كانوا يُصدِّرون الأفيال إلى جيوش البطالمة.
ولم يرد في المصادر العربيَّة الأخرى ما يؤيِّد رواية الواقدي ، ولكن ذكر ،(بوركهارت) ونقل عنه (بدج) أنَّه وجد في تاريخ مدينة البهنسا ما يُشير إلى وصول جيشٍ كبيرٍ من البجة والنوباديِّين بقيادة مكسوج ملك البجة وغالك ملك النوباديين لنجدة المسيحيِّين.
وقد تناولت المصادر العربيَّة البجة بصورة عامَّة حتى القرن الثالث عشر الميلادي ، فورد اسم البجة في القرن السابع الميلادي عندما دخل المسلمون مصر.
حيث ذكر إبن حوقل أنَّ (“عبد الله بن أبي سرح لمـَّا فتح مدينة أسوان وكانت مدينة قديمة أزليَّة كان قد عبر إليها من الحجاز ، قهر جميع من كان بالصعيد وبها من فراعنة البجة وغيرهم”).
جزء من مقال لبروف/ أحمد الياس حسين
…
الكرباب في الذاكرة الشعبية:
الملك ( مسكوجي) جد قبيلة الكرباب البجاوية . لا يزال الكرباب يتسمون بإسم الفيل (كرب) بلغة البداويت لغة البجا ، ووسمهم لا يزال هو أوروم أي (الروم) .
والسيف على شكل دقة الصليب إسمه عند البجا (ترومي) منذ زمن حروبهم مع الرومان .
المصدر: صحيفة الراكوبة