فتح المدارس والجامعات السودانية.. رفض شعبي وتحفظ رسمي
قوبل قرار فتح المدارس والجامعات بالولايات الآمنة في السودان، ردود فعل واسعة، أغلبها رافضة لهذا الاتجاه بالنظر لما تمر به البلاد من ظروف الحرب وعدم الاستقرار.
التغيير: عبد الله برير
وجد قرار مجلس الوزراء السوداني المكلف من الانقلاب والخاص بفتح المدارس والجامعات الحكومية والخاصة، استنكاراً واسعاً في الشارع العام وسط تحفظات من أجسام رسمية.
وكان رئيس مجلس الوزراء المكلف عثمان حسين أصدر توجيهاً من مدينة بورتسودان في ولاية البحر الأحمر بفتح المدارس في عدد من الولايات الآمنة التي لم تمتد إليها الحرب.
وجاء قرار حسين بناء على توجيهات رئيس مجلس السيادة الانقلابي عبد الفتاح البرهان.
وعقب تصريحات البرهان، وجه مجلس الوزراء بفتح الجامعات واستئناف الدراسة في جميع المدارس بالولايات التي تتيح فيها الظروف الأمنية ذلك، على أن يتم التنسيق مع كل الجهات ذات الصلة لتهيئة البيئة والظروف.
و حدد القرار، وفقاً لتوجيهات وزير مجلس الوزراء٬ بأن تكون نهاية اكتوبر الحالي أقصى موعد لاستئناف الدراسة.
كما أصدر وزير التعليم العالي قراراً بفتح الجامعات الحكومية والخاصة في المناطق الآمنة بحلول منتصف شهر اكتوبر الحالي.
وتشهد العاصمة الخرطوم معارك ضارية بين الجيش ومليشيا الدعم السريع منذ 15 ابريل الماضي، والتي امتدت لولايات دارفور وبعض أجزاء كردفان، مما خلف أوضاعاً أمنية وإنسانية واقتصادية معقدة.
تحفظ رسمي
وفي أول رد فعل رسمي على توجيهات فتح المدارس، تحفظ والي ولاية الجزيرة المكلف إسماعيل العاقب، على القرار في ظل الظروف الأمنية والإنسانية التي تمر بها الولاية.
وقال العاقب في تصريح صحفي، إن الولاية تضم 510 معسكرات للنازحين تستوعب نحو 5 ملايين شخص، وأشار إلى أن معظم المدارس تستخدم كمراكز للإيواء والخدمات.
ونبه إلى أن إخلاء هذه المدارس من النازحين سيؤدي إلى تفاقم المشكلة الإنسانية وسيفتح المجال لتدخلات خارجية غير مرغوب فيها.
وأضاف: “لا يمكن أن نخرج كل هولاء الأسر ونسكنهم في مخيمات ونفتح الفرصة أمام الإعلام العالمي أو المنظمات الأجنبية والعالمية ليبثوا أجندتهم”.
وقال العاقب إن الحرب أثرت سلباً على العملية التعليمية، وأقر بأن بعض المناطق لم تستطع إجراء امتحانات الشهادة الابتدائية بسبب الأوضاع الأمنية واستدرك بانه يعمل على حل هذه المشكلة بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم.
وتابع: “نحن في ولاية الجزيرة لدينا وحدتان إداريتان في شمال الولاية في منطقة الكاملين خارج الخدمة لم تمتحن حتى الآن، كان هناك امتحان بديل لم نقم بإجرائه نسبة لظروف الحرب نفسها”.
وكشف الوالي عن وجود مخاطر صحية ومشكلات في صحة البيئة والمخاطر الإجرامية، وأخرى أمنية.
لجنة المعلمين ترفض
وكانت لجنة المعلمين السودانيين، أعلنت رفضها القاطع لقرار وزير مجلس الوزراء المكلف بخصوص فتح المدارس.
وأكدت في بيان، رفضها للقرار على الرغم من أنها مع مبدأ فتح المدارس، وعدم تعطيل الدراسة لأي سبب.
وأضافت: القرار يجب أن يكون على مبادئ أساسية ترتكز على أن يكون التعليم شاملاً لكل التلاميذ ولا يصبح لمن يستطيع إليه.
وأكد بيان اللجنة أن فتح المدارس يواجه عقبات على رأسها عدم صرف المرتبات ووجود عدد كبير من المدارس كدور إيواء للنازحين بالإضافة لعدم توفر معينات العملية التعليمية من إجلاس وكتاب، ونزوح أعداد كبيرة من المعلمين والتلاميذ أنفسهم.
وقال المتحدث باسم لجنة المعلمين، إن قرار فتح المدارس غير ممكن، ولا يمكن أن يتم تطبيقه على أرض الواقع واصفاً هذا القرار بالمعيب.
وأضاف: لا يوجد منهج مدرسي، ولم يعرف بعد مصير طلاب الشهادة السودانية، والمعلمين لم يتحصلوا على مرتباتهم منذ أبريل الماضي.
وألمحت لجنة المعلمين إلى أن بالقرار شبهة مجاملة وتواطؤ مع أصحاب المدارس الخاصة، الذين نقلوا نشاطهم إلى الولايات الآمنة أو إلى خارج السودان.
أمراض وغلاء
وكان مواطنون، خاصة النازحين من الخرطوم للولايات الأخرى، عبروا من خلال وسائط التواصل الاجتماعي والنقاشات العامة، عن امتعاضهم لهذا القرار الذي لم يراعِ ظروف الفارين من الحرب، والأوضاع الإنسانية القاسية التي يعانيها معظم السودانيين حتى في المناطق الآمنة نتيجة الحرب التي قاربت على إكمال شهرها السادس.
وياتي القرار في ظل معاناة بعض الولايات من تفشى حمى الضنك وانتشار الكوليرا ومشكلات صحية أخرى، فضلاً عن تدهور صحة البيئة على أعقاب فصل الخريف وتدني الخدمات الصحية نتيجة تكدس النازحين في الولايات الآمنة.
وتعاني معظم الولايات من قطوعات في الكهرباء والمياه مع أزمات وقود متقطعة وغلاء فاحش في الأسواق.
المصدر: صحيفة التغيير