فاشر الصمود ومتحرك الصياد


الطيب النقر
في الحق أن القوات المتواجدة في الفاشر ماضية في جهادها لا تلوى على فعل شيء، ولا يصدها عن هذا شيء، وقوات الدعم “الصريع” على تباعدها، واختلافاتها، وخصوماتها، وضعفها ووهنها، وهوانها، أخلصت إلى فكرة وهي تسعى في سبيل تحقيقها، فكرة احالتها إلى واقع دونها خرط القتاد، ففكرتها أضاعتها الأحداث والخطوب، وشكيمة الجند الذين ينتشرون في تلك الرقعة التي يملأها القلق، ويملأها الاضطراب، ويحيط بها الموت الزُّؤام، فالجنود الذين يناضلون عن الفاشر بيد، ويدافعون عنها بسهم، في صبيحة كل يوم، تستشعر قلوبهم، تلك القوة التي تكفل لهم أن يدحروا أحلام عربان الشتات، ويبعثرونها على عتابات مدينتهم التي تستخف بالأهوال ساعة من نهار، أو ساعة من ليل، جنود القوات المسلحة، والقوات المشتركة بجميع أطيافها، وقاطني المدينة، الذين يشاركون في النزال في عزم واستبسال، نستطيع في يسر وسهولة أيها السادة، أن نجمع لهم قصصاً مشوقة من الشجاعة، والبذل، والنضال، ثم ننشرها في كتاب مستقل، كتاب يلائم حاجة زعماء تلك الدولة الغضة التي تدعم أراذل الدعم الصريع، علّهم يقرؤنه، ويتفكروا فيه، ثم ينتفعوا بعد ذلك بما قرؤه، وبما تفكروا فيه، كما يقول عميد الأدب الضرير، عسى ولعل حينما يفرغوا من تقليب أحرفه وصفحاته، أن يصوروا لنا مقدار الدهش الذي انتابهم، حينما تحققوا من شجاعة أهالي تلك البلاد، تلك الشجاعة التي سوف تكلفهم جداً إلى جد، وكداً إلى كد، وانفاق يتبعه انفاق، وينتهوا إلى حقيقة مفادها أنهم في الواقع كلما دنوا من غايتهم الخبيثة، بعدت عنهم تلك الغايات.
إن القوات المسلحة، والقوات المشتركة، وخواضي الغمرات، الذين يفزعون إلى الحرب، ويأنسون بها، قد تحملوا وطأة هذه الهيجاء المستعرة، ونهضوا بأثقالها، لأنهم يوقنون في قرارة أنفسهم بأن الدعة، والراحة، لم تخلق لهم، كل الناس يحتاجون إلي الراحة والخمود عدا هم، هم في حقيقة الأمر يجدون لذتهم وراحتهم في مجابهة مليشيات مارقة مقيتة، مطالبها لا تنقضي ولا تعرف الرفق، فالمليشيا لا تؤمن بقيم، ولا تؤمن بعرى أو وطن، هم فقط يقتحموا الوغى، ويستأنفوا العراك، لأنهم ببساطة “تتر” هذا العصر لا أقل ولا أكثر، وطبيعة “التتر” كما نعلم هي البعد عن الحق، والظفر بالشهوات، والايغال في المُنْدِيات.
الدعم الصريع، ومن يساندونه، لم يدركوا بعد، أن هجماتهم على تلك المدينة الصامدة، هباءً لا خطر له، ولا غناء فيه، وأنه ما زال يجهل رغم مرور أكثر من سبعة أشهر من اندلاع معاركه لاسقاط تلك المدينة أن الليوث الضراغمة، والقواد القماقمة في الفاشر تنتظر مقدمه في أمل ولذة، لأنها تستمع برؤية ضجيج رقصه وحركته، كلما أطلق جبان فْشِل من جبناء الدعم الصريع ساقيه للريح، و هرب من ساحة المعركة، والهروب هو ديدن قوات الدعم الصريع، ولعل قرار الفرار من المعركة، وادارة الظهر لها، هو القرار الصائب الوحيد الذي يتخذه كل فرد منهم في حياته بأسرها، وذلك كلما ثار النقع، وحمي الوطيس، وبلغت القلوب الحناجر، فالجندي من الدعم الصريع، الذي نمنحه بغضنا في غير تحفظ، يفر لأنه يجد نفسه محفوف عن يمينه وعن شماله بالخطر، يولي الدبر وهو مشفق من العودة ، ومتردد في اجلاء جرحى رفاقه، ومحجم عن دفن صرعاه، يحدث كل هذا قبل أن تنقض عليهم جحافل متحرك”الصياد” الذي لا ينقطع هديره وزئيره، ولا تنقطع أحاديث الناس عنه، متحرك الصياد الذي كله نذر وأهوال، والذي يتوجس منه كفيل الحرب في الخليج العربي، وتشفق منه قوات الخزي والعار، وترتعد فرائصها منه، لأنه سيفض الحصار على مدينة الفاشر، ولأن قوات المليشيا المارقة، لن ترى منه سوى الحزم والصرامة والعلقم المر.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة