أطياف

صباح محمد الحسن

طيف أول:

ستكمل الأرواح طوافها الأخير

في موعد السلام الذي أرهق الصبر

وتعثّر كثيرًا بساعات الانتظار،  ولكنه آتٍ.

ويبدو أن وجود تحالف تأسيس الجناح السياسي لقوات الدعم السريع هو الذي جعل القوى المدنية الرافضة للحرب لا تمانع الجلوس مع القوى السياسية الداعمة للحرب؛ فالداعمون للجيش من القوى المدنية يقفون في خط سياسي موازٍ للقوى المدنية الداعمة للدعم السريع، وهذا ما جعلنا من قبل نتحدث عن أن حكومة تأسيس هي خطأ كبير يضر بالوحدة المدنية في المستقبل القريب لطالما أن هذه الحكومة لن تصمد طويلا.

ويبدو أنه؛ ولهذا السبب أكد الناطق باسم تحالف “صمود”، جعفر حسن، رفضهم للحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، لكنه قال:(ندعو لتشكيل لجنة ثلاثية تضم الأطراف السياسية الداعمة للطرفين)..

والعمل من أجل وقف الحرب في السودان قد يبرر هذه الضرورة، ويجعل “صمود” تستجيب للدعوة التي لخصت اجتماعات بورتسودان إلى إطلاق حوار دون إقصاء.

لكن ذلك قد لا يسمح بإعادة إنتاج المواقف السياسية التي تسببت في الحرب، والدخول في حوار سياسي مع ذات الوجوه القديمة التي عادت هذه الأيام إلى المنابر من جديد، لتعيد لحنها المشروخ بالحديث عن حوار سوداني “دون إقصاء”، بالرغم من أنها بدأت شرارة الحرب بالاستناد إلى هذا الخطاب، عندما تبنت الجهر بالعداء للثورة وحكومتها حتى تحقق الانقلاب، وعندما فشلت في الحكم تحت مظلة الانقلاب ودعمت الحرب، تعود الآن لتحدثنا عن حوار “سوداني سوداني” من أجل وقف الحرب التي أشعلتها وساهمت في قتل ملايين السودانيين وتشريدهم.

فبعد أن رأت أن خطوات المجتمع الدولي لوقف الحرب تقف على أبواب التنفيذ، أدركت أنه لا بد من اللحاق بالركب، في الوقت الذي ما زالت حربها تحصد أرواح المواطنين الذين يموتون في الفاشر والمزروب.

وغريب أن يخرج مصطفى تمبور، رئيس حركة تحرير السودان ونائب حاكم دارفور، ليتحدث عمّن يشارك في الحوار السوداني، ويقول إن القوى المدنية التي وقفت ضد الحرب قد لا تكون معنية بدعوتهم، لأنها وضعت يدها مع دول معادية للسودان، وهذا الحوار سوداني.

وينسى تمبور أنهم أعداء الشعب من داخل السودان؛ فالبقاء في الوطن والانتماء، لو كانت قيمته جغرافية، فالسلطة العسكرية الكيزانية اتخذت من أرض الوطن مقامًا، لكنها قتلت وسرقت ودمرت وشردت.

والقوى المدنية الرافضة للحرب الآن تحاول أن تمهد طريقًا سياسيًا لتنفيذ ما رسمته الرباعية، والتي شخصت الأزمة بطريقة واضحة، وحددت نقاطها الجوهرية لعملية وقف الحرب.

لكن يبدو أن الداعمين للحرب يريدون استغلال ذلك في عملية تدوير الموقف السياسي المستهلك، بلغة ما قبل الحرب وما قبل الانقلاب.

والملاحظ أن حديث الناطق الرسمي باسم “صمود”: (عن تشكيل لجنة ثلاثية تضم الأطراف السياسية الداعمة للطرفين، والقوى المدنية الرافضة للحرب، من أجل الحوار).

هو حديث يشير إلى أن “صمود” ليس لديها مانع من اللقاء بالقوى السياسية الداعمة للحرب، لكن هذه القوى لمّحت بالرفض حسب تصريحات مصطفى تمبور، وهو ما يستدعي التعجب!!

ووقف إطلاق النار في الحرب الدائرة يجب أن يقرره طرفا الحرب بالجلوس إلى طاولة واحدة عبر منابر السلام، وهو ما كشف عنه الناطق الرسمي لتحالف “صمود”:

(إن الطرفين وافقا على العودة إلى اتفاق منبر جدة لمواصلة الحوار حول القضايا العسكرية، وهو الحوار الذي يتم فيه الاتفاق على وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية).

لذلك، فإن الكتلة الديمقراطية إن أرادت أن تدعم الجيش في السلام، ولا تكون حجر عثرة، فهذا موقف يدعم خطة السلام، لكنه لا يعفيها من أنها شريكة حرب، ولا يسمح لها بالتسول السياسي من جديد!!.

لذا، فإن حديثها عن حوار لا يستثني الإسلاميين هو إفلاس سياسي، لأن القضية تجاوزها الداخل والخارج.

أما حالة المتاهة التي تسببت في الهجر السياسي والإعلامي لميدان الحرب هذه الأيام، والانتقال المفاجئ لداعميها من مضيقها إلى أفق السلام، فما هي إلا محاولة لغسل الأيادي من دماء الشعب السودان وتقليل من حجم معاناته وفقده.

فلا وقت للمواطن الصابر المنتظر أن يأتي من جديد عبر شباك تذاكر التضحية ليشاهد ذات المسرحيات السياسية المكررة.

طيف أخير

قرار متوقع بإلغاء الاتهامات التي أصدرتها النيابة العامة بحق القوى السياسية والمدنية، وعدد من الصحفيين، بالإضافة إلى قرارات أخر

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.