عيد سعيد ، أفراح تتجدد وأمنيات مباركة
د. الهادي عبدالله أبوضفآئر
بأي حال عدت يا عيد .. لا بيوت تترتب ولا ملابس تتبدل ، وبينما نحن في عمق التفكير وفي عتمة من الليل وهدوئه تتناثر الأمنيات ، رغم الجور ومرارة النزوح أو البقاء وسط صوت الدانات نقول كل عام والجميع بألف خير. كما يقول اهلنا الطيبون (سيد الخير الله يديه) و(سيد الشر الله يمحى منو) وفي ظلام الليل المدلهم حيث تتوهج النجوم ببريقها الساحر ، ينطلق صوتٌ خافت يتردد في أروقة العتمة ، محاولاً كسر صمت الليل الذي يحيط بكل شيء : ربنا يحقق ألاماني والأحلام.
يبن احزان الغربة وألم شتات الأحباب قلبي يرنو إلى تفسيرات الغياب ونغمات العتاب. لا أعشق اللوم ولا أتكيء إلى الجفاء وسادةً ، ولا أميل إلى التناسي منهجاً. قد تمر فترات تجعلني مقصراً في حق الجميع ، تلك الفترات التي ترسم على وجهي بصمات من الحيرة والأسى. فاليوم ، لا يغيب أحد إلا وراءه أسباب. فعذرا لكل من قصرت في حقه.
نستقبل العيد وسماء ووطنا مُلبدة بالغيوم وأجواء الحزن في كل مكان انعكست علينا أثارها الموجعة. أسأل الله العظيم ، رب العرش العظيم ، أن يحفظنا من شتات الأمر ومس الضر وضيق الصدر وتقلب الدهر.
من بلد طيورها عجم تتسلل إلى اعماق قلبي ، شوقاً إليكم جميعاً تحمل في طياتها الدعاء والتضرع ، تتغلغل في سويداء القلب مثل نسيم الربيع الذي يعانق أرجاء الأرض بلطفه ورحمته. وسط هذا السكون الذي يخيم على العالم ، تتجلى الأمنيات والأمل ، الأماني تتحقق والأقدار تتبدل ، ويسري الدعاء كالنسيم العليل ، بصوت خافت يرتفع نحو السماء (اللهم انت السلام ومنك السلام) نسألك اللهم السلام. وقلوبنا تصلي على نبي الهدى والرحمة (اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين) كلماتٌ تحمل في طياتها الحب والتضرع ، تسبح في فضاء السماء كالفراشات الجميلة، تنثر البركة والخير حيثما حلت ، تملأ الأرض بنورها وسلامها ، تحمل معها رسالة الأمل والتفاؤل إلى كل قلب مكلوم.
الكثير منا يستقبل العيد بألم وحزن فراق الوطن وخطى الأيام تتسارع ، ونحن هنا رهن إرادة القدر ، لا ندري متى وكيف سنفارق هذا العالم المليء بالحزن والأسى .. لا ندري من منا سيبقى بعد رحيل رمضان. وما أشد الألم أن نفارق دنيانا وقلوبنا مليئة بالأحاديث التي لم تُقل والأمور التي لم تُنجز. في هذه الليلة أتوجه بعتبي الخفي وعذري ملؤه الصدق أسألكم بقبول اعتذاري ، وأدعو الله أن يرزقني ويرزقكم السعادة والسلام.
إلى الذين يحملون في قلوبهم خدوشاً صغيرة منا ، فليعتقوني لوجه الله ، فأنا هنا لأنثر السماح وأبذل العفو لكل الناس. وفي النهاية ، أشهد الله أني قد عفوت عن الجميع ، وأتمنى أن تنساب العافية والسلام بين قلوبنا كنهر نيلنا الجاري الذي يشق ارض الوطن يهب الخير للجميع. وعقبال الخير ، يترادم وتزدهر الأماني ، وتمشي الدنيا دغرية ، لنحيا بسلام وحب وتسامح ، وكل عام وأنتم بخير وسوداننا بألف خير نسأل الله ان يجمع الشمل ويلم الشتات.
ختاماً نسأل الله أن تتساقط الأمنيات كأمطار الرحمة ، تغمر الأرض بعطفها ورحمتها ، تنعم الأرواح بسكينتها وسلامها ، تسعد القلوب بحبها وتضرعها ، فتشعر النفوس بالراحة والطمأنينة وتتجلى عظمة الخالق في كلمات الدعاء الجميلة والمميزة.
نسأل الله أن يجمع الشمل ويلم الشتات.
المصدر: صحيفة الراكوبة