اخبار السودان

عودة الخرطوم الصامدة !!

[رؤيتي]

التاج بشير الجعفري

 

يوم الأربعاء الأغر، السادس والعشرون من مارس ٢٠٢٥م، إختلطت مشاعر العزة والشموخ والإباء بالفرحة العارمة بإسترداد ولاية الخرطوم كاملة غير منقوصة من دنس التمرد اللعين وعودتها لحضن الوطن الكبير ..

تحرير الخرطوم الصامدة وتطهير ترابها من دنس التمرد له وقع خاص في النفوس، كيف لا وهي عاصمة البلاد ورمز السيادة الوطنية ومركز الثقل السياسي والإقتصادي، فضلا عن أنها المقر لكل الوزارات والمؤسسات الحكومية وغيرها.

تكتسب الخرطوم هذا الشرف والمحبة لأنها ظلت على الدوام مقبرة للغزاة والطامعين وهي صامدة تناطح في زهوها عنان السماء ساخرة ممن يحاولون عبثا النيل منها ومن هذا الوطن العظيم.

حق لنا أن نفرح بفك أسر هذه المدينة الشامخة من هؤلاء الأوباش الطامعين.

وبعد أن حطت طائرة رئيس مجلس السيادة، الفريق البرهان، في مطار الخرطوم معلنة هذا النصر المبين يمكننا أن نقول بالصوت العالي والفم المليان أن حقبة قاتمة وصفحة مظلمة قد طويت بدحر هذه المليشيا المتمردة إلى الأبد؛ والأهم أن نفس المصير ينتظر كل من يحاول النيل من وحدة هذا الوطن وسلامة أراضيه.

يجب أن نؤرخ لهذا اليوم (يوم تحرير الخرطوم) ليكون بداية عهد جديد لأرض النيلين وشعبها الكريم .. عهد نحلم ونتوق أن تتوافق فيه الرؤى وتتلاقى فيه الأفكار وتتصافى فيه النفوس المخلصة والمؤمنة بوحدة هذا الوطن العزيز وسيادته مع ضرورة المحافظة على قيم شعبه وإحترام تقاليده وموروثاته.

ورغم أن المقام مقام فرحة إلا أنه ينبغي التذكير بأهمية الإستفادة من الدروس والعبر التي أفرزتها هذه الحرب التي لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن تستمر كل هذه الفترة وأن تحدث كل هذا الدمار في مقدرات البلاد وممتلكات الناس.

وبرغم الخسائر الكبيرة في الأرواح والممتلكات التي سببتها هذه الحرب اللعينة إلا أنها، بلا شك، ارست حقيقة راسخة على الأرض وهي أن قواتنا المسلحة الباسلة هي صمام الأمان لهذا الوطن والضامن الوحيد لوحدته وسلامة اراضيه .. وأنه لا مكان للخونة والطامعين تحت أي مسمى.

لقد سطرت قواتنا المسلحة أسمى معاني الصمود والعزة والشجاعة بعد أن تمكنت، بفضل الله تعالى وعونه، من دحر هذا التمرد اللعين وكسر شوكته وهي بذلك تظفر بقدح السبق بتمكنها من تكذيب الكثيرون الذين ظنوا أن التمرد الغاشم سيبتلع البلاد كما حدث في بلدان أخرى ظلت رهينة لمثل هذه المخططات الخبيثة التي يراد منها العبث بمقدرات الشعوب وجعلها رهينة لتوجهات طائفية أو قبلية أو جهوية ضيقة.

القوات المسلحة كذبت كل هذه التصورات الواهمة وإنتصرت في معركة ما كان لها أن تنتهي إلا بدحر وزوال هذه المليشيا المتمردة.

درس آخر مستفاد وهو ضرورة العمل الجاد والمخلص لإحلال السلام الشامل في ربوع البلاد، وضرورة أن تنتهي كل هذه الكيانات المسلحة؛ فالسلاح يجب أن يكون حصرا على القوات المسلحة لا غيرها.

أيضا نحتاج للبحث عن حلول للتحديات المجتمعية التي أظهرتها هذه الحرب، وضرورة العمل على تأمين المجتمعات من خلال بث الوعي وإشاعة ثقافة السلام والمحبة بين أفراد المجتمع.

نحتاج لمراجعة السلبيات والأخطاء التي كشفت عنها هذه الحرب وما صاحبها من نزوح وتداعيات إنسانية متمثلة في نقص الغذاء بسبب قيام المليشيا المتمردة بنهب المحاصيل الزراعية.

نحتاج لإعادة ترتيب علاقاتنا الدولية والتركيز على بناء تلك العلاقات على أسس راسخة تحكمها المصالح المشتركة وتستفيد عبرها البلاد في كافة المجالات.

أما التحدي الأكبر الذي سيواجه الدولة فهو إعادة إعمار ما دمرته الحرب وما يتطلبه ذلك من جهود للتواصل مع المجتمع الدولي وقبل كل ذلك إعداد الخطط والبرامج التي تضمن التعافي السريع وتعيد وضع الدولة في المسار الصحيح للنهضة والتعمير.

الحرب شر مستطير؛ وليس عاقل من ينادي بها ولكنها كانت لازمة وواجبة لوضع الأمور في نصابها ودحر هذه المليشيا المتمردة الغاشمة ووأد أطماعها غير الواقعية والتي تهدف من خلالها لتفتيت وحدة البلاد وتشريد أهلها ونهب ثرواتها.

ختاما .. نجدد الدعوة الصادقة أن يلتقي كل المخلصين والحادبين على وحدة البلاد على كلمة سواء وأن يعملوا باخلاص للوصول لتوافق بحد أدنى على الأجندة الوطنية التي تصون وحدة البلاد وتحافظ على ترابها ومواردها ومقدراتها، وهذا لعمري هو المخرج الوحيد من كل الأزمات السياسية التي تفتح الباب لإستدعاء التدخلات الأجنبية التي هي أس البلاء في هذا العالم الملتهب والمليء بالنزاعات والحروب.

نسأل الله تعالى أن يحفظ بلادنا بحفظه المتين🔹.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *