عمر عشاري ينعي مقهى رتينة: اليوم احترق المبنى الذي احتوى رتينة منذ العام 2018 ومن قبلها ونسة
عمر عشاري ينعي مقهى رتينة: اليوم احترق المبنى الذي احتوى رتينة منذ العام 2018 ومن قبلها ونسة
لا علم لي ماذا حصد الحريق ولكن من الفيديو الملحق يبدو أن الحريق كبير جداً وفي ظل عدم وجود عربات اطفاء اتوقع ان يقضي على هذه الأمكنة تماماً.
أتمنى فعلا ألا يتسبب الحريق في أي ضرر لأشخاص.
أنا اتقبل هذه المصيبة بجلد وصبر كما تقبل الشعب السوداني مصائب عديدة في الأرواح والأملاك جراء هذه الحرب وراضٍ بقضاء الله وقدره كامل الرضا.
اتذكر هذا المكان بذكريات طيبة وبضمير نظيف أنه كان مشروعاً فتح بيوتاً لأسر العاملين فيه والنساء اللائي تعاون معه بصناعة الحلويات، وأذكرهم جميعاً بحسن الأخلاق وأنهم جميعا تلقوا هذا الخبر بألم قد لا يقل عن ألم صاحبه، وكانت مواساتهم صادقة مما خفف كثيراً من المصاب.
هذا المشروع بالنسبة لي كانت أهدافه تتجاوز الأهداف الربحية وكان مشروعاً متمسكاً بقيم الخير لم يتهرب يوماً من دفع ما عليه للدولة ولم يدخل فيه مليم واحد بالحرام الذي بذلت كل جهدي ألا أقربه، وأسس بكامله بمالٍ لم تدخله الريبة وفي هذا كامل العزاء.
الفيديو الملحق ذكر أنه تعرض للقصف ولكن لا معلومة لدي أن هذا مؤكد
قد يكون ضربة من قبل الطيران أو قذيفة من قوات الدعم السريع
ولكن هذا غير مهم
ولا أستطيع أن أقع فريسة الهواتف التي قالت إن بلاغاً رفع لتواجد قوات الدعم فيه أو قربه، لذلك قصف
إن الكتابة مسؤولية، ولا يمكن تأكيد ما هو غير مؤكد وكل الاحتمالات راجحة
هذا المحل يحتوي كتباً قمت بتجميعها على مدى سنوات طويلة هي أكثر من عشر سنوات وأزعم أنه يحتوي مكتبة متنوعة من أكبر المكتبات في السودان، ولوحات جمعتها من دول عديدة إضافة لما يحتويه من أثاث وأجهزة كهربائية ومعدات مختلفة وقمت بتعديل المبنى وبالبناء فيه حتى أصبح بالشكل الذي ألفه رواده.
إن أحزاننا الشخصية على مقتنياتنا وأملاكنا واستثماراتنا الصغيرة هي نقطة في محيط الحزن الكبير على بلادنا العزيزة التي دمرتها الحرب وعلى مواطنين فقدوا حياتهم فترمل من ترمل وتيتم من تيتم وأصيب من أصيب وفقد من فقد وهذا الوجع العام والحزن الكبير يبتلع أي أحزان خاصة ويجعلها صغيرة بحيث أنها لا ترى بعين المصاب المتسعة
اللهم إني اتقبل ذلك بالرضا التام والصبر الأكيد والعزيمة الصلبة وأعلم أن تقديرك هو النافذ.
أود أن أشكر كل من احتفى بهذا المكان يوماً أو شرفه بالقدوم منكم جميعاً أو تابع فعالياته من دول المهاجر والاغتراب، وعلى كلماتكم اللطيفة التي طالما كتبتموها بكامل الحب.
أما العاملين فيه فقد كان هذا المشروع بيتهم وأحبوه بصدق ولا أظنني قادر على رد جمائلهم وعلى كل من أهدانا فيه هديةً أو ساهم فيه بالمال في أوقات مختلفة.
سيعود السودان يوماً وسيصبح أحسن مما كان
وتعود مشاريعه الكبيرة
وملتقياته الصغيرة كرتينة
ومصانعه المهدمة
وستضج الأصوات ويعود الهتاف وتغرد الأغنيات
وإن احترقت كل الأماكن
فان الحريق لن يقوَ يوماً أن يصيب مكامن الحب لبلاد هي بلادنا التي نهوى والتي هي كل ما لدينا.
المصدر: صحيفة التغيير