أحد أبراج شركات الإتصالات


في الوقت الذي تعلن فيه شركات الاتصالات الكبرى في السودان مثل زين وسوداني وإم تي إن عن توسع شبكاتها وتطوير خدماتها، يعيش مئات العاملين في الشركات الأمنية المتعاقدة معها بمدينة ود مدني أوضاعاً معقدة تتعلق بالحقوق الأساسية، أبرزها المرتبات والتأمينات الاجتماعية.

ود مدني: التغيير

مدير شركة الهدف للخدمات الأمنية بمدني، الأستاذ علي النعيم، أكد لـ”التغيير” أن الشركة حرصت على صرف مرتبات الخفراء حتى في فترات الحرب التي لم يكن أغلبهم يعمل فيها.
وقال: “صرفنا المرتبات على دفعات، والآن الدفعة الأخيرة قيد الإجراءات. الشركة لم تحاسبهم على أنهم لم يكونوا يعملون، بل التزمت بما عليها.”

وأوضح النعيم أن ضعف الرواتب يعود بالأساس إلى ضعف العقود نفسها مع شركات الاتصالات:
“مرتبات بعض المواقع تفوق حتى مرتبات بعض الدستوريين. لكننا نعمل في إطار عقود ضعيفة مع شركات الاتصالات، وهذا ينعكس على الرواتب.”

مدير شركة الهدف بود مدني

العمال: بين الوعود والواقع

على الجانب الآخر، لا تخفي شهادات العمال حالة الغضب. يقول العامل (م.أ) الذي يعمل في محطة تابعة لشبكة سوداني:
“نحن نعمل أكثر من 12 ساعة يومياً، وأحياناً نستدعى للطوارئ لإصلاح الأعطال أو استلام الوقود، ومع ذلك نبقى شهوراً بلا راتب. نذهب إلى الشركة فيقولون إن سوداني لم تدفع، وحين نذهب إلى سوداني يقولون إنهم سلّموا مستحقاتهم للهدف. طيب نعيش كيف؟”
العامل (ع.م) يروي معاناة أسرية قاسية: “لدي أسرة كبيرة وأحد أطفالي يحتاج إلى علاج مستمر، لكن المرتب لا يصل. وعود بالتأمين الاجتماعي والحقوق كانت كلاماً فقط. لا تأمين ولا ضمان، فقط تعب وضياع.”

المحاسبة: مسؤولية ليست عندنا

من جهتها، أوضحت الأستاذة فائقة، محاسبة ومسؤولة المرتبات بفرع مدني، أن دورهم يقتصر على الصرف بعد تحويل المرتبات من الخرطوم: “نحن فرع مدني، ترسل لنا المرتبات فنقوم بالصرف. حكاية سداد أو عدم سداد ليست من اختصاصنا.”
كما أشارت إلى أن بعض الأبراج خرجت من الخدمة منذ فبراير 2025، وأخرى لم تدخل الخدمة بعد، وهو ما يُخضع مواقع الحراسة للمراجعة المستمرة حتى لا يُظلم الخفراء في مستحقاتهم.

غياب الشفافية وثغرات القانون

الخبير القانوني الأستاذ (س.ع) أوضح أن القانون السوداني ينص على مسؤولية تضامنية بين الشركة المتعاقدة (الاتصالات) والشركة الوسيطة (الأمنية) تجاه العمال:
“العامل من حقه أن يطالب أي جهة متعاقدة بمستحقاته، لكن غياب الرقابة وضعف النقابات جعل العمال الحلقة الأضعف.”

بين الشد والجذب

بين حديث الإدارة عن التزاماتها وصرف المرتبات على دفعات، وشهادات العمال عن تأخير يمتد لأشهر وربما سنوات، تبقى الحقيقة أن العامل البسيط هو الخاسر الأكبر.
وبينما تتبادل شركات الاتصالات والشركات الأمنية الاتهامات حول التأخير، يظل الخفراء في شركات الاتصالات بمدني يعيشون قلقاً يومياً بين انتظار المرتب، وتزايد أعباء المعيشة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.