عتاب وتساؤلات مفتوحة في بريد السيد مني أركو مناوي
إبراهيم سليمان
السيد مني أركو مناوي ، رئيس حركة/جيش تحرير السودان ، “حاكم إقليم دارفور” .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما تعاظمت إرهاصات المواجهة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وعندما دنت سحائب الحرب من سماء الخرطوم ، وفي لحظات الصدق من النفس ، في فيديو مهم ، وجهتم نصيحة غالية وصادقة للفريقين البرهان وحميدتي بعامية ، قائلا فيما معناها : “أخوانا في القوات المسلحة ، وأخوانا في الدعم السريع ، أن الصراع المتصاعد ، والذي نرى رويدا رويدا مستويات التحشيد العسكري ترتفع ، والتحريض الداخلي من بعض الناس من الدولة القديمة يتزايد ، ومن الهاويين للدولة الجديدة والذين يستثمرون في هذا الخلاف ، نقول لكم أن هذه الخرطوم ستكمل وستفنى ، قائلا ، هذه الخرطوم حبيبتنا ، وأرضنا وأمنا وعاصمتنا ، أن هذه الخرطوم مكاننا الذي يجمعنا كلنا ، محذراً من التفريط فيها ، والغناء بعد فوات الأوان: “في رمشة عين بعدوكِ يا حبيبة” مذكراً بأن المحرضين على المواجهة ، لا يعرفون الحرب ، وأنهم قد حاربوا بشرف بعيداً عن المدن والنساء والأطفال ، وبعيداً عن المؤسسات الحيوية ، في الجبال والأحراش، محذراً المحرضين والمستثمرين في الخلاف بين الرجلين، بأنهم أول من يلوذون بالفرار إذا اندلعت الحرب ، وقد لا يجدون وسيلة للمغادرة والنجاة. مضيفاً أن الاستثمار في الخلاف ، سيدمر البلد ، وهو لا يريد تدمير البلد.
وقد ناشدتم القوات المسلحة والدعم السريع بعدم التحشيد في الخرطوم ، لأنها تخص الجميع ، فيها كل التاريخ ، وجميع الشهداء ، وكافة أمكانيات السودان .
ذاكراً ، أنك لن تنصحهم بالمواجهة خارج الخرطوم ، وإنما تنصحهم بعدم المواجهة ، مضيفاً ، “إذا أصبح الشكل عليكم فرضا ، كلمونا عشان نخش وسطكم”
وهذه هي النقطة التي نود التركيز عليها ، لأنها ثبتت موقفكم الحيادي مبكرا واستباقاً ، في حال اندلاع مواجهة حتمية بين الجيش وقوات الدعم السريع. وقد حدث إلا أنك ، طرحت ما وعدتم به لحظة صدق من النفس عرض الحائط! .
السيد مني ، هذا الموقف ، إن قدر لكم الثبوت عليه ، المثابرة والإصرار على روح الوساطة ، والاحتفاظ بالمسافة الأخوية بين قائد الجيش وقائد الدعم السريع ، لا يساورنا شك أن مجريات الحرب الحالية ستكون مختلفة ، ليس لثقل قواتكم بالطبع ، ولكنه بتخليكم عن الحياد ، أصبحتم جزاءً من حرب، ليست حربكم ، ولستم طرفا فيها في الأصل ، فزدتم لها الحطب ، وأضفتم لها الوقود ، وساهمتم في ضراوتها ، وعقّدتم من أبعادها. الحياد ، الذي أعلنتم عنه مبكراً ، كان سيضمن مستقبلاً لحركتم ، بسهولة توفيق الأوضاع مع كافة السيناريوهات المتحملة لمآل الحرب الضروس.
السيد مني ،
كم هو عار ، أن يكون المرء “حجّازاً بين متحاربين ، ويتضح أنه كان مخادعا ، يدعي الحياد لتمكين أحد الأطراف من التقاط أنفاسه ، وتعزيز قدراته القتالية، ثم فجأة ، ينتقل للقتال إلى جانبه؟ من ذا الذي بإمكانه أن يسامحك في هكذا تصرف ، إن كان منتصراً أو مهزوماً!
لو أنكم قد إنحزتم للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع ، قد لا تجد من يلومكم ، لأن الشعار الذي يرفعه قائد قوات الدعم السريع ، ربما بإمكانكم القول أنه يتسق مع مانفست حركته (تحرير السودان من الهيمنة المركزية)، ولأن الفريق البرهان وأعوانه من كتائب الإسلاميين ، هم من أشعل هذه الحرب وهم من يرفضون الجلوس للتفاوض ويصرون على مواصلة القتال لمئة عام، هذه مبررات كافية لانحيازكم لصف قوات الدعم السريع ، إذا غلبكم البقاء على الحياد (المخاتل).
السيد مني ،
يضاف إلى ما سبق أنكم ، قد خسرتم من قبل في أبوجا رفيقكم في الدرب والسلاح المناضل المبدئي عبدالواحد محمد ، ووضعتم يدكم في يد قادة المؤتمر الوطني ، الذين يتحكمون في قرارات قادة الجيش الحالي ، قد غدروا بكم ، وقتلوا قواتكم شر قتله في حي المهندسين ، ثم اضطررتم مغادرة القصر الجمهوري ، لاستئناف القتال مرة أخرى ، فلم لا تتعظ من تلك التجربة الفاشلة؟ ولم تدخل رأسكم مرة أخرى في نفس الجحر؟ لتلدغ لا محالة لدغة أخرى ، ربما تكون هذه مميتة هذه المرة .
جاء في الأثر النبوي الشريف “لا يلدغ المؤمن من جحرٍ واحدٍ مرتين”
وما المقصود “بالسودان” الذي تعاهدتم على تحريره ، حسب تسمية حركتكم (حركة/ جيش تحرير السودان) وهل تم تعديل “مانفست” الحركة ، قبيل الانخراط في القتال في صفوف الجيش السوداني؟ .
والسؤال الذي نطرحه ، عليكم السيد مني أركو مناوي ، ما هي مبرراتكم ، لمغادرة موقف الحياد ، الذي أعلنت عنه ، مبكراً ، وقد أشاد به العقلاء من الناس ، ومن ثم تواثقت عليه مع مكونات وأطراف أخرى مهمة ، بما فيها قوات الدعم السريع؟ .
وماذا جنيتم حتى الآن من خوض غمار الحرب في صفوف الجيش السوداني ، ضد قوات الدعم السريع؟ وأنت أول من يعلم ، أن كليهما قوات نظامية ، بنص وثيقة ثورة ديسمبر المجيدة ، ووفق قوانين القوات المسلحة السودانية؟ وكم ممن تثقون في رجاحة عقولهم ، أسدوا لكم النصح ، بأن هذه الحرب ، ليست حربكم ، وأنتم تعلمون أطرافها الظاهرة والخفية ، ومن أشعل فتيلها ، وما هي غاياتهم منها ومن الذي يصر عليها ، ولماذا؟
هل أفلحتم في إيفاق اكتساح قوات الدعم السريع لولايات جديدة منذ أرسال قواتكم للصفوف الأمامية ، نيابة عن الجيش ، وإلى متى تعتقد باستطاعة قواتكم الصمود في الفاشر؟
السيد مني ،
لقد رفضتم خلال مخاطبتكم المشار إليها قبيل اندلاع حرب 15 أبريل تدمير الخرطوم ، إلاّ أنكم أصبحتكم سبباً في تدمير الفاشر ، وقلت أن الشجعان ، لا يحاربون أمام الأطفال ووسط النساء والشيوخ ، وفي أحياء المدن ، وإلاّ أنكم فعلتم ذلك في الفاشر! .
أتنه عن خلق وتأتي مثله X عار عليك إذا فعلت عظيم
فقد بدأ التدمير الفعلي لمدنية فاشر السلطات بعد مغادرة “المشتركة” موقف الحياد ، والانخراط في القتال في صفوف الجيش الفاسد والفضيحة ستكون “أب جلاجل” إن تم تحرير الفاشر ، وكل المؤشرات تؤكد قرب هذا الحدث المزلزل.
من المعلوم أن لحركة “جيم” تار قديم ، وغبن مرير مع قوات الدعم السريع لم يدفن بعد ، ومن حسن الطالع ، خرجت حركتكم من حرب دارفور ، معافاة إلى حد كبير من مثل هذه الاحتقانات السياسية ، وكان الأولى أن تستثمر هذه الوضعية ، لصالح أطفاء نيران الحرب ، أو تقليل ضراوتها ، والاحتفاظ لحركتكم بمستقبل ما بعد الحرب ، لكن بكل أسف ، يبدو أن د. جبريل “لعب بيكم سياسة” وأوردكم مرود الهلاك ، في غير غبينة ، والمال لن يعوضكم هذه الخسارة بكل تأكيد.
لا نظن أن الأوان قد فات ، لتصحيح هذا الموقف، لكن الإصرار على المضي قدماً في الموقف الخاطئ ، حماقة ، كلفتها فاضحة. مالكم ومال ما سميت بـ “حرب الكرامة” الكيزانية المضللة! .
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة