اخبار السودان

عبد الوهاب الأفندي وجه جديد للإسلاميين أم مناورة حرب قديمة؟

زهير عثمان حمد

 

في خضم الحرب الأهلية المستعرة في السودان، تبرز محاولات مكثفة من بقايا النظام السابق وحركته الإسلامية لإعادة تشكيل حضورها السياسي. يأتي ترويج الإعلامي مكي المغربي لاسم الدكتور عبد الوهاب الأفندي كوجه “معتدل” و”فكري” مثالاً

واضحًا لهذه الاستراتيجية. إلا أن السؤال الجوهري يبقى : هل نشهد تحولًا حقيقيًّا نحو الاعتدال أم مجرد مناورة لتطويق الأزمة واستعادة الشرعية؟

السياق الاستراتيجي إعادة التموضع في زمن الانهيار

سقوط مشروع التمكين منذ الإطاحة بنظام البشير عام 2019م، فقدت الحركة الإسلامية سياستها التقليدية، ما دفعها إلى البحث عن صيغة جديدة.

الحرب الأهلية تصاعد الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع خلق بيئة فوضوية تسمح للجماعات المسلّحة بتعزيز نفوذها.

الضغوط الدولية مع تصنيف بعض الفصائل الإسلامية كميليشيات مسلحة، بات التيار في حاجة إلى واجهة مقبولة لعقد تحالفات خارجية أو المشاركة في مفاوضات مستقبلية.

لماذا الآن؟ قراءة في التوقيت والدوافع

استغلال الانقسام : الحرب فرصة لإعادة ترتيب الأوراق بعيدًا عن الأنظار المحلية.

 

تجميل الصورة الترويج لشخصية “معتدلة” يسمح ببناء جسر تواصل مع المنظمات الدولية والدول الداعمة.

تعميق التأثير يجري الحديث عن “تجديد القيادة” لإضفاء شرعية داخلية على قرارات قادمة.

 

عبد الوهاب الأفندي لماذا هو الرمز المختار؟

حضور أكاديمي دولي بحث في الشؤون السياسية ومؤسّسات غربية.

نقد ذاتي محدود يحمل بعض المواقف النقدية تجاه تجربة الإسلام السياسي دون قطع كامل معها.

الوضوح التسويقي يُقدّم كـ”إسلامي ديمقراطي” يُلبّي التطلعات الدولية دون تخلي تام عن تياره.

ازدواجية الخطاب الإسلامي

 

خطاب الإصلاح مقابل واقع السلاح

دعم الميليشيات هناك ارتباط فعلي بين قيادات الحركة وتنظيمات مسلحة (الدفاع الشعبي، معركة الكرامة).

غياب المراجعة الفكرية لا اعتراف بالجرائم أو أخطاء التمكين.

مناورة سياسية الحديث عن “قيادة جديدة” لتأمين موطئ قدم في جولات مفاوضات مقبلة.

 

تجارب مقارنة دروس من التجارب العربية

مصر بعد 2013م الإخوان حاولوا تقديم أنفسهم كمدنيين رغم تاريخهم العنيف.

المغرب حزب العدالة والتنمية حافظ على تحالفاته المحافظة بينما روّج لخطاب معتدل.

السودان حجم الدمار والتشظي الاجتماعي يجعل مسعى التجميل أصعب.

 

تجديد أم خداع؟

التغيير الجوهري لا يبدأ بتبديل الوجوه، بل بتفكيك منظومة السلاح والفكر التي أنتجت الكارثة.

المعايير الحقيقية للقيادة الجديدة يجب أن تشمل اعترافًا بالخطأ، ومقايضة حقيقية مع المجتمع.

لا يكفي استبدال الوجوه بوجوه “ناعمة” في زمن دُمّرت فيه المؤسسات.

حقيقة يحتاج السودان إلى قطيعة فعلية مع منظومة الإسلام السياسي الفاسدة والعنيفة. فالتسويق الإعلامي قد يخدع لحظة، لكنه لا يُدرأ الحساب أمام غضب شعبٍ عانى طويلاً.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *