اخبار السودان

عبد الرحمن الغالي وزبانية دولة الإمارات

جعفر خضر

 

إن المرة الأولى والأخيرة التي رأيت فيها الدكتور عبدالرحمن الغالي، وجها لوجه، كانت في العام 2009م، عندما قدم للقضارف خصيصا للمشاركة في الندوة الثالثة التي تنظمها مجموعة “قصارف ضد الفساد”.

كانت أول ندوة تنظمها المجموعة، التي تضم نفر من المنظمين سياسيا وغير المنظمين، في العام 2007م، استضافت فيها الأستاذ طارق عبد المجيد والأستاذ محمد حسن التعايشي (الذي ضل مؤخرا) وتمت الدعوة للندوة باسم القوى السياسية، وأعلنا داخل الندوة عن ميلاد مجموعة “قضارف ضد الفساد” ، ووزعنا بيانا ممهورا باسمها.

بعد شهور دعت مجموعة “قضارف ضد للفساد”، باسمها، المواطنين لحضور الندوة التي استضافت فيها الكاتب الصحفي المتميز خالد فضل، شفاه الله ورد قلمه الرصين إلى الكتابة. وكانت الندوة الثالثة هي التي سيتحدث فيها الدكتور عبد الرحمن الغالي. ولكن حدثت مشكلة، إذ أن جهاز الأمن ألقى القبض، ظهر يوم الندوة، على طاقم الدعاية بمعية السيارة التي يمتطونها واقتادهم الى مكاتبه سيئة السمعة. وقام منسوبو جهاز الامن باستدعائي، إذ أنني اتففت مع صاحب السيارة على توظيف سيارته للدعاية. تلخص كلام ضابط جهاز الأمن مجاهد حسن أن “قضارف ضد الفساد” غير مسجلة وبالتالي لا يحق لها تنظيم ندوة. وكان فريق الدعايه معتقلا في جهة اخرى ودار معهم نقاش اخر، وربما تم استدعاء بعض قيادات حزب الأمة الذين تم استخراج تصديق الندوة باسم حزبهم. وعقدنا العزم ان يتم استئناف الدعاية باسم القوى السياسية تحت شعار” قضارف ضد الفساد” ولكن فوجئنا بأن الدعاية استئنفت باسم حزب الأمة!

لما وصلنا الى دار المعلمين مساء قبل الندوة كان هنالك خلاف بيننا حول ما جرى في الدعاية، كما رفضنا أوامر جهاز الأمن بمنع أي شخص من مجموعة “قضارف ضد الفساد”، بخلاف منسوبي حزب الأمة، من الجلوس على المنصة! كنا غاضبين وقاطعنا الندوة في نهاية الأمر.

لم يكن الدكتور عبد الرحمن الغالي، الضيف القادم من الخرطوم، طرفا في الإشكال الذي حدث، ولكنه بادر وعمل على جمعنا في حوار في طرف دار المعلمين. لقد كان ودودا وحكيما وصادقا وحريصا على حل المشكلة. علقت صورته في ذاكرتي كزول أجاويد وحلال مشاكل.

ثم تعرفت على الدكتور عبد الرحمن الغالي الباحث المجتهد الذي يقدم رؤاه عبر المعلومات الموثقة. وصرنا ننتظر مقالاته، تلامذة في محرابه.

يستخدم الوصوليون بيت المهدي كرافعة للسلطة، لذلك فإن الذي يعتزل السياسة وهو من صميم البيت، كالدكتور عبد الرحمن الغالي، لا بد أنه يتمتع بالزهد ومكارم الأخلاق. وإن كان ابتعاد أمثاله يفسح المجال للمتردية والنطيحة لتسود، كما حدث بالفعل.

إن الهجمة التي يتعرض لها الغالي، من زبانية الإمارات، جراء تناوله التورط الاماراتي في حرب العدوان على الشعب السوداني عبر مليشيا الجنجويد أمر طبيعي ومتوقع.

لن يرضى عن الغالي الرخاص الذين باعوا انفسهم للدويلة. إن ثمنهم بخس، مهما كان مقدار الدراهم التي استلموها، أو وعود السلطة التي جالت بمخيلاتهم الخربة.

التحية والاحترام للدكتور عبد الرحمن الغالي، الذي لن تناله بذاءاتهم، لأن من يبصق على السماء يرتد إليه بصاقه على وجهه..

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *