اخبار السودان

عام من الحرب يعمق من جراح الاقتصاد في السودان

 

استيقظ السودانيون في يوم 15 أبريل 2023م على أصوات المدافع الثقيلة والرصاص المتطاير والدخان الذي يملأ سماء الخرطوم، كان يومًا مشؤومًا، يا ليت شمس ذلك اليوم لم تشرق، هكذا كان يردد المواطنون هذه العبارة، واليوم يمر عامًا كاملًا على الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الذي أثر على جميع جوانب الحياة خاصة الجانب الاقتصادي.

 

تقرير: رشا حسن
وفي هذا الصدد يقول حمدي يسن، أحد الوافدين إلى ولاية النيل الأبيض، إن الحرب أجبرتهم على مغادرة العاصمة الخرطوم، وأنهم يعيشون وضعا اقتصاديا صعبًا ولا يذهبون إلى السوق إلا للضرورة القصوى نظرًا لارتفاع أسعار السلع، وأضاف أن عدم وجود الرقابة في السوق وعدم مراعاة السلطات في النيل الأبيض لأحوال السكان والوافدين في البلد ساعد في تفاقم الوضع الاقتصادي.

ويضيف يسن، في حديثه لـ”الراكوبة”، أنهم بحاجة ماسة لضروريات ومستلزمات الطعام والشراب والعلاج، مشيرًا إلى الصعوبات التي تواجههم والتي تتمثل في عدم إيجاد فرص عمل، وعدم وجود مصدر دخل يساعد الأسر في الصرف بالإضافة إلى عدم توفر مياه الشرب.

تراجع الصادرات
ويقول الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي، إنه بعد مرور عام على الحرب، تراجعت الصادرات السودانية بنحو 60% مع إغلاق مطار الخرطوم، وتوقف العمل في معظم الموانئ الجافة ونقاط التجارة الحدودية، مع اضطرابات سلاسل التوريد الناتجة عن الحرب مما أدى إلى تراجع عائدات الصادرات من العملات الصعبة.

وأشار فتحي، في حديثه لـ”الراكوبة”، إلى تراجع إنتاج السودان من الذهب من 18 طنًا إلى 2 طن، مما أدى إلى فقدان عائدات صادرات الذهب التي تعادل 50% من الصادرات، بقيمة 2 مليار دولار، بالإضافة إلى أن القطاع المصرفي يعتبر من أكبر خسائر الحرب الاقتصادية، حيث تعرض 100 فرع من المصارف العاملة في السودان للنهب والسرقة والتدمير، وأضاف أن نسبة الأموال المنهوبة بلغت أكثر من 38% في مصارف الخرطوم العاصمة فقط. ولم يسلم البنك المركزي السوداني من هذه العمليات التخريبية.

وأوضح بأن كثيرًا من البنوك بدأت تعاني من مشكلة إدارة ديونها، بعدما تعرضت الشركات الكبرى التي اقترضت منها مبالغ كبيرة للتدمير والنهب، مما جعل البنوك السودانية تواجه مشكلة في تحصيل هذه الديون، مما يؤثر سلبًا على القطاع المصرفي، لافتًا إلى أن بعض الدراسات تقديرية تشير إلى أن التكاليف الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة في الاقتصاد السوداني قد بلغت أكثر من 100 مليار دولار، مع توقف 70% من النشاط الاقتصادي في السودان خلال عام واحد من الحرب.

الحرب والدمار
وأفاد الخبير الاقتصادي، أبو القاسم إبراهيم، بأن الحرب استهدف القطاع الصناعي ودمر أكثر من 600 مصنع في السودان، فقدت 85% من الطاقة الإنتاجية للقطاع الصناعي، بالإضافة إلى التدمير في القطاع الزراعي في مناطق خاصة في الجزيرة، وإفشال المساعي الزراعية والنحبة التقاوي من مشاريع سواء كان في الخرطوم أو في الجزيرة وحتى في شمال كردفان ودارفور، حيث استهدف القطاع الزراعي أيضًا من خلال تدمير المساحات الزراعية غرب السودان، وتم ذلك بسرقة المواشي وإدخالها في المشاريع والمناطق الزراعية ومنع المزارعين من زراعة المحاصيل سواء كان في جنوب كردفان أو في شمال كردفان أو في بعض ولايات دارفور.

وقال أبو القاسم، في حديثه مع “الراكوبة”، إنه كان من الممكن أن يؤدي ذلك إلى انهيار كامل للاقتصاد السوداني، ولكن الحكومة المركزية استطاعت أن توفي بالمرتبات الاتحادية لكل العاملين في الدولة، مع بعض المشاكل في الالتزامات في الولايات، وأضاف أنها أوفت ببعض الشهور لمرتبات العاملين فيها، لكن على المستوى الاتحادي، استطاعت الحكومة الاتحادية أن توفي بالمرتبات العاملين وأن توفي بإستيراد السلع الضرورية والأساسية باستثناء ولايات دارفور من كافة ولايات السودان.

وأوضح أن ارتفاع السلع في المناطق التي يسيطر عليها الدعم السريع، التي تفرض جبايات في الطرق، أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، وارتفاع معدلات التضخم في الولايات دارفور وكردفان. وأضاف أن الحكومة الاتحادية استطاعت أن تدير الاقتصاد، ومعروف أنه اقتصاد حرب، مما يعني أنه لا يستطيع أحد أن يقول إن الاقتصاد السوداني الآن يمكن أن يحقق معدلات نمو، لكن على الأقل يتوقع أن يكون النمو سالبًا بشكل غير كبير مقارنة بالسنة الماضية.

وأشار إلى أن خفض قيمة الجنيه أدى إلى ارتفاع قيمة الدولار في السوق الموازية، حيث يعادل حوالي 1350 إلى 1400 جنيه، وهذا جعل الخبراء يفكرون في أن ما يجري في السودان هو تدهور، وكان من الممكن أن يصل سعر الدولار إلى 2000 أو 2500 جنيه سوداني، لكن الضغط لم يكن كبيرًا على الدولار لذلك لم يصل إلى أكثر من ذلك، لأن الاقتصاد السوداني كان يتحمل تبعات اقتصاديات أخرى. ووضح أن هذا الأمر أضعف من محاولات الانهيار خلال الاقتصاد السوداني كاقتصاد حرب، الذي لا يزال صامتًا وفي وضع جيد جدًا.

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *