طمع الكيزان وحركة العدل والمساواة في مشروع الجزيرة : سرقة إرادة المزارعين

حسن عبد الرضي الشيخ
لم يكن مشروع الجزيرة مجرد مشروع زراعي ضخم، بل كان رمزًا للاقتصاد السوداني وركيزة أساسية في دعم الإنتاج الزراعي والصناعي للبلاد. ومع ذلك، شهد هذا المشروع خلال العقود الماضية عملية تدمير ممنهجة قادها النظام البائد (الكيزان) كما تحاول حليفتهم حركة العدل والمساواة، الأن، حيث جرى نهب مقدراته وبيع أصوله الحيوية، مما أدى إلى انهياره وتشريد مزارعيه.
التدمير المنهجي لمقدرات المشروع
تعرض مشروع الجزيرة لواحدة من أسوأ عمليات الفساد والتجريف الاقتصادي، إذ تم تفكيك وبيع المحالج والمصانع والمباني وحتى البنى التحتية الأساسية مثل البوابير وقنوات الري. كانت هذه الممتلكات تمثل العمود الفقري للمشروع، وبفقدانها تراجعت قدرته الإنتاجية بشكل حاد، فتحوّل من مشروع زراعي ريادي إلى أراضٍ بور لا تجد من يزرعها أو يرويها كما ينبغي.
وجاءت الطامة في اجتماع زُعِم أنه يهدف إلى إعادة إعمار المشروع، لكنه لم يكن سوى محاولة لشرعنة التدخلات الخارجية. ولحسن الحظ، أبدى مزارعو الجزيرة وعيًا متقدمًا بمقاطعتهم لهذا الاجتماع، إذ رفضوا المشاركة بقيادة الأمير الطيب جودة، في موقف واضح ضد أي محاولات لشرعنة السيطرة على المشروع، خاصة من قبل حركة العدل والمساواة. وقد اقتصر الحضور على ممثلي الحركة، مما يعكس بوضوح أن اللجنة ليست سوى غطاء لمخططات مشبوهة تستهدف إحكام السيطرة على المشروع ونهب ما تبقى من موارده.
تصاعد الغضب الشعبي
وسط هذه التطورات، تصاعدت موجة الغضب والرفض الشعبي تجاه ما يُحاك ضد مشروع الجزيرة، وبدأ المزارعون في اتخاذ خطوات تصعيدية لمواجهة هذا التدخل السافر. فقد شهدت أقسام المشروع تحركات واسعة لمناهضة اللجنة، كما برزت دعوات لتنظيم وقفة احتجاجية في بركات، تعبيرًا عن السخط المتزايد في صفوف المزارعين، الذين يدركون أن ما يجري لا يخدم مصالحهم، بل يصب في مصلحة قوى تسعى إلى فرض وصايتها على المشروع ونهب خيراته.
مستقبل مشروع الجزيرة : إلى أين؟
في خضم هذه المخططات التي تُحاك خلف الكواليس، يظل السؤال الأهم: لمصلحة من يتم التلاعب بمصير مشروع الجزيرة وسرقة إرادة مزارعيه؟ من الواضح أن ما يحدث ليس مجرد صدفة، بل هو امتداد لنهج طويل من الفساد والاستغلال الذي بدأ منذ عهد النظام البائد، وها هو يستمر اليوم بأساليب جديدة. إن محاولات فرض سيطرة حركة العدل والمساواة على المشروع تثير تساؤلات جدية حول مستقبل الزراعة في السودان، وما إذا كان المزارعون سيتمكنون من استعادة حقهم في إدارة أراضيهم بعيدًا عن التدخلات السياسية والاقتصادية المشبوهة.
إن مشروع الجزيرة ليس مجرد أرض زراعية، بل هو قضية وطنية يجب الدفاع عنها. وعلى المزارعين والمجتمع السوداني بأسره أن يظلوا يقظين لما يُحاك ضد هذا المشروع، وألا يسمحوا بتكرار أخطاء الماضي التي قادت إلى تدميره. وحدها الإرادة الشعبية والضغط المستمر يمكن أن يعيدا للمشروع مكانته ودوره في دعم الاقتصاد السوداني.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة