ضرورة التمييز بين انتهاكات حقوق الإنسان والجريمة وتأثيرهما على حرب السودان الحالية
مصعب عبد الماجد
انتهاكات حقوق الإنسان عادةً ما ترتكب من قِبل الفاعلين في الدولة أولئك الذين يتمتعون بسلطة في الدولة سواءً كانوا قوات نظامية او مليشيات عسكرية او مدنيين ، يعملون نيابة عنها ، وقد تشمل هذه الانتهاكات أعمالًا ممنهجة أو واسعة النطاق مثل التعذيب ، القتل خارج نطاق القانون ، التهجير والاختفاء القسري، والاغتصاب. هذه الأعمال تُعتبر خرقًا للاتفاقيات الدولية مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقيات جنيف.
أما الجريمة تُرتكب غالبًا من قِبل أفراد أو مجموعات لا تمثل الدولة ، مثل القتل ، السرقة ، أو الاعتداء. تُصنف الجريمة ضمن القوانين الجنائية المحلية ، ويُحاسب مرتكبوها من خلال القضاء الوطني. وبناءً على ما تقدم يمكن ان نلاحظ ان ما يتم في الحرب التي تجري الان في السودان ، يتطابق تماماً مع الانتهاكات وليست الجريمة. اذاً ما يجري من فظائع واعمال وحشية في حرب السودان يسمى انتهاكات وفقاً للقانون الدولي الإنساني وحقوق الانسان. لكن اذاً أردنا ان نميز بين الانتهاكات التي ارتكبت في حق المدنيين يمكن ان نشير الي كل واحدة على أنها جريمة مثل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وهكذا.
ولكن يمكن أن تتحول الجريمة في مرحلة من المراحل إلى انتهاك لحقوق الإنسان عندما تفشل الدولة في القيام بواجبها في التحقيق ، الملاحقة القضائية ، أو معاقبة الجناة. على سبيل المثال: إذا قام أفراد بارتكاب مذبحة ضد مجموعة عرقية معينة ولم تتدخل الدولة ، تصبح الجريمة انتهاكًا منهجيًا لحقوق الإنسان. كذلك ، إهمال الدولة في حماية المدنيين أو تقديم العدالة قد يُعتبر مشاركة ضمنية في الجريمة.
عندما يُوصف ما يحدث في السودان بالجريمة فقط دون الإشارة إلى الانتهاكات ، يتم التقليل من المسؤولية الجنائية على الجهات الرسمية (الدولة أو القوات العسكرية ، والمليشيات التابعة للدولة) ، ويتم التعامل مع الموقف على أنه تصرفات فردية معزولة. هذا قد يعرقل جهود المجتمع الدولي في محاسبة الفاعلين الرئيسيين على الانتهاكات المنهجية
التركيز على الانتهاكات يسلط الضوء على مسؤولية الدولة والجهات المسلحة ، ويُعزز الجهود نحو تحقيق العدالة الانتقالية وإعادة بناء الثقة بين المواطنين. ان خلاصة القول هو ان الانتهاكات اعمق واخطر من الجرائم الفردية وتتطلب استجابات على المستوى الدولي والمحلي كذلك ، وان وصف ما يحدث في السودان بالجريمة قد يقلل من تعقيد الازمة التي حيرت العالم ، ويضعف من احتمالات محاسبة المسؤولين الحقيقيين.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة