ضاع عام علي الشعب السوداني! فهلا نضيع عاما في محو الامية ؟ لنكسب عقودا في السلام والتنمية !
ثمة مؤسسة تقع علي شاطئ النيل الأزرق ، قريبا من كبري كوبر ، اطلقوا عليها اسم “المجلس القومي لمحو الامية وتعليم الكبار” وظلت في مكانها المميز راكدة لعقود ، دون ان ترفع عقيرتها بمحو امية عشرة أفراد! ليرتقوا من بعد مكانا عليا!
ولئن نظرنا في اسباب الكارثة الماثلة والحرب العبثية وشحذنا الاذهان لنتعرف عليها ، لوجدنا انتشار الامية ، هو السبب الأول مع انتشار البطالة.
حيث تحرك آلاف الشباب ، مدفوعين بالبحث عن المال السريع ، فوجدوه في الحركات المسلحة ومع موروث الثقافة المحلية التي تشجع علي الفروسية والهمبتة وطبيعة الحياة الرعوية القاسية وابتعاد الحكومة وضعف القيادة في كافة المستويات. حدثت الفوضي وساهمت فيها الحكومة العسكرية المتسلحة بالنزعة الدينية واستغلال الدين لخدمة اهدافها. وهي اهداف بعيدة عن حياة الناس ، نراها في مشاريع لم تجلب الا الضرر علي البلاد واكتساب العداء من دول الجوار بدءا بتكوين المجلس الشعبي العربي الاسلامي ، حيث جمعوا كل اطياف المغامرين ومن كافة بقاع العالم. وهو امر معروف. ثم مجلس الصداقة الشعبية ، كجسم موازي لوزارة الخارجية ، تحت أوهام خلق علاقات مباشرة بين الشعوب!وهو عمل للسفارات دور في تعزيزها! ولكنهم قوم يجهلون! إذ تراهم يكيلون اللوم علي بعض السفراء الذين يعملون بنوايا طيبة في ترسيخ العلاقات الشعبية .. من ذلك هجومهم علي سفير ولايات اميركا المتحدات وهو يقوم بزياراته لشيوخ الطرق الصوفية. او لبعض الجهات التي يرون في زيارتها خدمة للعلاقات وللدبلوماسية! الدبلوماسي لم يعرفوها كما عرفها الوزير أحمد محمد خير او د. منصور خالد! إذ يرونها في تقديم اوراق الاعتماد وفي ارتياد الحفلات الرسمية. في ربطة العنق والبدلة الانيقة!
انشاء جامعة عالمية وهو عمل مكلف ، مع العجز في الصرف علي الجامعات التي تخدم مواطنيها الغبش! والتي لو لا وجودها ، لما رأيناهم في الحياة العامة! مثل هذه الجامعة لم يقدم الا عليها الاتحاد السوفيتي ، ايام مجده وسعيه لبسط النظام الاشتراكي وفي منافسته لاميركا. فقد اقام جامعة كبيرة ، حملت اسم المناضل الافريقي ، باتريس لوممبا. وقد كان للسودان نصيب ممن ارتادوها.
ايضا اقاموا مصحفا أسموه ، مصحف افريقيا ، كلف ما يزيد علي 5 مليون دولار! في وقت يحتاج فيه الاطفال الي الغذاء والكساء ، بل العلاج والتطعيم! ولا يستطيع أحد توجيه النقد او النصح لخطل الرأي وزيغ العقول! لعلة ، الا يوصم بالعداء للدين او الكفر المبين! في الوقت الذي توزع فيه المملكة العربية السعودية ، المصاحف لقاصديها مجانا! وربما ترسلها للوزارات القائمة علي شؤون الدين! فقد قمت قبل اكثر من ثلاثة عقود بأخذ كرتونة مليئة بالمصاحف من مكتب وكيل وزارة الشؤون الدينية ، لتوزع مجانا علي المساجد!
مثل هذه الوزارة ايضا من الانشطة التي لا ضرورة لها ، فهي تخدم طائفة من اهل البلاد وتترك طوائف اخري. وهو عمل يقوده المجتمع ويشرف عليه بشكل جيد. علي الحكومة التفرغ لما يخدم كل المواطنين ، في تعليمهم ، صحتهم وامنهم. وفي توفير بقية الخدمات من مياه وكهرباء واتصالات.
نجد الحكومة ، خلال عهد الانقاذ اولت اهتماما بالزكاة وجمعها في عسف وعنف ، لتشرف علي توزيعها في غير مصارفها المعروفة! الزكاة من امور الدين التي كان يقدم عليها كثير من الناس ويصرفونها دون تكلفة علي ما يرونه وفقا لفهم غير سقيم للدين! بينما تم توزيعها علي انشاء قناة تلفزيونية ولرجل من غير العاملين في هذا المجال! ولعل بعض القراء يعلمون مصارف اخري ذهبت اليها اموال الزكاة. وفي تقديري ، كان في وسع العاملين في ديوان الضرائب ، ان يقوموا بذات العمل وبشكل جيد ، علي ان يذهب المال للخزينة العامة وليصرف من بعد وبشكل أفضل علي الضمان الاجتماعي ، علاج الفقراء والمعوزين ، في التعليم وغير ذلك من انشطة الدولة الحديثة. نحتاج الي فقه جديد ، يصدر من عقول جميلة. اذ الدين معاملة ، رأفة ورحمة.
شاهدت اعرابيا في أحد برامج التلفزيون ، يجلس ، تحيط به الخضرة وهو يسخر من جهل متحصلي الزكاة وعدم تمييزهم لبنت اللبون من غيرها.
اردت من هذه النماذج في صرف او هدر المال العام ان يتم توجيهه وفقا لسياسات عامة جيدة وخطط جيدة وفقا للاولويات.
مع ضرورة ضم كل الشركات التي تتبع للجيش والجهات الشرطية والامنية لوزارة المالية. وهو من ضرورات اصلاح الحكم.
ولن يكتمل اصلاح الحكم ، الا باصلاح الاقتصاد. وهنا يلزمنا مواكبة العالم وذلك بالتفكير الجاد في اصدار عملة رقمية ، تخلص الناس من مشاكل التضخم وتزوير العملة وغير ذلك. مما هو معروف ، مثل ادخال السيولة الي النظام المصرفي. لقد ادرك المواطنون أهمية التعامل الرقمي ، في تحويل الاموال واستلامها.
نري هدر المال في إرسال القوات المسلحة الي حرب اليمن ولعلها ما زالت هنالك! في الوقت الذي تسعي فيه الحكومة الي تجنيد المواطنين! لا بد من اعادة النظر في مشاركة البلاد في تلك الحرب. واعادة القوات كلها للدفاع عن البلاد. للاسراع في استعادة السلام. وتحريك انشطة الدولة. بما في ذلك محو الامية والتعليم.
الآن نواجه باثار انتشار الامية والجهل ، لذلك علينا التفكير الجاد في القضاء عليها ، منذ الآن وحتي في ظروفنا الحالية ، اذ الناس لا شغل لهم ولا مشغلة ، فلنخصص عاما كاملا او نصف عام لمحو الامية. بعد حل المؤسسة الموجودة وليتم هذا البرنامج باشراف وزارة التربية والتعليم ، ربما تحت ادارة التعليم قبل المدرسي وتعليم مرحلة الاساس. اضافة الي الخدمة الوطنية.
يمكن للجميع المساهمة في هذا المشروع الهام ، ان اردنا سلاما مستداما وتنمية وتقدم البلاد.
لقد تداخلت الأمور وتشعبت! ولا بأس في شحذ الاذهان وعصف العقول. فهيا ولتكن هذه الكارثة بداية للتغيير.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة