اخبار السودان

صرخة السودان المستنجدة : بين أنين المدنيين وتخاذل المجتمع الدولي ..!!؟؟

في أعماق القارة الأفريقية ، حيث يلتقي نهر النيل بأراضي خصبة ، يتأجج نيران حرب طاحنة تمزق السودان ، منذ اندلاع الصراع في أبريل 2023م ، تحول هذا البلد العريق إلى ساحة حرب تدمر كل ما هو جميل ، وتزهق أرواح الأبرياء ، وتشرد الملايين في هذا الظلام الدامس ، يصدح صوت المدنيين العزل ، يطلبون النجدة والحماية من وحشية الحرب ، في خضم هذا الصراع الدامي ، ارتفعت أصوات مدنية سودانية ومنظمات دولية تطالب المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لإنقاذ المدنيين ، فالصور المروعة التي تصل من السودان تصور واقعاً مأساوياً حيث يتعرض المدنيون للقتل والتعذيب والتشريد على نطاق واسع ، النساء والفتيات هن الأكثر تضرراً ، حيث يواجهن عنفاً جنسياً لا يوصف ، تقرير لجنة تقصي الحقائق بشأن السودان ، والذي أصدره مجلس حقوق الإنسان ، جاء ليشدد على خطورة الوضع ، ويؤكد الحاجة الماسة إلى نشر بعثة لحماية المدنيين ، هذه البعثة ، وإن كانت تواجه تحديات كبيرة ، إلا أنها تمثل الشرارة الأولى للأمل في إنهاء معاناة الشعب السوداني ، بينما يستمر الصراع في التصاعد ، تتشبث القوات المسلحة السودانية بموقفها الرافض للحوار مع المتمردين ، مؤكدة على ضرورة استعادة الأمن والاستقرار في البلاد ، وعلى الرغم من نقل العاصمة إلى بورتسودان ، إلا أن الحرب لا تزال تشتعل في العديد من المناطق ، مما يؤكد عمق الأزمة وتشابك أبعادها ، في المقابل ، يواجه المجتمع الدولي اتهامات بالتخاذل ، حيث يتردد في اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف نزيف الدماء في السودان ، فبينما تستمر المعارك في حصد الأرواح ، يكتفي مجلس الأمن الدولي بإصدار بيانات إدانة ، دون اتخاذ أي خطوات عملية لوقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، إن دعوات المدنيين السودانيين ، المدعومة من قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية ، ليست مجرد نداءات يائسة ، بل هي صرخة استنجاد توجه إلى ضمير الإنسانية ، فهل يستجيب المجتمع الدولي لهذه الصرخة ، أم سيقف مكتوف الأيدي أمام هذه المأساة الإنسانية؟ إن الأزمة السودانية ليست مجرد أزمة إنسانية ، بل هي تحدٍ مباشر للقيم والمبادئ التي ينادي بها المجتمع الدولي ، ففي ظل عالم مترابط ، لا يمكن لأي دولة أن تعيش بمعزل عن معاناة الآخرين ، إن الوقت قد حان لكي يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته ، ويتخذ إجراءات حاسمة لإنهاء الحرب في السودان ، وحماية المدنيين ، وإعادة بناء هذا البلد الذي مزقته الصراعات ، وإلى قادة العالم ، وإلى كل من يملك قلباً ينبض بالحياة ، ندعوكم إلى التكاتف والعمل سوياً من أجل إنقاذ السودان ، إن الوقت قد حان لكي نثبت للعالم أننا قادرون على بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً .. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن اوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي : أكتب لكم هذه السطور وأنا أرتمي في أحضان ذكريات سودانية عابقة بألم الفراق وحرارة المعاناة ، فمنذ أن اندلعت شرارة الحرب في بلادي الحبيبة ، السودان ، في الخامس عشر من أبريل عام ألفين وثلاثة وعشرين ، وأنا أئنُّ حزناً وأبكي دماً على ما آلت إليه أوطاننا ، كصحفي سوداني مقيم في مصر ، وجدت نفسي أسير في دوامة من الأخبار المتضاربة والصور المروعة التي تصلني من أرض الوطن، ولأنني أشتاق دائماً إلى نبض الشارع السوداني ، فقد انضممت إلى العديد من المجموعات على منصات التواصل الاجتماعي ، والتي تتبادل فيها الأحاديث عن أحوال البلاد ، ومن بين تلك المجموعات ، برزت مجموعة “الجمهورية الحرة” التي تضم نخبة من أساتذتي القدماء في الصحافة السودانية ، كانت هذه المجموعة بمثابة نافذتي على الواقع المرير الذي يعيشه السودانيون ، وكنا نتابع معاً ، بقلوب مشلولة ، الأحداث المتسارعة التي تشهدها البلاد ، ونحاول جاهدين فك شفرة ما يحدث ، وقبل أيام ، وبعد أن شنّت مليشيا الدعم السريع حملاتها الانتقامية الشرسة على ولاية الجزيرة ، وصلتنا في المجموعة فيديوهات مروعة تصور أعمالاً وحشية بحق المدنيين الأبرياء ، وقد أثارت هذه الفيديوهات غضبي واستيائي ، ودفعتني إلى التفكير في عمق المعاناة التي يعيشها أهلنا في تلك الولاية ، وفي نفس الوقت ، تلقيت اتصالاً من إحدى قريباتي البسطاء ، والتي سألتني بسذاجة: “ماذا يعني أن ينشق (كيكل) من مليشيا الدعم السريع وينضم للجيش السوداني ، فتنتقم المليشيا من ولاية الجزيرة كلها؟”، لم أجد جواباً شافياً لسؤالها البسيط ، ولكنه أثار في نفسي تساؤلات عميقة حول طبيعة الصراع الدائر في بلادي ، وحول الأسباب التي تدفع الناس إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم البشعة.، فقد نقلت سؤالها إلى مجموعة “الجمهورية الحرة”، فكان الجواب الواحد الذي تلقيناه جميعاً : “إنها الحرب يا عزيزي”، ولكن هل يكفي أن نقول “إنها الحرب” لتبرير كل هذه الدماء والأشلاء؟ هل يمكن أن نتسامح مع مثل هذه الجرائم بحجة أنها وقعت في سياق حرب؟ لا أعتقد ذلك، فالحرب ، مهما كانت أسبابها ، لا تبرر أبداً انتهاك حقوق الإنسان ، ولا تبرر استهداف المدنيين الأبرياء ، إن ما يحدث في السودان هو جريمة حرب بكل المقاييس ، ويجب على العالم أجمع أن يتحمل مسؤوليته في وقف هذا النزاع ، وحماية المدنيين ومحاسبة مرتكبي الجرائم ، أدعو الله أن يحفظ السودان وشعبه ، وأن يعيد إليه الأمن والاستقرار والسلام..

I pray to God to protect Sudan and its people, and to restore security, stability and peace to it

وعلى قول جدتي: “دقي يا مزيكا !!”.

خروج : “مسرحية العبث السوداني : من يضحك على من؟” في خضمّ الصراع الدامي الذي يشهدُه السودان ، حيث تتناثر الدماء وتتصاعد ألسنة اللهب ، وتشردُ الأُسر وتتحوّل البيوت إلى أنقاض ، قدمت لنا الأطراف المتنازعة مشهداً جديداً من مسرحية العبث التي لا تنتهي ، مشهدٌ يجمع بين الكذب والتضليل والخداع ، في محاولة يائسة للتغطية على الحقيقة المريرة ، فقد أعلنت قوات الدعم السريع ، بكل ثقة ، أن المؤتمر الصحفي الذي عُقد في بورتسودان ، والذي ظهر فيه من يُدّعون أنهم “مستشاري الدعم السريع”، ما هو إلا فصلٌ جديدٌ من فصول المسرحية التي تحاول الحركة الإسلامية وجيشها المهزوم صناعتها ، لتخدع الرأي العام وتغطي على هزائمها المتتالية في ميدان المعركة ، وتابعت قوات الدعم السريع ، مؤكدةً أن هؤلاء الذين ظهروا في المؤتمر ليسوا منهم في شيء ، وأن كل ما قيل فيه إنما هو هراء وأكاذيب لا أساس لها من الصحة، وأشارت إلى أن مستشاري قائدها الحقيقيون معروفون للجميع ، ويظهرون باستمرار في وسائل الإعلام، ولا علاقة لهم بهذا المؤتمر المفبرك ، وفي هذا السياق ، لا يسعنا إلا أن نتساءل: من يضحك على من في هذا المسرح؟ هل يحاول الأطراف المتنازعة خداع الشعب السوداني ، أم أنهم يحاولون خداع أنفسهم أولاً؟ إن هذه الأحداث المؤسفة تؤكد أن الحرب في السودان ليست مجرد صراع عسكري ، بل هي صراع على الرواية ، صراع على الحقيقة ، فكل طرف يحاول أن يقدم روايته الخاصة للأحداث ، وأن يصور نفسه على أنه الضحية وأن الطرف الآخر هو المعتدي، وفي النهاية ، يبقى الشعب السوداني هو الخاسر الأكبر في هذه الحرب ، فهو يدفع الثمن غالياً من دماء أبنائه وتدمير بلاده ، فهل يستمر هذا العبث؟ وهل سيجد الشعب السوداني يوماً ما مخرجاً من هذا النفق المظلم؟ .

#أوقفوا الحرب ولن أزيد ،، والسلام ختام.

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *