صراع السلطة
بدر الدين محمد
بعد مرور ما يقارب العامين على اندلاع الحرب في السودان اصبح جلياً انه صراع على السلطة لاننا اذا رجعنا لاسباب اندلاعها سنتوصل الى هذه الحقيقة.
قبل حوالي السنة والنصف قبل هجوم قوات الدعم السريع على القيادة العامة وبعض المناطق الحساسة في الخرطوم وقبل ان تنتشر الحرب في معظم انحاء البلاد كان هنالك انقلاب عسكري على السلطة الانتقالية التي كانت على وشك ان تؤول بكاملها للمدنيين.
في ذلك الوقت كان الطرفين اصدقاء القيادات العسكرية وابنهم الدعم السريع والاثنان قاموا بالانقلاب على حكومة السلطة الانتقالية التي كانت نتاج ثورة ديسمبر العظيمة.
وبما اننا تحدثنا عن ثورة التاسع عشر من ديسمبر 2018م التي اطاحت بعمر البشير يجب ان نفهم بان هذه الثورة لم تبداء او تقوم في ذلك العام فقط. لقد بدأت المقاومة مبكراً منذ انقلاب عمر البشير وفي بداية العام 2012م وفي 2013م خرج الناس الى الشوارع بقيادة طلاب وطالبات الجامعات ثم اتسعت وكبرت المقاومة لتشمل كل السودان حتى انتفض السودان باكمله في العام 2018م.
بعد الانقلاب علي السلطة الانتقالية في الخامس والعشرين من اكتوبر 2021م واعتقال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك ، بدأ قتل المدنيين والثوار مجدداً ومن وقت الانقلاب الى قيام الحرب قُتل مئات المدنيين الابرياء فقط لمطالبتهم بالحكم المدني.
قائد الجيش نصب نفسه رئيساً للمجلس السيادي ونصب قائد الدعم السريع نائباً له.
بعد مرور حوالي سنة او اكثر وبعد الضغط الكبير من الشعب والأحزاب السياسية قال قائد القوات المسلحة بانه يريد ان يسلم السلطة للمدنيين.
على كل حال ، بدأت المفاوضات بين الطرفين المتقاتلين حالياً والأطراف السياسية المدنية المعارضة للحكم العسكري التي كانت تستشعر بان خلافاً ممكن ان يحدث بين الطرفين لذلك كان اول أجندتها قبل تسليم السلطة للمدنيين هو عملية توحيد الجيوش في جيش مهني قومي موحد ينأى عن السلطة ويترك الحكم للمدنيين.
المفاوضات كانت تسير بصورة جيدة ولكن كل طرف من الطرفين كان يريد نفوذ اكبر من الاخر بينما كان الهدف الأساسي هو ضم تلك القوات للجيش القومي. اتفقوا في بعض النقاط واختلفوا في البعض الاخر مما أدى لاندلاع الحرب في النهاية.
ألان وبعد مرور العامين اصبح جلياً انه قيادات الطرفين لا تريد للمدنيين ان يحكموا البلد ، يريدون ان يحكموا بأنفسهم. لانهم كلما دعوا للتفاوض من اجل السلام وانهاء الحرب منذ اتفاقية جدة التي لم يحترمها الطرفين لبى احد الأطراف دعوة التفاوض ورفض الطرف الاخر ، حتى الذي لبى دعوة التفاوض يرسل اناس ليتفاوضوا بينما قواتهم تقتل المدنيين الابرياء على الارض.
مع مرور كل يوم يظهر جلياً بانه حتى قادة الجيش لا تقاتل فقط من اجل انهاء الحرب انما تقاتل لضم مزيد من قادة الطرف الاخر الى جانبهم حتى يؤسسوا دولة العسكر برغم علمهم المسبق بانه ليس هنالك سوداني يرغب في حكم العسكر مجدداً وهذا هو السبب الرئيسي الذي دفع الناس ليثوروا في المقام الاول.
لذلك ألان اصبح واضحاً ان صراعهم من اجل السلطة والحكم ولا احد فيهم يهمه المواطنين الذين يموتون باسلحتهم وبالأمراض وبالجوع وقلة الدواء والرعاية الصحية والذين ينزحون ويتهجرون.
ألشعب السوداني يستحق أفضل ويستحق ان يحصد حصاد ثورته وليس ما يفعله الجنرالات بهم وبالبلد.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة