صحافي سوداني يروي لـ«التغيير» قصة أسرته مع أهوال الحرب في الخرطوم حتى فرارهم منها
«التغيير» تروي قصة أسرة الصحفي عمر هنري، التي تمثل لسان حال ملايين السودانيين الذين حاولوا الفرار من العاصمة السودانية إلى مدن أخرى أكثر أمناً، بعد اندلاع الحرب فيها منتصف أبريل الماضي بين الجيش والدعم السريع.
التغيير: فتح الرحمن حمودة
وهنري 30 عاماً، لم يكن يتوقع أن تتحول مدينته الخرطوم وفق ما قال لـ(التغيير) إلى منطقة نزاع دام، حيث وجد نفسه تحت محرقة القتال وتصاعد معدلات الجريمة.
وبنبرة صوت منخفضة كان يروى مأساته قائلا: “لقد مكثت داخل الخرطوم بصحبة أسرتي أكثر من «45» يوما بين سماع اصوات الاسلحة الثقيلة والقصف الجوي والفوضى التي باتت تمارس في ضوء النهار”.
وعلى الرغم من استيقاظه ذات صباح على أصوات القصف والأسلحة الثقيلة، إلا أنه كان يأمل بأن الحرب ستنتهي في وقت قصير هو الامر الذي جعله يمكث لما يقارب الشهر ونصف الشهر بمنزله بمنطقة جنوب الحزام بالخرطوم.
فوضى أمنية
وفي يوم ما، تعرض منزل هنري وجيرانه إلى الهجوم بسبب الرصاص الذي كان يتبادله متفلتون وقوات من الدعم السريع وسط المنطقة التي يقطن فيه.
ويقول “حدثت مطاردات بين المتفلتين وأفراد من المليشيات اطلقوا الرصاص دخل منزلنا ليتكرر نفس السيناريو في اليوم الثاني عندما قامت المليشيا بضرب اخوة ابي أمام المنزل بعد ان نهبوا هواتفهم واموالهم”.
ويمضي قائلا إن من أسباب فرارهم أيضاً انقطاع التيار الكهربائي وانعدام المياه بالمنطقة لاكثر من عشرة ايام متتالية إلى جانب إرتفاع أسعار المواد الاستهلاكية.
ويشير هنري إلى أن جشع التجار بالمدينة من خلال زيادتهم الخرافية لاسعار المواد الاستهلاكية كان سببا رئيسي لمغادرة المنطقة التي قال انها اصبحت غير صالحة للعيش.
قرار الفرار
ويروى انه عندما قرر السفر كان معه والدته واشقائه مع اطفالهم واسرته الكبيرة الا ان بعض اخوانه رفضوا الخروج من الخرطوم وفضلوا ان يكون بداخلها وان كان الثمن ارواحهم.
ويقول انه قرر الخروج بعد «48» يوما مع اسرته بعدما وصلت فوضى الانفلات الأمني قمتها وكثرة السلاح الذي بات في ايادي المجرمين والعصابات، مشيراً إلى ارتفاع القصف العشوائي من قبل الجيش بكثافة أكثر من البدايات الاولى للحرب.
تحت دوي أصوات الأسلحة الثقيلة خرج هنري مع اسرته قاصدين الوصول إلى مدينة «ود مدني» متجاهلا مصير ماذا سيحدث له ولاسرته بعد ذلك.
ويضيف “خرجنا عند الساعة السابعة صباحا وعلى طول الطريق من منطقة جنوب الحزام وحتى منطقة الباقير كانت هنالك ارتكازات تتبع لقوات الدعم السريع تعمل على تفتيش جميع المسافرين”.
تفتيش مهين في ارتكازات الجيش
ويواصل حديثه “بعد ان خرجنا من الخرطوم كانت هنالك ارتكازات تتبع للجيش تحديدا عند منطقتي الكاملين والحصحيصا وحتى قرية ود الحليوة”.
ويقول ان ارتكازات الجيش كانت تعمل على انزال المسافرين من المركبات بغرض التفتيش بصورة سيئة لم يسلم منها حتى النساء والاطفال.
واشار إلى أن الجيش كان يقوم بتفتيش الرجال والنساء والاطفال وكل ما في حوزة الجميع من حقائب والهواتف النقالة الي جانب مراجعة جوازات السفر.
ويحكي هنري ان قوات من الجيش كان قد اوقفته في الطريق ما يقارب ساعة بعد ان اخذت جواز سفري تحت الاهانة والالفاظ النابية وبعدها قامت باطلاق سراحي.
ويمضى في حديثه انهم عندما وصلوا إلى مدينة ود مدني وجدوا ان هنالك كمية من الاطفال والنساء في اوضاع صعبة ولم يجدوا مكانا يمكثون فيه ومنهم من يوجد داخل مقر وزارة الشباب والرياضة لاكثر من «5» ايام حتى تم اخراجهم بالقوة لاحقا.
ووصل هنري قبل أيام قليلة مع أسرته إلى مدينة سنار للعيش فيها إلى حين توقف الحرب للعودة من جديد إلى الديار .
المصدر: صحيفة التغيير