صادر الذهب للإمارات بين المصلحة الشخصية والمقاطعة الرسمية

ظل صادر الذهب من السودان الى دولة الإمارات حائرا بين التصريحات المتناقضة لمسؤولي حكومة الأمر الواقع، وسط اتهامات ان صادر الذهب يتم عبر شركات تتبع لنافذين في سلطة الامر الواقع تحتكر تصدير الذهب للاستفادة من عائده والحصول على عملات اجنبية لمصالحها الشخصية، الامر الذي افقد البلاد ملايين الدولارات لان عائدات حصائل الصادر لاتورد لبنك السودان ولم تتخذ ضدهم أي إجراءات قانونية واكتفى بنك السودان منعهم من التصدير.
والمعلوم ان هناك مئات الشركات لنافذين وشركات امنية تعمل في دولة الامارات منذ زمن طويل في كافة المجالات لديها مصالح كبرى واستثمارات بملايين الدولارات لم ينسحب منه سوى ثلاث او اربع شركات بعد ضرب المسيرات ببورتسودان وتحميل الامارات المسؤولية لأنها تدعم مليشيا الدعم السريع، ليصبح صادر الذهب المنفذ الحقيقي لتمويل الحرب.
ويعتمد الجيش كذلك عل صادر الذهب ويؤكد ذلك حديث وزير مالية حكومة الأمر الواقع ان أولوية الصرف من إيرادات الدولة توظف لدعم المجهود الحربي، وسط تحذيرات مختصين ان تفقد الدولة ثرواتها في حرب عبثية حطمت ودمرت البنية التحتية للاقتصاد المتدهور وجعلت مواطنيها جائعين ومشردين لتحقيق مكاسب وهمية، مؤكدين ان استمرار الحرب يعني مزيدا من الخراب والدمار وضياع ثروات البلاد لتصبح لقمة سائغة لأفواه محتكري التصدير الذين لا يوردون حصائل صادرات البلاد رغم تحذيرات بنك السودان.
ومنذ اندلاع الحرب منتصف ابريل 2023 ورغم التأكيدات المتواصلة بوقف صادر الذهب للإمارات ولكن لم يُتخذ قرار رسمي من الجهات المعنية لوضع القرار موضع التنفيذ، وظل الإبقاء على صادر الذهب للإمارات مستمرا، رغم ان حكومة الأمر الواقع وصفتها بأنها دولة عداون لا يجوز التعامل معها.
ونفى وزير المعادن بحكومة الأمر الواقع محمد بشير أبو نمو، ما تداولته بعض المنصات أنه وجه بإيقاف صادر الذهب والمعادن الأخرى إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، معتبرا الخبر عارٍ تمامًا من الصحة ومدسوس، وأضاف أنه بصرف النظر عن موقفه الشخصي أو الرسمي، فهو ليس الجهة المختصة بإصدار مثل هذا القرار.
ولكن هناك تصريحات سابقة لوزير المعادن أبو نمو، قال فيها إن الدولة تبحث الآن عن أسواق بديلة للذهب للإمارات، وفتح أسواق جديدة في دول أخرى.
ونفى وجود صفقة ذهب مدتها 20 عامًا مع الإمارات ووصف ذلك انه (هراء) مؤكدًا أن معظم الذهب السوداني الذي يُصدر إلى الإمارات يتم عبر شركات خاصة، وليس عبر اتفاقيات حكومية مُلزمة. وأضاف أن الشركات تفضل الإمارات بسبب التسهيلات البنكية والأسواق المفتوحة هناك، لكنها باتت تُشجع على البحث عن أسواق جديدة.
بدوره اكد وزير مالية حكومة الأمر الواقع جبريل إبراهيم، انه سيتم إيقاف صادر الذهب إلى الإمارات، وانهم ماضون بصورة جيدة في الترتيب للأسواق البديلة، وقال إن السوق الإماراتي، يتميز بتقديم دفع مقدم وضمانات تجارية مغرية للمصدرين، وهذه العوامل تجعل الإمارات وجهة مثالية لتصدير الذهب، خاصةً في ظل الظروف الاقتصادية غير المستقرة في السودان.
لافتا الى أن الإمارات تُعد مركزًا عالميًا لتجارة الذهب، مما يُسهل عمليات البيع ويضمن حصول المصدرين على عوائد سريعة. وقال في تصريح صحفي سابق إن 80% من إنتاج الذهب في السودان يُهيمن عليه القطاع الخاص، وهو ما يخلق ديناميكية مختلفة في إدارة هذا المورد الحيوي. فالقطاع الخاص غالبًا ما يركز على تحقيق أرباح سريعة ومستدامة، مما يدفعه للبحث عن أسواق توفر شروطًا ملائمة وآمنة للتصدير. وفي ظل غياب سيطرة الدولة المباشرة على هذه النسبة الكبيرة من الإنتاج، تصبح عملية التوجيه نحو أسواق بديلة أمرًا بالغ التعقيد.
وكان بنك السودان هو الجهة الوحيدة التي تقوم بوضع ضوابط شراء الذهب وفي ذات الوقت هو المشتري الوحيد له، ولكن أجبرت الظروف الاقتصادية بالبلاد إلى عدم تمكنه من شراء كل ما ينتجه القطاع الأهلي.
وتقول بعض شركات تصدير الذهب، إن السياسات التي تنتهجها الدولة تجاه الذهب، تعرقل تصديره ولا تمكن بنك السودان من توفير احتياطيات كافية منه.
ويرى خبراء اقتصاد انه على الرغم من أهمية السوق الإماراتي، إلا أن استمرار الاعتماد عليه يُثير تساؤلات حول الاستراتيجية الاقتصادية للسودان على المدى البعيد. الحاجة ماسة إلى تنويع الشركاء التجاريين، وتطوير قطاع التعدين ليصبح أكثر تنظيمًا واستفادة من العائدات لصالح التنمية المستدامة. وأكدوا ان التحديات الهيكلية التي تواجه السودان في إدارة أحد أهم موارده الاقتصادية.
ورغم المزايا التي يقدمها السوق الإماراتي، تبقى الحاجة إلى رؤية اقتصادية بعيدة المدى ضرورة لا غنى عنها لضمان استقرار وازدهار هذا القطاع الحيوي. ويبلغ احتياطي السودان من الذهب بحسب تصريحات سابقة لوزارة المعادن حوالي 1550 طنا، وينتج الذهب في البلاد عبر القطاع الأهلي التقليدي وبأساليب ووسائل تقليدية ولا تملك الدولة إلا أقله.
مداميك
المصدر: صحيفة الراكوبة