اخبار السودان

شلاقة إشراقة ووعي علاء الدين

خالد فضل

أؤكد مبدئيا على موقفي الراسخ بشأن حقوق النساء في المشاركة في الأنشطة العامة على قدم المساواة مع الرجال , بل أجد نفسي منحازا لفرضية نجاعة أدوار النساء خاصة في أوقات الصراعات المهلكة للحياة مثل الوضع الذي يعيشه السودانيون/ات الآن . كما لا أخفي تقديري الشخصي للسيدة إشراقة سيد محمود , وتربطني بها علاقة غير مباشرة عبر أصدقاء مشتركين منذ أن كانت كادرا خطابيا للإتحاديين في جامعة الخرطوم , كما أنها كانت قيادية في فرع الشريف الهندي(عليه الرحمة) ضمن النسخ الإتحادية العسيرة على الحصر ؛ لعل الحزب بخلفيته الصوفية يتمثل نظم المادح (في كل بلد سوالو أولاد) المهم أنّ النسخة (الهندية) هي التي تحظى بقاعدة جماهيرية أكثر في قريتي بريفي الحوش من ولاية الجزيرة , وأظن أنها قد زارت أهلي هناك ذات طواف سياسي ؛ رفقة أو ممثلة لجلال يوسف الدقير الأمين العام خلفا للمرحوم زين العابدين . (الشلاقة) ليست لها أدنى علاقة بخطاب الكراهية أو التمييز ضد المرأة , بل أستخدمها هنا على سبيل (الطرفة) , إذ مبلغ وعيي أن نساء ماجدات يملأن الفضاء الوطني والإنساني برصانة تستحق التنويه , بيد أن كلمتي اليوم في إنتقاد ما بدا لي وكأنه (شلاقة) أو سذاجة فيما قرأته منسوبا إليها من أخبار حوار تلفزيوني على قناة حكومية سودانية , في المقابل شاهدت مقطعا مصورا على (التك توك) للكابتن علاء الدين بابكر لاعب كرة القدم في المنتخب الوطني_سابقا_ اتسمت رسالته بوعي عميق لدور الرياضة والرياضيين في تثبيت عرى اللحمة الوطنية الممزقة فعليا .
مما رصدته من أوجه (شلاقة) إشراقة قبل حديثها الأخير , ارتباطها بحادثة كونها أول وزيرة (تزغرد) في محفل عام منذ الإستقلال , ومع الأسف كان المحفل تعبئة عسكرية على أيام حملات البشير (المخلوع _المدان_ المطلوب للمحاكمة محليا ودوليا) , وهذه الصفات بين القوسين ليست تجنيا عليه على كل حال بل لها وقائعها المعلومة والمنشورة لمن لا يعرفها . وفي تلك الأيام من سنة2014م كان نجم حميدتي صاعدا , ومهامه في  (الحماية) تتزايد , بينما رؤوس كثيرة ورتب كبيرة ( فرحانة أوي) بذاك الصعود طمعا أو رهبة ! في المقابل كان الضجر يتواتر , والتذمر يتصاعد , وعوامل الثورة تنضج رويدا رويدا , وجاء أبلغ رد عندما كانت الشوارع تصرخ في أم درمان (تسقط بس) في تزامن مع حشد مصنوع في ساحة الحرية _الخضراء سابقا_ شعاره تقعد بس ! في مطلع العام 2019م , فإلى أي شق كانت تميل سليلة الإتحاديين (البت العطبراوية) . إشراقة الديمقراطية في إتحادها , تقول إنها ضد إنتخاب الوالي مثله مثل الرئيس ؛ إذ حدود الإنتخاب في وعيها يجب أن تتوقف فقط عند الرئيس الذي بدوره يعيّن حاكم الولاية , هذا من أطروحاتها القديمة عندما كانت وزيرة للعمل . أما قصة عزلها من (نسخة الدقير الإتحادية) فتعود بحسب الناطق الرسمي إلى أنها وزميل لها آخر : إستهداف الحزب , وإحداث البلبلة وسط قياداته وكوادره . كان ذلك في 2016م , وشكرا للعم قوقل الذي يحفظ الإرشيف كما هو .
ثم نعود إلى خبر شلاقتها الأخيرة في شهر أكتوبر 2024م ويسبقها لقبها العلمي (دكتورة) فهي تستحقه دون شك , وصفتها السياسية ؛ رئيس الهيئة القيادية للحزب الإتحادي الديمقراطي (أتوقع أنها منتخبة بالضرورة , فإنتخاب الرئيس هو جوهر الديمقراطية عندها) , قالت أقوالا تحتاج كلها إلى نقاش وتثير إستفهامات تستوجب التوضيح ؛ ولأنها حائزة على درجة الدكتوراة فإن تصريحاتها لابد تستند على مناهج البحث العلمي والتقصي الدقيق , كما العشم بأنها جيل شاب من السياسيين غادر محطات اللجاجة و (الشلاقة) إلى آفاق من الوعي , يبدو أن علاء بابكر بلغها كفاحا , أي بدون المرور بمراحل البحث العلمي لنيل الشهادة العالمية (ادلكتوراة) فهل حقا (القلم ما بزيل بلم) وهو مثل محبط لكنه شائع . مما زعمته د. إشراقة أن الجيش السوداني تعرّض لأكبر مؤامرة في تاريخ السودان بعد ثورة ديسمبر , وهي الأسوأ في تاريخ السودان منذ الإستقلال . وعهدي بإشراقة الثائرة ضمن كوادر التجمع الوطني الديمقراطي المعارض لنظام الإنقاذ _ إن لم يخني التقدير_ بأنها قد شبعت حد التخمة من مثل مفردات المؤامرة , واستهداف , واستعمار , وخيانة , وعمالة ..إلخ كانت تطلق من جماعات الإسلام السياسي ضد التجمع وضد كل معارض لسياستهم وممارسهم وما تزال , وهي في الحقيقة ممارسات وسياسات تنطبق عليها ما يرمون به الآخر أكثر من انطباقها على المتهمين بها زورا وبهتانا , هذه محطة بائسة خبرها السودانيون لعقود متطاولة تحت هيمنة وحكم (القوات المسلحة السودانية) بمعية أي تنظيم كان حكمها , لهذا فإن لجم هذه المؤسسة , وتحديد مهامها بدقة , ووفق الدستور وما يشتق منه من قوانين , ومن مبادئ فوق الدستورية , يعتبر من أهم لوازم البناء الوطني للسودان من أول جديد , لهذا فإن ورشة الإصلاح الأمني والعسكري التي عقدت ضمن محاولات البناء الوطني لما بعد الثورة كانت في الحقيقة نقطة جوهرية في سياق الحوار الوطني المنشود بين مختلف الفاعلين على الساحة , وهنا تبدو مسألة الإستعانة بالخبرات الدولية فعلا راشدا , فنحن في حاجة ماسة للعون والعلاقات الحسنة مع العالم , فكيف نعتبر جلب الخبرة العلمية والإستفادة من التجارب العالمية دليل (خيانة) أو مدعاة تفكيك للجيش ؟ هذا قول لا يليق _في تقديري _ بباحثة علمية ؛ استعانت في بحوثها بالخبرات والتجارب والنماذج العالمية دون شك . وكنت أرجو أن تنعكس معارفها على حديثها السياسي دون الإنخراط في (زغرودة) حماسية تجانب الصواب لحظة الإندفاع العاطفي . ومن ذلك تأكيدها بأن إشاعة المدنية وثقافتها إنما هي مؤامرة غربية ضد الدول الضعيفة , كأنما السياسية المدنية إشراقة ترى ألا فائدة من اشتغالها السياسي المدني , فلماذا لا تعتزل الساحة وتركن إلى (رتبة عسكرية) توليها ناصية أمرها , عوضا عن ترؤسها لحزب سياسي ؟ أما كان الاوفق لها في هذه الحالة أن تحول هيئتها القيادية في الحزب الإتحادي إلى (هيئة العمليات) بجهاز الأمن والمخابرات ! ثم تمضي لرمي التهم الجزافية ضد رفقائها في الساحة السياسية بأنهم وكلاء للخارج , وأنهم أدوات تمت صناعتها في ظل فوضى الثورة وكل دورهم هو تفكيك الجيش والمنظومة الأمنية , يعني أنّ الثوار الذين يواجهون الرصاص بصدور عارية , في بطولة وشجاعة نادرة يهدفون فقط إلى تفكيك الجيش ؟ ذلك الجيش العريق الصنديد الذي آواهم يوم هجم عليهم الجنجويد في ساحة إعتصامهم أمام بواباته في يوم (3يونيو2019م) والبنوت في الخيام نيام والدنيا رمضان وصيام و (حدث ما حدث)!! إذ يبدو أن السيدة الدكتورة إشراقة قد توصلت في نتائج بحثها العلمي لأدوار للجيش ليس من ضمنها على الإطلاق حماية المواطنين . أعمل شنو ! يبو أن العلم تطور وشخصي من المتخلفين . ثم تواصل في نشيجها الدرامي بوصف حالة الشعب السوداني (بأنّه يعيش وحدة وطنية غير مسبوقة لم تحدث منذ الإستقلال) , هذا هو منهج التحليل والبحث العلمي الجديد دون ريب , ومن جهالتي لا استوعب مصطلحات مثل (الوحدة الوطنيةغير المسبوقة) فالوطن في عيون (الإتحادية الديمقراطية القحة د. إشراقة سيد محمود) هو ما ترغب في أن يكون وليس كما هو كائن . وإلى هذه النقطة فطن اللاعب علاء الدين وهو يوجه رسالة مفيدة لزميله الكابتن هيثم مصطفى بأن اللاعبين في المنتخب الوطني الذين حققوا الفوز على غانا لا شأن لهم بصراع البنادق المتصارعة ضد الشعب , يمكنك التعبير عن رأيك وانحيازك السياسي في قناة الجزيرة مباشر , أما في الجزيرة الرياضية فإن للرياضة قيم تتجاوز الإنحيازات الأخرى كلها لمصلحة الإنحياز الأكبر الوطن وشعبه كله والإنسانية قاطبة . أي وعي أدركه الفتى في ميادين الرياضة , ولم تدركه الدكتورة في ساحات العك السياسي أو في دهاليز ومظان البحث العلمي المصني .

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *