شباب البراء ضحايا.. أم حفنة مجرمين؟

صلاح شعيب

أمريكا ضمن سياستها لتحجيم الإسلام السياسي أوقعت عقوبات على جماعة البراء في محاولة للالتفاف على المهددات الأمنية التي يثيرونها على مستوى الإقليم. ولكن واشنطن عالجت الأعراض، ولم تعالج المرض. فالبراءون منتج بيئة ثيوقراطية، ودعاة عنف، وحضانة داعشية سرية دربتهم على استعباد عامة الشعب وإرهابه، بأجهزة الأمن، ومنازلة نشطاء الحرية السلميين بالقتل، والاغتصاب.

لو أن هذه العقوبات عالجت موضوع التطرف لدى البراءيين جذرياً لاستهدفت كامل منظومة الإسلام السياسي باجتثاث موارده المحلية، والدولية، وتجريده من دعم حلفاء أمريكا في المنطقة التي تستخدمهم نفعياً، وإسقاط السلطة التي أنتجتهم، ورعتهم حتى ضربوا الولايات المتحدة في معقلها في الحادي والعشرين من سبتمبر 2001.

ما لا يفهمه شباب البراء المغرر بهم هو أن مجنديهم أدركوا جذور الصراع بعد تجربتهم في منازلة أمريكا، وروسيا. ورأوا أن مناطحة الصواريخ الباليستية الذكية بالسيوف  أمر غير مجدٍ، وفضلوا أن الحياة في تركيا، وقطر، وماليزيا، ومصر، ودبي، هي الضمانة لأرواحهم الحديقة.

قادة الإسلام السياسي صاروا مستثمرين في مجالات النفط، والمقاولات، والخطوط الجوية، والتنقيب عن الذهب، واستيراد الدواء، والمؤسسات الإعلامية، والمدارس الخاصة، وإنشاء الجامعات، والكليات الطبية، والمحميات الزراعية، إلخ..ولكن كل ذلك تحت حماية عنف البراءيين الكامنين وراء النظام ظلاً.

أبناء هولاء القادة الإسلاميين أكملوا تعليمهم في جامعات خاصة في الداخل، وحصلوا على الماجستير، والدكتوراه، في جامعات أميركية، وماليزية، وبريطانية، في مجالات الطب، والهندسة، والمحاماة، وإدارة الأعمال، واستوعبهم استثمار آبائهم. وبعضهم أسس شركات خاصة بهم، وأصبحوا جوهر أبناء الطبقة الوسطى، والثرية، بينما أبناء الفقراء من البراءيين مدفوعين بوهم الأيديولوجيا حصدتهم حميات الوغى.

الولايات المتحدة تدرك أن عقوباتها منذ فترة البشير ضد نظامه قد تم الاحتيال عليها عبر أطراف إقليمية سرية داعمة لحكومة الإخوانجية، كما أن عقوباتها الأخيرة ضد طرفي الحرب ظلت مجرد إعلانات للاستهلاك المحلي. ولكن العقوبة الحقيقة تتمثل في الشدة مع الجماعات الخرافية التي تستخدم الدين مطية، وتعضيد تمكين العناصر العقلانية السودانية.

ليس من المحير ألا تجد من البراءيين من ينتمي لأسر الطبقة الثرية الإسلاموية. فهم فقط أبناء فقراء تحدروا من الدندر، وأم روابة، والسليم، وغزالة جاوزت، وريفي المعيقل، وأم بليل. وقد تم اصطيادهم أثناء الطلب الجامعي مستغلين طيبتهم الريفية. فأبناء نافع، وغندور، وأحمد هرون، وكرتي، وأسامة عبد الله، وكبر، وجبريل، والمتعافي، لا يبدأون حياتهم بتجارة العدة، وإنما يولدون وفي أفواههم ملاعق من ذهب. ولهذا السبب تستمر دورة حياتهم في جنة الحياة، مستشهدين في ملذاتها حتى يقبض ميكائيل لا مدفع الهاون أرواحهم ذات الفيرست كلاس.

لو استقام السودان فإن أولى القوانين التي يجب أن تسن، وتجاز، بالإجماع  هي أن يُحرم تجنيد الطلاب في كل مراحل التعليم الأولية حتى الثانوية أيديولوجياً، وأن يُحاكم كل معلم بالسجن لعشرة أعوام إذا ثبت أنه جند أحفادنا دونما استئذان. الإيديولوجيا بكل أشكالها اليمينية، واليسارية، على حد سواء.

ما أمض الحزن أن تقود قادة الحركة الأسلامية آلاف الشباب المغرر بهم إلى أتون الموت في الجنوب، ومناطق النزاع، والحرب الحالية، بينما يرسمون لأبنائهم طريقاً دنيوياً مفروشاً بالورود، والرياحين.

يا أيها البراءون أمهاتكم الفقيرات ينتظرن جهدكم الرؤوف لقطع تذاكر حجهن. وآباؤكم أرهقتهم الحياة غير الكريمة لتوفير لقمة العيش لإخوانكم وأخواتكم الصغار. فلماذا تظلون عبيداً لل Drug Dealers؟

نناشد الإدارة الاميركية أن ترفاً بالبراهين فهم ضحايا في موقع المجرمين بفعل عوامل كثيرة تجب دراستها. وخلاف ذلك تظل عقوباتكم ضد البراءيين مثل صفعهم بالنسيم.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.