اخبار السودان

سياسيو الصف الأول في منطقة أبيي، قادة أم سماسرة؟(23)

لم يكن تعنت المؤتمر الوطني لوحده السبب في تعطيل بروتكول أبيي بل أيضآ عدم ثبات موقف قيادة الحركة الشعبية، (SPLM Leadership’s Irresolute position) _لقد فتح استعداد الحركة الشعبية للمساومة شهية قادة المؤتمر الوطن ،علاوة على ذلك إستغلال حكومة الكيزان جهل المسيرية بمصالحها الحقيقية مع جيرانهم في الجنوب ،دينكا نقوك.

بمعاونة ابناء المسيرية في المؤتمر الوطني ،تم توظيف احقاد المسيرية التي تدفعها الجهل بمصالحها الفعلية (Ignorance driven repugnance) لتحقيق أهداف المركز البعيد دون الوضع في الاعتبار مآلاتها على أرض الواقع_لقد وظفت نخب الخرطوم هشاشة البنية السياسية و الإجتماعية في الإقليم لصالح أجنداتها و إستخدمت المسيرية كأداة قمع و زريعة للتملص من مسئولياتها في بروتكول أبيي .
على سبيل المثال ،بعد النطق بالحكم في لاهاي والتي وافق عليه قادة المؤتمر الوطني من ابناء المسيرية (الدرديرى محمد أحمد رئيس وفد حكومة السودان وأحد قادة المسيرية في المؤتمر الوطني)، قاموا بتحريض المسيرية لعرقلة عمل اللجنة وقد أعلنت المسيرية في مؤتمر الستيب استعدادهم للتصدي لكل من يتجرأ لتنفيذ مخرجات تحكيم لاهاي على أرض الواقع.

كما أشرت في مقال سابق إلى بعض ظروف تأجيل إستفتاء شعب نقوك ،كان المؤتمر الوطني يستخدم المحافظة على أبيي ككرت ضغط على الحركة الشعبية مقابل التساهل في اجراءات إستفتاء جنوب السودان. هنا حدثت خطيئة عظيمة جدآ عندما قبلت قيادة نقوك في الحركة الشعبية بتأجيل إستفتاء أبيي قبل الرجوع إلى أهل المصلحة الفعليين .فالتفويض الذي يتصرفون فيه كيفما شاءوا قد منحهم إياه هذا الشعب في مؤتمر أقوك.رخصة التصرف الحصري في قضية نقوك وهذا بمثابة سوء إستغلال للتفويض وهو ما تسبب في الهوة ا الماثلة الآن بين الشعب والقيادات.لقد منح اولئك القادة.

بعد ان تمت صفقة تأجيل الإستفتاء بعيدا عن الشعب ،قامت الحركة الشعبية بإرسال وفود إلى أبيي لإقناع الشعب بضرورة تفويت الفرصة للمؤتمر الوطني الذي ينوي التملص من مسؤولياته. جاء وفد بقيادة فاقان أموم الذي كان يشغل إذاك منصب الأمين العام للحركة الشعبية ،دينق الور كوال وآخرون ،نظموا ندوة سياسية عامة حاملين رسالة من سلفاكير ميارديت ،رئيس الحركة الشعبية ورئيس حكومة جنوب السودان والتي يطلب فيها من شعب أبيي قبول التأجيل واعدا إياهم بأنه سيضع قضية أبيي على رأس أولويات دولة جنوب السودان فور تحقق غاية الإستقلال .

قبل شعب أبيي وعد الرئيس كير ورسله غير الأوفياء من قيادة نقوك في الحركة الشعبية على مضض وفي ذهنه ما حدث في اديس أبابا عندما تخلوا عن قضية أبيي بضغط من حكومة نميري.رفع الجنوبيون علم الإستقلال في أجواء ملئ بالأمل بغد أفضل ورفع الستار عن عهود من الذل والتهميش السياسي ،الاقتصادي والإجتماعي.شارك شعب أبيي إخوتهم الفرحة لأنهم على قناعة أن الحرية هذه جاءت نتيجة تضحيات أبناء أبيي ،جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق سويا مع إخوتهم في جنوب السودان .

هكذا صارت قضية أبيي جذء من الملفات التي سميت ب (قضايا ما بعد الإستقلال/ Post_independance issues ) والتي من ضمنها قضايا ترسيم الحدود ،آليات إنتاج البترول والمحاصصة فيها،الديون الخارجية ،الأصول القومية وغيرها. واصل طرفا إتفاق السلام الشامل في نهج التنافس Competitiveness بدلاً عن التعاون Cooperation وفي أقل من عام نشب حرب بينهما في منطقة هجليج النفطية والتي إنتهت بإستيلاء الجيش الشعبي لتحرير السودان عليها وقد تكبدت السودان خسائر فادحة ولولا ضغط الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك بانق كي مون على سلفاكير ميارديت ومطالبة حكومة جنوب السودان بالإنسحاب لكانت هجليج الآن تحت سيطرة جنوب االسودان.

تلك التطورات الخطيرة وضعت ضغوطا هائلة على المجتمع الدولي خاصةً شركاء سلام السودان،حيث لاحت شبح الحرب في الأفق من جديد قبل أن تكمل الدولة الوليدة عامها الأول. إستغل المجتمع الدولي علاقات رئيس الوزراء الأثيوبي مليس زناويMalez Zinawiالطيبة مع رئيسي الدولتين عليه إستضافت أديس أبابا المحادثات بين جوبا والخرطوم والتي أثمرت بما سميت ب(إتفاق التعاونيات/Cooperative Agreement). هنا إرتكبت قيادة نقوك خطأءا آخرا عندما سمحوا بعزل قضية أبيي عن قضايا ما بعد الإستقلال. هذه القيادة غير الرشيدة تضحي بقضية أبيي عادة كعربون القومية الجنوبية المدعاة وتواصل في نهج خصخصة ملف أبيي بحيث لا يشاورون أصحاب الشأن مستغلين التفويض أسوأ إستغلال.

أضاع أبناء أبيي في قيادة الحركة الشعبية الفرصة بعد حرب هجليج بحيث كان بمقدور المجتمع الدولي حل قضية أبيي ضمن الملفات العالقة حتى لا تعود أطراف السلام الشامل إلى الحرب مجددا.ان قبول قيادة الصف الأول من أبناء أبيي في الحركة الشعبية مساومة قضيتهم يثير تساؤلات عديدة عن ماهية اهدافهم لأنه مهما بلغ القومية لدى الإنسان مبلغا ساميا لا يمكن ان يستبدلها بحريته الشخصية.لذلك عندما إنشق دينق الور عن مجموعة سلفاكير ميارديت أثناء المفاصلة الكبرى في عام ٢٠١٣م، نظر إليه غالبية شعب أبيي بعين الريبة لأن انشقاقه لم يكن بسبب تهميش ً قضية ابيي،انما جاء في إطار صراع قادة الحركة الشعبية على السلطة في دولة جنوب السودان التي لم تعتمد منطقته ضمن اقاليمها رسميا.

نواصل..

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *