اخبار السودان

سوف تنتهي الحرب… ويبقى السودان بأصالته ووحدته

عبدالرحمن محمد فضل

مقال للنشــر
عمود ظِلَال القمــــــر
عبدالرحمن محمـــد فضــل

______

رغم ما خلفته الحرب من دمار ومعاناة، فإنّ التاريخ يُعلّمنا أن الشعوب لا تُقاس بلحظات الانكسار، بل بقدرتها على النهوض. والسودان، هذا الوطن العريق، يملك من المخزون الإنساني والثقافي والاجتماعي ما يجعله قادرًا على تجاوز المحن، فالنسيج الاجتماعي السوداني، المبني على المحبة والتراحم والتعايش، لم تصنعه سنوات، بل تشكل عبر قرون من التلاقح القبلي والثقافي والروحي إن ما نشهده اليوم من نعرات قبلية وصراعات مناطقية ليست سوى أدوات في يد من لا يريد لهذا الوطن خيرًا، إنها حيل سياسية مكشوفة، استغلت بساطة الناس وعاطفتهم نحو كياناتهم المحلية لتزرع الفرقة بينهم، لكنها ستنقلب عليهم، لأن أصل السودانيين هو التآلف، لا التناحر، والسلام، لا القتال والحروب حتما سوف ستنتهي هذه الحرب، وستذهب بأوزارها، ويبقى الشعب السوداني واقفًا، موحدًا، أكثر وعيًا بما يجب فعله لحماية مستقبله ستُبنى البيوت من جديد، وتُعاد الحياة لمدن غمرها الدخان، وسترتفع اصوات الاذان في بيوت الله ويؤمها المصلون من مختلف القبائل سوف ترتفع راية السودان على أرضه بقلوبٍ متصالحة ونفوسٍ مؤمنة بأن ما جمعهم أقوى مما فرّقهم فالسودان لا يُهزم، لأن أهله يحملون في صدورهم إرثًا من الصبر، ونبضًا من الوفاء، وروحًا لا تعرف الانكسار، لقد ظل السودان وطن شامخ بالكرم ووطن يتّسع للجميع،

ومن المشاهد الجميلة في ظل هذه الحرب ترسخ مشهد يعبّر عن أصالة الشعب السوداني وطيب معشره، حيث شهدت ولايات الشمال ونهر النيل وشرق السودان موجات من النزوح الداخلي، مع توافد أعداد كبيرة من المواطنين الفارين من ويلات الحرب والنزاعات في مناطقهم، وعلى الرغم من الظروف الصعبة، لم يجد هؤلاء سوى الترحاب وكرم الضيافة من أهل تلك المناطق الذين فتحوا قلوبهم وبيوتهم للنازحين، مجسدين قيم التراحم والتكافل التي يتميز بها المجتمع السوداني،

لقد أثبت أهل السودان في كل من شرقه وغربه وشماله وجنوبه، أن الوطن ليس مجرد أرض وحدود، بل هو إنسانية مترابطة تتجلى وقت الشدائد فقد كانت مدن الشمال على وجه الخصوص ملاذًا آمنًا للكثيرين، لم تردّ أحدًا، بل أكرمت وفادة كل من قصدها، بصبر وسخاء وشهامة أصيلة، في وقتٍ غلبت فيه مشاهد الدمار والشتات، بقي السودان عامرًا بأهله، محتفظًا بنبله وأصالته،وما هذا التكافل إلا صورة حقيقية لما يمكن أن يكون عليه الوطن حين يتسامى على جراحه ويستعيد جوهره المتماسك.

[email protected].

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *