سودانيون هجرتهم “الدعم السريع” من ولاية الجزيرة: هددونا بالقتل واغتصاب بناتنا
لم تكن سلوى عبد الله قد تعافت بعد من الوضع بجراحة قيصرية وبينما كانت تعتني بمولودها الذي لم يتجاوز عمره شهراً واحداً اقتحم عناصر من قوات الدعم السريع منزلها في ولاية الجزيرة بشرق السودان أواخر الشهر الماضي. واتهم المقتحمون سلوى بالولاء للجيش وحلفائه؛ خصومهم في حرب مستمرة منذ 18 شهراً. وقالت لوكالة رويترز، وهي تحتمي في مسكن مؤقت بمدينة حلفا الجديدة التي وصلت إليها بعد أن سارت لأيام على الأقدام مع والدتها العجوز وأطفالها، “قالوا لنا قتلتونا، سنقتلكم اليوم ونغتصب بناتكم”.
وأضافت أن قوات الدعم السريع طردوهم خارج قريتهم بالسياط ثم أطلقوا النار نحوهم وهم على دراجات نارية، وهو ما ذكره اثنان آخران ممن تعرضوا لهجمات. وتحدثت “رويترز” إلى 13 ضحية ممن تعرضوا لسلسلة من المداهمات المكثفة والعنيفة في ولاية الجزيرة على مدى الأسبوعين الماضيين، والتي قال نشطاء إنها استهدفت 65 قرية وبلدة على الأقل.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 135 ألف شخص نزحوا، معظمهم إلى ولايات كسلا والقضارف ونهر النيل، والتي تكتظ بالفعل بعدد كبير من نحو 11 مليون نازح داخلياً بسبب الحرب المدمرة التي اندلعت في إبريل/ نيسان 2023.
وقالت كليمنتاين نكويتا سلامي ممثلة الأمم المتحدة في السودان “أشعر بصدمة وانزعاج شديدين إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في ولاية الجزيرة والمماثلة للمستوى الذي شهدناه في دارفور العام الماضي. إنها جرائم فظيعة”، في إشارة إلى هجمات وقعت العام الماضي ودفعت الولايات المتحدة وغيرها إلى توجيه اتهامات بالتطهير العرقي وارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وأدت الحرب إلى انتشار الجوع في أنحاء السودان، ومحو معظم علامات وجود دولة قائمة في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، كما أثارت مخاوف من تفكك البلاد.
وصرح المتحدث باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله بأن “هؤلاء الناس هم ناس بسطاء موجودون في قراهم آمنين يفترض أن يكونوا آمنين. وهم ليسوا مقاتلين وليست فيهم… ولا حامية عسكرية واحدة (حتى) تتهم قوات الدعم السريع أو مليشياتها هؤلاء المواطنين بأنهم يتعاونون معنا”. وأضاف “هم (قوات الدعم السريع) يقومون بتنفيذ مخطط كبير وهو تهجير أهل هذه القرى”.
قوات الدعم السريع تشن هجمات انتقامية
على الرغم من تعرض ولاية الجزيرة لحملة نهب عنيفة منذ أن سيطرت قوات الدعم السريع عليها في ديسمبر/ كانون الأول، فإن انشقاق قائد هذه القوات في الولاية أدى إلى سلسلة من الهجمات الانتقامية. وأعلنت لجان مقاومة ود مدني، وهي جماعة مؤيدة للديمقراطية، عن أسماء 169 شخصاً قُتلوا منذ بدء أعمال العنف في 20 أكتوبر/ تشرين الأول، وأشارت في بيان إلى أن هناك مئات القتلى الآخرين.
وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي إن 25 حالة على الأقل تعرضت لعنف جنسي، من بينها فتاة تبلغ من العمر 11 عاماً لقيت حتفها نتيجة لذلك. وأضاف المكتب أن قوات الدعم السريع صادرت أجهزة إنترنت في 30 قرية على الأقل، وأشار إلى ورود تقارير عن إحراق حقول المحاصيل. وحدثت أسوأ واقعة في قرية السريحة حيث قالت لجان مقاومة ود مدني إن 124 شخصاً قُتلوا في 25 أكتوبر/ تشرين الأول.
وأظهر مقطع مصور تحققت منه “رويترز” أفراداً من قوات الدعم السريع وهم يوقفون رجالاً في طوابير، كثيرون منهم من كبار السن، ويرهبونهم ويجبرونهم على تقليد صوت الخرفان. وكانت ملابس بعض هؤلاء الرجال ملطخة بالدماء. وأظهر مقطع آخر تحققت منه الوكالة أيضاً عشرات الجثث ملفوفة في ملاءات لدفنها. وتنفي قوات الدعم السريع إصدار أوامر بالهجومين، وقالت إن الهجوم على الجزيرة يرجع لتسليح الجيش للجماعات المحلية.
ورد الجيش بأنه يدعم المقاومة الشعبية، رغم عدم وجود أدلة تذكر على تسليح المدنيين على نطاق واسع في الجزيرة. وحذر المرصد السوداني لحقوق الإنسان الجيش من “ترك المدنيين… معرضين لمواجهات مباشرة وغير متناسبة مع قوات الدعم السريع”، التي انتقدها لعدم وفائها بالوعود التي قطعتها على نفسها بحماية المدنيين.
وقال هاشم بشير، وهو رجل معاق بُترت إحدى ساقيه قبل الحرب، إن قوات الدعم السريع طردته من منزله في قرية النايب. وتابع وهو يظهر ندوباً على ساقه السليمة “متوحشون جداً.. ليست لديهم رحمة لكبير أو امرأة أو رجل أو طفل.. ضرب.. لو نجوت من الرصاصة يفلقونك وإن نجوت من الفلق يجلدونك بالسوط حتى تبكي مثل الأطفال”. وقالت ابنة أخيه فائزة محمد إن قوات الدعم السريع لم تسمح لهم بأخذ أي شيء معهم، حتى وثائق الهوية. وأضافت “عندما كنت تحت السرير ضربوني وأخرجوني ونزعوا الحلق من أذني وسرقوا هاتفي”.
(رويترز)
المصدر: صحيفة الراكوبة