سنة تحولات كبرى ومفاجآت تنتظر ترامب
تستقبل الولايات المتحدة العام الجديد برئيس جديد منتخب وتحديات قديمة ومستجدة. فمن أوكرانيا إلى سوريا مرورا بغزة ولبنان وإيران والعراق وروسيا واليمن والسودان وليبيا وغيرها، يرث الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، نزاعات كثيرة وتغيرات جيوسياسية كبيرة تختبر وعده الانتخابي بـ “وقف الحروب”.
يعدد توم أوكونور في نيوزويك أهم الصراعات الدولية المشتعلة والتي تنتظر ترامب، ويقول: أحد أكثر الصراعات تعقيدا وتقلبا التي سيواجهها ترامب، هو توسُع الحرب بين حماس وإسرائيل إلى سائر أنحاء الشرق الأوسط، ودخول إيران وتحالف ما تسميه بمحور المقاومة فيها. والحرب بين روسيا وأوكرانيا والتي تقترب من عامها الثالث. وسقوط بشار الأسد في سوريا وانتصار المتمردين الذي جلب معه مخاطر محتملة جديدة وتحديات لترامب.
نحو “حرب تجارية” مع الصين
تشكل الصين التحدي الأبرز للريادة الأميركية عالميا، وقد وَعَدَ ترامب برفع التعرفة الجمركية على المنتجات الصينية، وفرض المزيد من الاجراءات على الصين وربما عقوبات تجارية قد تؤدي إلى حرب تجارية كما يعتقد بعض المراقبين.
يقول ستيفن والت في فورين بوليسي، إن “إدارة ترامب تعتقد أن الظروف مؤاتية لفرض أقصى العقوبات على أي طرف لا يمنح ترامب ما يريده، لكنني أشك في أن الولايات المتحدة ستتمكن من تغيير السياسة العالمية على حساب هوى ترامب أو إيلون ماسك”.
ترامب والقيادة العالمية
يقول جوناثان شانزر، نائب رئيس “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” لبرنامج “عاصمة القرار” من الحرة: “يجب أن تظهر الريادة الأميركية في 2025 عبر سياسات عملية وليس من خلال الكلمات. سيتعين على إدارة ترامب المقبلة فرض الضغوط على الخصوم والأعداء. سيتضمن ذلك ضغوطا اقتصادية، ولكن يجب أن تتضمن ما هو أبعد؛ علينا رؤية المزيد من العقوبات المالية والأنشطة العسكرية الأميركية”.
ويعتقد جورجيو كافييرو، الأستاذ المحاضر في جامعة جورجتاون، أنه من “الصعب توقع كيف سيقود ترامب سياسته الخارجية، لأنه من الواضح أنه شخصية لا يمكن توقع تصرفاتها. لكنه سيعمل على بناء إرث له وتقديم نفسه كصانع للسلام. لكن ذلك لا يعني أنه سينجح في تسوية الصراعات. ليس لدى ترامب رؤية محددة، وسيميل نحو صياغة سياسة قائمة على إبرام الصفقات والتفاهم مع من يقدم له امتيازات أكثر”.
شرق أوسط جديد دون محور إيران
السقوط المدوي لبشار الأسد ونظامه في سوريا، أسقط ما سمته إيران بمحور المقاومة. وبدا الشرق الأوسط وكأنه يتكون من جديد. ومن المرجح أن تكون التوترات بين إيران والولايات المتحدة واحدة من أولى التحديات الكبرى التي تواجهها إدارة ترامب في مجال السياسة الخارجية.
يحث جان هوفمان ترامب على التعامل مع إيران دبلوماسيا، وأن يستفيد من النافذة المحدودة المتاحة حاليا لنزع فتيل البرنامج النووي لطهران بطريقة سلمية وتهدئة التوترات مع الجمهورية الإسلامية، ويُضيف: “هناك إشارات متضاربة من ترامب ومن مستشاريه. فمن ناحية، هناك تقارير تفيد بأن الرئيس المنتخب يرغب في تجديد حملة “الضغط الأقصى” ضد إيران، رغم فشلها في عهده وفي عهد بايدن. ومن ناحية أخرى، هناك إشارات تفيد بأن ترامب يتطلع إلى احتمالات التوصل إلى اتفاق مع طهران. إن الخيار الأفضل أمام ترامب هو الدبلوماسية”.
تصعيد العقوبات.. مواجهة أميركية صينية قبل تنصيب ترامب
قبل أيام من عودة، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، اتخذت الولايات المتحدة والصين سلسلة إجراءات متبادلة تنذر بتصعيد غير مسبوق.
في المقابل، يدعو سيث كروبسي، إلى الاستفادة من التطورات الراهنة في المنطقة لرسم استراتيجية أميركية أقوى تجاه إيران، ويضيف: “لقد نجحت إسرائيل في تحييد اثنين من وكلاء إيران، وتعمل الآن على استهداف الحوثيين. إن الظرف والتوقيت مناسبان الآن لإسقاط النظام الإيراني، راعي هؤلاء الوكلاء. إن ضرب الأهداف الإيرانية الحيوية سيُعبد الطريق أمام سياسة أميركية جديدة من أجل الإطاحة بمحور المقاومة”.
يقول جورجيو كافييرو: “أعتقد أن مقاربة ترامب تجاه إيران ستحكمها العديد من المتناقضات. فمن جهة، سيكون في إدارته أشخاص مؤيدون لإسرائيل بشكل متطرف. ومنهم من يريد تغيير النظام الإيراني. في ذات الوقت، يريد ترامب التوصل لاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، ورفع العقوبات عن إيران بعد التوصل لاتفاق. أعتقد أن سياسة ترامب تجاه إيران ستكون غير منسجمة ومتخبطة للغاية”.
ويعتقد جوناثان شانزر أن “بايدن فشِل في كبح جماح إيران. نشاهد ذلك من خلال استمرار إطلاق الحوثيين النار على السفن الحربية الأميركية في البحر الأحمر، ومواصلتهم إطلاق الصواريخ البالستية على إسرائيل. والحشد الشعبي يواصل أنشطته في العراق. لذلك، إذا أردنا رؤية الأمور تسير في الاتجاه الصحيح هذه السنة، علينا أن نرى سياسة أميركية بأهداف واضحة للغاية تتضمن دعم حلفاء أميركا واتخاذ إجراءات في حق أعداء أميركا. هذه هي السياسة التي نريد رؤيتها في 2025”.
سوريا الدولة لا الممر الإيراني
ومن إيران إلى سوريا التي كانت لفترة طويلة ساحة من ساحات إيران، وممرا لسلاح طهران إلى حزب الله في لبنان. الآن وقد تحررت سوريا من سيطرة روسيا وإيران وميليشياتها فقد بدأت التساؤلات في واشنطن عن أفضل سياسة أميركية يمكن للرئيس ترامب اعتمادها تجاه دمشق.
يقول تشارلز ليستر، مدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط: “من خلال الإبقاء على العقوبات الأميركية على سوريا اليوم، رغم أن كون أغلبها تقريبا فرض على نظام بشار الأسد، تقوم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشكل مباشر بتقويض المرحلة السياسية الانتقالية الهشة للغاية في سوريا. الأمر بهذه البساطة”.
ومن سوريا إلى غزة حيث بدأت حماس هجوما على إسرائيل تحول إلى حرب دمرت القطاع وامتدت إلى لبنان. يعتقد ديفيد تافوري أنه “رغم خصومتهما السياسية، يبدو أن بايدن وترامب على وفاق بشأن غزة. ويعملان كل بموازاة الآخر للضغط على كل من حماس وإسرائيل من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار وعودة الرهائن”.
سيواجه الرئيس ترامب عالما أكثر عدائية للمصالح الأميركية من ذاك الذي عرفه خلاف ولايته الرئاسية الأولى. فهل سيتمكن الرئيس العتيد من حل النزاعات الدولية، وتثبيت دور أميركا القيادي عالميا، لا سيما في الشرق الأوسط؟.
الحرة
المصدر: صحيفة الراكوبة