سد الفجوة: توحيد المساعدات الإنسانية والحماية الاجتماعية من أجل الاستجابات المرنة للأزمات العالمية
في عصر أصبحت فيه الأزمات أكثر تواتراً وتعقيدًا، تبرز مجموعة العمل التابعة لمجلس التعاون المشترك بين الوكالات للحماية الاجتماعية (SPIACB) والمعنية بربط المساعدات الإنسانية والحماية الاجتماعية كمنارة للأمل والابتكار. يشترك في قيادة هذا الفريق التابع لمجلس التعاون بين الوكالات للحماية الاجتماعية (SPIACB) المعني بربط المساعدات الإنسانية (النقدية) والحماية الاجتماعية الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر واليونيسيف ووزارة التنمية الاجتماعية. وكانت تُعرف سابقًا باسم المجموعة الفرعية لمسار عمل الصفقة النقدية الكبرى المعنية بربط الأموال النقدية الإنسانية بالحماية الاجتماعية. في نوفمبر 2021، من خلال عملية تشاورية، أصبحت المجموعة مجموعة عمل SPIACB من أجل تعزيز التوافق الاستراتيجي بين الأهداف الإنسانية والإنمائية. شرعت هذه المجموعة، وهي بوتقة تنصهر فيها الجهات الفاعلة في شؤون الاستجابة الإنسانية والحماية الاجتماعية كما أسلفت، بما في ذلك الجهات المانحة والأمم المتحدة ومختلف المنظمات غير الحكومية، في مهمة تهدف إلى سد الفجوة بين المساعدات الإنسانية وأنظمة الحماية الاجتماعية. وفي قلب مساعيهم يكمن الالتزام بالتحويلات النقدية او المساعدات النقدية، وهي استراتيجية لا تَعِد بالإغاثة فحسب، بل بالمرونة لأولئك الذين وقعوا في مرمى الأزمات الانسانية الطاحنة على النطاق المحلي أو العالمي. أصدر فريق العمل المبادئ المشتركة لربط المساعدات الإنسانية والحماية الاجتماعية في 19 كانون الأول (ديسمبر) 2023. ولأهمية هذه الوثيقة سأقوم بعمل استعراض حولها في هذا المقال.
وقد وضعت مجموعة العمل، من خلال عملية تشاورية واسعة وشاملة، تسعة مبادئ مشتركة تهدف إلى تعزيز نهج أكثر تماسكا لإدارة الأزمات. هذه المبادئ، التي تم تطويرها في ظل رابطة السلام للتنمية الإنسانية، ليست مجرد مبادئ توجيهية ولكنها دعوة للعمل من أجل استجابة أكثر تكاملاً وفعالية وإنسانية لحالات الطوارئ العالمية تراعي الأبعاد الواقعية التي تتواءم مع ظروف الاستجابة في ظل ظروف الطوارئ الإنسانية وتمهد الطريق للمتغيرات المستقبلية والتحولات. وهي تؤكد الحاجة الملحة إلى بذل جهود تعاونية تشمل المجالات الإنسانية والتنموية وبناء السلام لضمان تقديم خدمات أفضل للسكان المتضررين.
فيما يلي المبادئ التسعة المشتركة للربط بين المساعدة الإنسانية والحماية الاجتماعية:
1 تقييم نقاط الدخول بشكل منهجي لربط المساعدة الإنسانية (HA) والحماية الاجتماعية (SP) عند تصميم وتنفيذ خطط الاستجابة لحالات الطوارئ.
2 ضمان الإدماج الهادف والآمن للفئات السكانية الضعيفة في أنظمة الحماية الاجتماعية لحماية أولئك الذين قد يؤدي أدراجهم إلى تعريضهم للخطر أو يؤدي إلى استبعادهم.
3 ضمان المشاركة مع الجهات الفاعلة المحلية عند ربط HASP، مع الأخذ في الاعتبار المساحة الموجودة في البلاد لمشاركة المجتمع المدني.
4 وضع آليات تمويل أكثر مرونة لتمكين نُهج الحماية الاجتماعية عبر هذه العلاقة، وتشجيع الجهات المانحة على سد الفجوات في مصادر التمويل.
5 بناء آليات التنسيق التي تربط بين HASP على المستويات القطرية والإقليمية والعالمية لتحسين التنسيق بين الوكالات ومع الجهات الفاعلة الحكومية في SP وإدارة مخاطر الكوارث.
6 العمل على أطر مشتركة للرصد والتقييم لقياس النتائج وبناء قاعدة بيانات الأدلة للممارسات الفعالة في ربط HA وSP.
7 تقديم مساهمات منسقة ومتكاملة لتعزيز نظام الحماية الاجتماعية في سياقات أكثر استقرارًا مع الصدمات المتكررة، مسترشدة بخطط محددة بشكل مشترك.
8 البحث عن نقاط الدخول للحفاظ على عناصر الحماية الاجتماعية أو بناء أسس شبكات الأمان في أماكن النزاع، بناءً على حساسية النزاع ومخاطر الحماية وتحليلات المخاطر الأخرى.
9 توسيع نطاق الوصول إلى الحماية الاجتماعية للسكان النازحين والمهاجرين قسراً، مع الاعتراف باحتياجاتهم الخاصة ومساهماتهم في الاقتصاد
وفي مواجهة الأزمات المتصاعدة التي تهدد أهداف التنمية المستدامة، تكون هذه المبادئ بمثابة خارطة طريق نحو مستقبل تعمل فيه أنظمة الحماية الإنسانية والاجتماعية جنبًا إلى جنب. إنها تقوم على تصور عالمياً لا تكون فيه الاستجابة للأزمات فورية فحسب، بل مستدامة أيضاً، ولا تعالج الأعراض فحسب، بل الأسباب الجذرية للضعف. ومن أهمية إشراك الجهات الفاعلة المحلية إلى الحاجة إلى آليات تمويل مرنة، تسلط هذه المبادئ الضوء على النهج المتعدد الأوجه المطلوب لتحويل الطريقة التي نستجيب بها للأزمات.
علاوة على ذلك، فإن مبادرة مجموعة عمل SPIACB هي شهادة على قوة التعاون. ومن خلال الجمع بين مجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة، فإنه يهدف إلى كسر الصوامع التي تفصل تقليديا بين الجهود الإنسانية والجهود التنموية. ولعل هذه الروح التعاونية هي العنصر الأكثر أهمية في السعي إلى ربط المساعدة الإنسانية بالحماية الاجتماعية. وهو يعترف بأنه في ظل تعقيد الأزمات الحديثة، لا يوجد طرف فاعل واحد لديه كل الإجابات. وبدلا من ذلك، يمكننا أن نأمل في إحداث تغيير ملموس في حياة المحتاجين من خلال تجميع مواردنا و معارفنا وخبراتنا.
في الختام، يمثل فريق عمل SPIACB المعني بربط المساعدة الإنسانية والحماية الاجتماعية خطوة مهمة إلى الأمام في جهودنا الجماعية لبناء عالم أكثر مرونة وإنصافًا وإنسانية. ومن خلال مبادئها المشتركة، فإنها تقدم مخططًا لمستقبل تكون فيه الاستجابة للأزمات شاملة بقدر ما تكون رحيمة. وبينما توجه هذه المبادئ أعمالنا، فإنها تتحدانا أيضًا لإعادة التفكير في نهجنا تجاه المساعدات الإنسانية والحماية الاجتماعية، وتحثنا على تصور عالم لا يتخلف فيه أحد عن الركب في مواجهة الكوارث.
المصدر: صحيفة الراكوبة