زيارة عقار لروسيا وتعقيدات التدخل الدولي
بقلم: تاج السر عثمان بابو
«1»
تستمر الحوب اللعينة وجرائمها كما في اشتداد تيرانها في مدن الخرطوم الثلاث ، ودارفور، والصراع على مواقع سلاح المهندسين والمدرعات وقاعدة وادي سيدنا ، وتستمر الجرائم ضد الانسانية كما في اغتيال الكوادر الطبية كما حدث في مستشفي الدروشاب بالخرطوم بحري الذي قامت به مليشيات الدعم السريع حسب ما جاء في بيان نقابة أطباء السودان ، ليرتفع عدد الضحايا من الكوادر الطبية حوالي (23) طبيبا وعاملا في القطاع الصحي، اضافة لخروج 70% من مستشفيات العاصمة من الخدمة بسبب القصف من الجيش والاحتلال من الدعم السريع، وفاق عدد القتلي أكثر من (2000) شخص ، واصابة أكثر من 5 الف شخص ، ونزوح 2,1 مليون شخص داخل وخارج السودان.
«2»
لقد طال أمد الحرب التي كان يظنها كل من الطرفين المتحاربين نزهة قصيرة ، وتضع الحرب اوزارها، فلم يستطع أحد الطرفين حسم المعركة، فضلا عن حجم الخراب والدمار غير المسبوق الذي لحق بالخرطوم ، مؤسساتها الصحية والتعليمية والثقافية والصناعية والزراعية، والبنوك ، وحرق الأسواق ، ونهب المنازل واحتلالها والسكن فيها ، ونهب وعربات وممتلكات المواطنين من الجنجويد ، كما رصدت لجان الأحياء ، اضافة لقصف الجيش للاحياء السكنية مما أدي لخراب ودمار ، وقطع خدمات المياه والكهرباء عن المواطنين، فضلا عن تدهور الاوضاع المعيشية وشبح المجاعة الذي يخيم على البلاد ، واثر الحرب على فشل الموسم الزراعي.
فمع اشتداد حدة المعارك واستمرار الحرب وأثرها على المدنيين ، والفشل في حفظ الأمن من الجيش ، وترك الجنجويد يعيثون فسادا ونهبا في الأحياء ، تبرز فكرة التدخل الدولي على أساس البند السابع لجماية المواطنين ، و ما يتبع ذلك من مشاكل وتعقيدات التدخل الدولي.
«3»
جاءت زيارة مالك عقار لروسيا في إطار تعدد المبادرات التي تضيف المزيد من تعقيدات الأزمة ، واستمرار ادخال البلاد في حلبة الصراع الدولي بين روسيا والولايات المتحدة الامريكية ، فروسيا لها استثمارات في التعدين بالسودان سوف تواصل الدفاع عنها بديلا عن مرتزقة “فاغنر” بعد ان وضح خطر المليشيات عليها بعد التمرد الأخير ، اضافة لأزمة روسيا وانشغالها بالحرب مع اوكرانيا، ومصلحتها في قيام القاعدة البحرية الروسية على البحر الأحمر التي لن تسمح بها أمريكا، مما يجعل السودان في مرمي نيران الصراع الدولي لنهب الموارد بين أمريكا وروسيا.
اضافة لدعوة البرهان لتدخل تركيا المعروفة بدعمها للاسلاميين ، مما يفتح الباب للارهابيين من كل شاكتة لدخول البلاد، كما حدث في نسعينيات لقرن الماضي ،حتى تم تصنيف السودان دولة راعية للارهاب ، ولم يتم الرفع من قائمة الارهاب الا بعد الثورة ، مما يعني عودة السودان للعزلة الدولية مرة أخرى، بعد دعوة البرهان بعد الهزائم التي منى بها الجيش الشباب للتسلح التي هي غطاء لحشد مليشيات الإسلامويين في الحرب، مما يؤدي للمزيد من التعقيدات واطالة أمد الحرب اللعينة ، والمزيد من الدمار للبلاد.
«4»
تعدد المنابر الذي تدعو له سلطة البرهان بدعوتها لروسيا وتركيا، اضافة لمنبر الاتحاد الافريقي والايغاد ، لتكوين منابر موازية لمنبر جدة الذي ترعاه السعودية وامريكا ، يهدف للضغط على أمريكا ، مما يعيدنا الي تجربة نظام الانقاذ في إطالة أمد الأزمة بعد انقلاب الاسلاميين في 30 يونيو 1989 ،ورفض الاتفاق السياسي الذي توصلت له الحركة السياسية ( اتفاق الميرغني قرنق)، واشعال الحرب الدينية التي قادت في النهاية لفصل الجنوب ، ومأساة دارفور في الابادة الجماعية مما جعل البشير ومن معه مطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية ، اضافة لتدبير الانقلاب علي ثورة ديسمبر وتدبير مجزرة فض الاعتصام مع الدعم السريع واللجنة الأمنية ، وحتى انقلاب 25 أكتوبر مع الدعم السريع وجيوش حركات اتفاق جوبا والمقاومة الباسلة الذي وجدها ،مما فجر الأزمة بين اللجنة الأمنية والدعم السريع حول الدمج في الجيش وحتى الحرب التي ازكى نارها الفلول ومليشياتهم ، وادت للدمار الهائل الذي حدث في الخرطوم والابيض ودارفور ( نيالا، الفاشر، زالنجي ، كتم ، طويلة ، والجنينة.) ، وجنوب كردفان والنيل الأزرق ، وماحدث من إبادة جماعية في الجنينية اضافة لجريمة مقتل الوالي خميس ابكر ،التي يتحمل مسؤوليتها الدعم السريع اضافة لفشل قوات الجيش والحركات في حماية المدنيين.
«5»
فلا بديل غير وقف الحرب لأن اطالة أمدها يؤدي للمزيد من التعقيدات والحرب الأهلية على اساس عرقي ، وتهديد دول الجوار للتداخل القبلي معها ، مما يهدد المنطقة باسرها، اضافة للصراع الامريكي الروسي لنهب موارد السودان والوجود على البحر الأحمر ، مما يؤدي لحرب لا تبقي ولاتذر لواحة للبشر ، والمزيد من تمزيق وحدة البلاد ، مما يستوجب الحل الداخلي الذي يتوج بالمؤتمر الدستوري للتوافق على شكل الحكم والدستور ، وقيام الحكم المدني الديمقراطي وابعاد العسكر عن السياسة والاقتصاد وحل الجنجويد، ومحاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب، وترسيخ الحكم المدتي الديمقراطي في البلاد.
المصدر: صحيفة التغيير