اوهاج م صالح
انكما ايها الرئيسان تعلمان علم اليقين حجم المعاناة التي عاشها ولا يزال يعيشها الإنسان السوداني بصفة عامة وانسان دارفور بصفة خاصة. اما فيما يختص بمعاناة اهل دارفور، فهي لا تخفى على أحد، ويمكن التذكير بها في الآتي:
الحرمان من المساعدات التي تقدمها الدول والمنظمات.
الحرمان من المستندات الثبوتية
الحرمان من الدراسة والجلوس للإمتحانات منذ ان اشتعل هذه الحرب اللعينة
الحرمان من رواتبهم ومن المصاريف التي تأتيهم من ابنائهم بالخارج، على قلتها
الأمراض التي ظلت تفتكم بهم مع انعدام العلاج.
الجوع المستشري بينهم كبيرا وصغيرا
معاناتهم مع القصف العشوائي والبراميل المتفجرة التي ظلت تنهمرعلى رؤوسهم كالمطر.
التهجير من مناطقهم والنزوح المستمر من مكان لمكان
انعدام الأمن والأمان في جميع ربوع البلاد.
وبالرغم من كل هذه الأهوال والمعاناة، والتي اقلها كفيل بأن يقضي على امة بأكملها، فقد صبر اهل دارفور صبر ايوب، على امل ان يأتيهم الفرج من الله قريباً، وكذلك من قادة الدعم السريع وحكومة تأسيس. وعلى هذا الأساس ظلوا متمسكين بدعمكم بقناعة لا تتزحزح وعزم لا يلين، وقدموا ارتالا من خيرة ابنائهم، شيباً وشباباً، في سبيل القضية التي تداعيتم لها. وكان يفترض ان يكون جزاء اهل دارفور من جنس التضحيات التي قدموها لكم. ولكن بكل اسف، بعد ان تمكنتم أو بالأحرى مكنوكم من زمام الأمور، تنكرتم لهم، وصببتم جاما غضبكم على ابنائهم والزج بهم في السجون، بحجج واهية، واصبحتم تتصرفون تماماً كما يتصرف الفلول بالقبض على الناس وسجنهم أو قتلهم بدعاوى واهية مثل الوجوه الغريبة أو متعاونين، او حواضن.
يا ايها الرئيسين، لقد اقدمت قواتكم الأمنية في الأسابيع القليلة الماضية، بالقبض على عدد كبير من اعيان أهل دارفور من مختلف المحليات والقوا بهم في السجون بصورة مهينة كالخراف مع تجار المخدرات والسلاح، ولم يتمكن اهليهم من معرفة مكان حبسهم، وقد حرمهم امنكم من السماح لهم بأخذ ابسط احتياجاتهم، خاصة ان بعضهم قد يكون يعاني من أمراض مزمنة وبحاجة الى تناول ادوية معينة وبصفة يومية.
وما رشح من اسباب الإعتقال، هو انهم يعملون في تجارة العملة والتحويلات. وانا ارى انه في ظل انعدام توفر البنوك والخدمات المصرفية، وشح السيولة، فإن مثل هذه الأسباب تعتبر اسباب واهية، خاصة اذا علمنا ان هؤلاء التجار يقومون مقام هذه المؤسسات المتوقفة عن الخدمة، وان حبسهم بسبب هذه التهمة سوف يتسبب في معاناة كبيرة للمواطن. وكان من باب اولى تقديم صوت شكر لهم، لأنهم يوفرون للمواطن خدمات لوجستية في غاية الأهمية، حيث بدونها سوف يتعرض المواطن الى مخاطر كبيرة، قد تؤثر حتى في سير عملياتكم العسكرية والأمنية. يا ايها الرئيسين، يجب ان تعلما ان الذين قبضتم عليهم تجار، فهم بجانب توفير خدمات الصرافة، فإنهم ايضا يقومون بجلب السلع والبضائع من خارج الإقليم وفي ظل انعدام السيولة فإنهم يستخدمون هذه التحويلات ايضا في توفير السلع للمواطن، لأنكم مع ظروف انشغالكم ليس بمقدوركم تقديم أي خدمة لهذا المواطن الغلبان الذي وكل امره كله دقة وجله للواحد الديان، لعلمه بأنه ليس هناك من ام تبكي عليه ولا مسؤول في هذه الدنيا يهتم بأمره وترك لوحده يصارع الصعاب.
وانا ارى، والرأي اوله واخراه لكما، انه يجب فك اسر هؤلاء المقبوضين الذين ذنبهم الوحيد هو العمل في التحويلات، خاصة وان المواطن المعني بهذا الأمر، راضي تمام الرضى بما يقدمه له هؤلاء من خدمة جليلة لا تتوفر في هذه الظروف الا من خلال هؤلاء التجار. وتأكدوا انكم اذا اصريتم المضي في هذا القرار، فإنكم تكونوا بذلك قد رفعتم شعار استعداء المواطن، الذي ظل يرفدكم بأبنائه جماعات ووحدانا، ومتى ما شعر هذا المواطن انكم تستهدفونه في معيشته من خلال سجن ابنائه، فإنكم بدون شك سوف تخسرونه، ومثل هذه الخسارة سوف تكلفكم كثيرا، وانتما يا رئيس حكومة تأسيس، ورئيس الوزراء، من اقليم دارفور، وتعلمان طبيعة انسان دارفور التي لا تقبل الذلة والمهانة من أي كائن كان، فأحذرا غضب الحليم واطلقوا ابنائه على وجه السرعة، اللهم الا اذا وجدتم بديلا افضل من شعب دارفور واستغنيتم عن خدماتهم التي ظل يقدمها لكم بالمجان.
وتذكروا انكم كلما اطلتم حبس هؤلاء التجار، فإنكم سوف تتسببون في معاناة كبيرة لهذا المواطن المسكين الذي ينتظر مصاريفه بفارق الصبر عبر هؤلاء التجار الذين لا بديل لهم. وانصحكم بإستشارة جهازكم الإعلامي الذي يتواجد معظمه خارج السودان، لأنهم يعرفون اهمية هؤلاء التجار واهمية خدماتهم التي تربطهم بأسرهم المتواجدين داخل الوطن.
اختتم هذا المقال لأذكركم بأنكم تعودتم على اطلاق سراح مقاتلي الجيش والقوات المشتركة، والمستنفرين، الذين قتلوا منكم عشرات الآلاف، فهل يا ترى هؤلاء التجار اكثر خطورة من اعدائكم المباشرين؟؟؟؟ آرجو ان تراجعوا هذا القرار وتتراجعوا عنه بأسرع فرصة، واطلاق سراح هؤلاء التجار اليوم قبل بكرة، ولا تكونوا كالهرة التي تأكل ابنائها.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة