رسالة إلى صديقى د.الواثق فى القطار المعاكس
(١)
💎 تحياتى وأشواقى دكتور الواثق تلقيت رسالتك الناصحة والمُشفقة على شخصى وأنا شاكر لها وأحتفى بمناقشتها وصداقتنا ورفقة المنفى الطويل بين بولى وكمشكاتو والمعادى والعديد من المدن الأفريقية والأوربية جمعتنا فى مسيرة نضالنا من أجل سودان المستقبل هذه الصداقة لا تحتاج لتأكيد وشهادة بحث كانت وستبقى وأصبحت جزء من المألوف الذى يصعب الإستغناء عنه فهى ملح الحياة وأعتز بذلك.
(٢)
💎هذه الحرب القائمة يا د.الواثق حدث زلزالى يفوق الثمانية درجات بمقياس ريختر فى القتل والتدمير والتوحش لم يشهد السودان إنقسام سياسى ومجتمعى حاد بمثل ماهو المشهد بسبب هذه الحرب
*أصل الحرب هو الصراع على السلطة والثروة* بين الفريق البرهان مدفوع بالحركة الإسلامية وكبار جنرالاتها تحت الكاب الرسمى من أجل إستعادة حكمها الذى أسقطناه سوياً بثورة شعبية يستحيل محوها وأثر فأسها مازالت قائمة فى وجه الحزب المخلوع ، الطرف الثانى فى هذه الحرب هو الجنرال الفريق حميدتى والدعم السريع هم صناعة إنقاذية بالكامل لخلق عصبية جديدة للحفاظ على حكم الإنقاذ بعد تلف و نفاد عصبيته الإسلامية وتحوله لتحالف بين الأمن والسوق والزلنطحية جماعة دعنى أعيش ، فكانوا يبحثون عن حارس أمين بلا وعى وطموحات يحرس فسادهم ويكتفى بالفتات من فضلات موائدهم فوقع إختيارهم على الجنجويد فى غيابنا لكن حدث ما حدت (والشلاقى ما خلا عميان ) بعد ذلك كما ذكر حميدتى
(٣)
💎كان الطرفين مما نسميهم (قيادات القوات المسلحة) وليست القوات المسلحة هؤلاء الجنرا لات الذين يوظفون حزب القوات المسلحة من أجل السيطرة على السلطة والثروة وصناعة نظام ديمقراطى مُدار على مقاسهم لتحقيق طموحاتهم ومفارق لرغبة الشعب وثورته المجيدة والدعم السريع هم حُراس المعبد وأداته الباطشة التى صنعتها قيادة النظام تحت شعار (حمايتى) ومؤسسته الأمنية لدحر ثوار الهامش الذين أرهقوا حكم المركز على رأسهم ذات الجنرالات البرهان وكباشى والعطا ليست لديهم سالفة قبل الثورة فى دعم أى توجه ديمقراطى فى البلاد كانوا أدوات السلطة ومعهم الدعم السريع والإثنين يا أخى وصديقى د.الواثق كانوا متفقين ضدنا وضد التحول الديمقراطى حتى إنقلابهم علينا فى ٢٥ إكتوبر ٢٠٢١م ومصادرة كل شعارات الثورة أمام ناظرينا ، وقعت الحرب الراهنة وحدثت المفاجئة إرتفاع صوت الإبن على الأب وبدأت مسيرة العقوق المتبادل التى وصلت مرحلة الإهانة والتجريح وكسر العظم بسقوط المقرات فى العاصمة والولايات وبدأ الطرفين الفزع جنرالات الجيش المتسلطين فزعوا نحو شرعية المؤسسة العسكرية وقوميتها الجريحة لحشد الشعب تحت راياتها ليقتاتو منها ويوظفوا موقعها فى ضمير العامة كملاذ للأمن وضامن للإستقرار يتطلعون إلينا لنكون وقود لحربهم الجائرة ونحن دمنا يسيل من رصاص بنادقهم ودهس مدرعاتهم فى شوارع المدن لكسر شوكة الثورة .
(٤)
💎والدعم السريع فزع نحو الهامش العريض وشعاراته التاريخية منذ الإستقلال مطالباً بالعدالة والإنصاف وتبنى أهداف الثورة فى التحول الديمقراطى وكلهم راكبين الطرور من أجل الطفوا والتحشيد أمام فيضان الحرب وإحتياج للمناصرة ، الحقيقة يا صديقى د.الواثق أن الوطن والوطنية فى مأزق كبير بين جنرالات متحزبين من الكاب لرباط البوت ومنحازين لجماعة سياسية ومتبنين لمواقفها وشعاراتها ضدنا ، هدفهم الإستحواذ على السلطة والثروة بإسم القوات المسلحة وفى المقابل دعم سريع تعلق بشعارات الهامش التاريخية وإستلف مظالمه من أجل التحشيد فى المواجهة والضحية يا صديقى د.الواثق هى الأهداف التى جمعتنا فى بداية التسعينات *السلام المجتمعى الشامل والتحول الديمقراطى الكامل* وإخراج الحكم من ضيق المغالبة لفضاء الإختيار ، لذلك هذه الحرب يا صديقى د.الواثق هى عدونا الأول الذى وئد كل أحلامنا كديمقراطيين ليست لنا فيها ناقة ولا جمل وليست للقوى الديمقراطية مجتمعة مصلحة فى إستمرارها أو دعمها .
(٥)
💎 *الواجب الوطنى الآن العمل على وقفها فوراً* لا كما تفعل أنت الآن تطالبنا بزيادة إشعالها بالإنحياز لأحد طرفيها والمستغرب جدا أن يتم تغبيش رؤية أمثالك من المخلصين النابهين بأنها حرب من أجل بقاء الدولة أمام الفوضى وهى الفوضى ذات نفسها وطريق تحلل الدولة وفسادها ، هذه حِيلة الديكتاتورية والمتسلطين عبر التاريخ ، وضع الشعب فى المفاضلة بين الحرية أو الفوضى فى معادلة واقعية لكى يتم مقايضة الحرية بالأمن والسلامة ويرضى الشعب من غنيمة الثورة بالإياب خالى الوفاض من كل شعاراتها وأهدافها ودفن الأمل والطموحات المرتبطة بها .
(٦)
💎ما تقومون به يا صديقى د.الواثق بالإنحياز للتحشييد والدعوة للتصعيد هى جزء من لوثة المتعلمين وحركة بعض المثقفين اللولابية المتسلقة على عمود القوة الخشنة يرافقهم بعض الإنتهازيين من السياسيين فى أوقات الأزمات الكبرى التى تربك أدوات تحليلهم وتفقدها المنطق ، نحن لسنا فى موقع نقل الكفر كما ذكرت فى رسالتك إنما فى موقع ترسيخ الإيمان بالشعب والكفاح السلمى المدنى الديمقراطى الذى نعبر عن أغلبيته المطلقة بالحسابات الإحصائية البسيطة Statistics أن معسكر الهوجه الذى إستجاب للتعبئة الجهوية والأثنية فى الاستنفار وتجييش الشعب هم الأقلية حوالى ١٥% من سكان البلاد فقط فى ولاياتها المعلومة العدد وفق آخر إحصاء سكانى لذلك فشلوا فى تحقيق أهدافهم ، والتيار الرافض لمبدأ الحرب والعامل من أجل حشد الشعب لوقفها بالتفاوض والعودة للمسار الإنتقالى الديمقراطى هم الأغلبية فى تقديرى ٨٥% من تعداد السكان مع وقف الحرب والتحول الديمقراطى وتحقيق السلام الشامل ، ما نطالب به الأن هو وقف الحرب وإستعادة مناخ الحريات ، وإذا فشلنا فى تعبئة الشعب والشارع بالعودة لحالة الثورة بأغلبيته الكاسحة يمكنكم نصب المشانق لنا وفتح السجون وإقامة النظام الذى يناسبكم ، متوهم من يعتقد أننا نقف على بابه لنستجدى منه السلطة ليعطى أو يمنع فى منابر مقفولة وسط الجنود ، نحن نحتمى بشعبنا أوقفوا الحرب والقتال لنستمع له ولصوته ومطالبه إن لم يكن فى صفنا نحترم خياره وندعم توجهه فهو السيد فوق كل سيد لايوجد وصى على إرادته الحرة .
(٧)
💎💎ختامة
يا صديقى د.الواثق لعلمك وعبرك لقيادة القوات المسلحة نحن لسنا ضد القوات المسلحة والجيش الواحد القومى المهنى الذى لايشتغل بالسياسة أو التجارة ، وليست لنا مطالب وطموح فى سلطة أصبحت جيفة توليها يحتاج لفدائيين من أجل إنقاذ الوطن والمواطن بعد الخراب والتدمير الذى حدث لايمكن قبولها بلا تفويض كاسح من الشعب وسند لا يساوره شك لتفويض كامل وقبول عمليات جراحية قاسية دون (بنج ) حتى نتمكن من الخروج من هذا المستنقع الغيهب الذى صنعته هذه *الحرب الملعونة التى لن ندعمها حتى يهنق حمار الوادى فى الفلاة* أو يدخل الجمل فى سم الخياط ، هذا الحوار بروحه الدافئة ومفرداته المدببة لن يفسد للود بيننا قضية (صحوبيتنا فى محلها) نتمنى أن نجتمع فى أمدرمان وتمشى حافى حالق فى الطريق الشاقى الترام.
#لا للحرب
#لالتجييش_المواطنين
#نعم_للتفاوض
صلاح جلال
١٩ فبراير ٢٠٢٤م
المصدر: صحيفة الراكوبة