اخبار السودان

ذكري سقوط الخرطوم في يناير 1885م وما اشبه الليلة بالبارحة بعد سقوط الخرطوم مجددا في ابريل 2023م 

خالد السنابي

 

..نعم سقطت الخرطوم مجددا في عام 2023م أي بعد مضي 138 عاما علي سقوطها علي يد الدجال المتمهدي وخليفته الفكي القاتل التعايشي ، وجيوشهم القادمة من دارفور وغرب إفريقيا ،..

 

…تكررت المأساة مجددا علي يد نفس الزول ، ونفس ملاقيط ، شتات صحاري دارفور وغرب إفريقيا ، الذين غزوا أرض النيلين بعد ان مكنهم الكيزان وقادة الجيش المؤدلج من بلادنا..

 

اعيد نشر هذا المقال لكاتبه الاستاذ حسن الطاهر حتي يدرك اهلنا المغيبين ما حاق باجدادنا من مسبغه ، وذل ، واغتصاب ، وقتل ، علي يد جهادية التعايشي.

 

..مقال الاستاذ حسن الطاهر تحت عنوان :

 

*إنتقام السودانيين من الخليفة التعايشي ورحلة هروبه الي أم دبيكرات*

**********

تامل ابداع التاريخ في اجترار احداثه.!!!

 

تمر علينا هذه الأيام ذكري معركة ام دبيكرات كآخر معركة ما بين الخليفة عبدالله ود تور شين والمستعمر الإنجليزي المصري.

المعركة التي أسدل عبرها ستار المهدية ، والتي دارت في صبيحة الجمعة الموافق 24 نوفمبر 1899م ، ذلك التاريخ الذي شهد طي آخر صفحة من صفحات العسف ، والظلم ، والتنكيل ، والتشريد ، والإنتهاك ، تحت فكرة وثورة وسلطة المهدية بالسودان.

تقع أم دبيكرات بالنيل الأبيض ، جنوب أولاد حماد ، بدار الجُمُعْ ، في أرض زهيو ، وشرق قرية جديد ، وشمالاً الناصراب ، وعبدالقوي غربَا منها.

لم يدر بخلد الخليفة وهو برحلة هروبه من كرري متيممًا صعيدًا بأن نهايته ستكون بسهول النيل الأبيض ، دار هجرته الأولى بمعية والده وأخوته ، بابي ركبة ، في كنف ورعاية الناظر عساكر أبو كلام (جبل الغريب) ناظر الجُمُع ؛ ونقطة إنطلاقة الثورة المهدية بجزيرة أبا.

عام وأربعة أشهر ، قضاها الخليفة بتلكم السهول طريدًا تلاحقه لعنات القتلى من الأطفال والنساء ، والعواجيز ودموع اليتامى ، ونواح الأرامل ، وثكل الأمهات ، وشرف العذارى ، وعروض الرجال المبزولة لجهدية الغرب الأفريقي ، لعنات يتقدمها فرس سلاطين الذي يحس ود تورشين بـنفاسه علي نحره (عنقرتو) يسابقه آلاف الجنود النظاميين وغير النظاميين بجيش المستعمر من السودانيين الناقمين علي سلطة المهدية التي أحالت البلاد الى قطعة من الجحيم .

تهجير ، وتغيير ديموغرافي ، وتجريف إنساني وتطهير ، وإبادت ، وحروب ، ومجاعات ، وظلم ، ومسغبة ، وحرق للقرى ، وهدم للمدن ، واسترقاق ، واستعباد ، وفظائع ، وإنتهاكات يشيب من هولها الخُدج.

فكيف السبيل للوصول الي دارفور؟!

هنالك بين التعايشة الجبارات أهل والدته أم نعيم!

فالخليفة قتل زعيمهم الغزالي ، وكبارات القوم عندما فرض عليهم الإقامة الجبرية بعاصمته أم درمان ، إمعانًا في إذلالهم في عز نشوته بالسلطة.

وما بين رهيد البردي ، وسهول النيل الأبيض ، آلاف الكيلومترات ، يحكي كل شبر فيها عن مظلمةٍ ، ومئات القبائل ، والنظارات ، والبيوتات ، التي تنتظم في طوابير في إنتظار أن تقيم عدالتها ، وتسترد كرامتها ، وتأخذ ثأرها من ذلك السادي ، علي رأسهم زعامات الحمر الثلاثة بغرب كردفان يتقدمهم “إبراهيم المِليح” الذي إنشق أثناء معركة كرري عن الأنصار وإنضم لصفوف العدالة. وبنو عمومه الكبابيش بشمال كردفان الذي كادت المهدية أن تفنيهم عن آخرهم ، وتمسحهم من علي الوجود. وهنالك الجوامعة ، الذي صفى الخليفة زعيمهم “المنا إسماعيل” عبر دسيسة أوغر بها صدر المهدي، كما فعل مع “آدم أم دبالو” ملك جبال تقلي الذي آوى الأنصار عندما كانوا مطاريد ببداية ثورتهم ، وكما صفى عساكر “أبو كلام” زعيم الجُمُع ، الذي آوى أسرة محمد ود تور شين ، عندما نفاهم الزبير ود رحمة عن دارفور. فشيمة الخليفة الغدر بكل يد امتدت له بالخير وحياكة الدسائس. وما بين كردفان ، ورهيد البردي ، وداخل العمق الدارفوري ينتظره الرزيقات بدم زعيمهم “مادبو” و”عجيل الجنقاوي” كما ينتظره الفور بدم زعيمهم “دود بنجة” والمساليت بثار زعيمهم “الفكي أبو جميزة” واخيه “اسحق”. وفي قلب دارفور كان ينظره بفارق الصبر متوعدًا إياه بقطع خصيتيه السلطان “علي دينار” الذي قضي ردحًا من الزمن بسجن الخليفة الأم درماني (الساير) ، وقبيل معركة كرري بيوم أفرج عنه ليقاتل فإختار أن يهرب لدارفور ، ويستعيد سلطة أسلافه التي دكها الزبير ود رحمة ، فكرري معركة خاسرة لا محال كما ينتظره مستشار السلطان دينار ، حينها وحاكم إقليم دارفور بالتركية ، وأمير رايتها بالمهدية “خالد زقل” بن عم المهدي ، الذي جرده الخليفة وسجنه بالرجاف ، وصفي كل زعامات وأعيان قومه الأشراف. إذًا لا حل يلوح بالأفق، فالموت يحيط به من كل الإتجاهات فضربت عليه المطاردة بسهول النيل الأبيض لعام وأربعة أشهر.

قبيل معركة “أم دبيكرات” بيوم سرح الخليفة أتباعه الخُلص ، الذين تقاطروا إليه من مختلف الفجاج يقودهم ولاؤهم للفكرة المهدية التي أعمتهم عن مجازرها في حق قبائلهم وديارهم، وربما ذويهم الأقربون ، فكان من الحتمي أن يرفضوا ذلك التسريح وربطوا مصيرهم بمصير زعيمهم الروحي. الخليفة قصد من تسريحه لجنوده وإعفائهم من بيعتهم وعتقهم من عهدهم أن يمهد لعملية إستسلامه عندما تحين السانحة المناسبة فهذا الرهط من الجنود يعيق خطته من الإستسلام ، ولا سيما الأرض تضيق من حوله وتميد من تحته برزيم أبوات الجنود السودانيين منهم ما يثير رعبه ، وكيف وفيهم قوات الأعراب الصديقة التي أجاد “هكتور ارشلند” تدريبها وتسليحها وطهرت شرقي النيل من فلول الأنصار إنطلاقًا من دنقلا وحتي شمبات وتفرغت لمطاردته.

في فجر الجمعة 24 نوفمبر بالعام 1899م ، وعقب صلاة الفجر مباشرة ، وانقشاع آخر خيوط الظلام تفاجأ الخليفة ورهطه بأنه محاصر من كل الإتجاهات ومع إستبانة الرؤية ، تبين له أن تلك السحنات التي تحاصره في معظمهم سودانيون ناقمون تكبدوا تلك الفراسخ والأميال ممتطين غبنهم ومقتهم زوامل للثأر والإنتقام ، حينها أدرك “ود تور شين” بأن لا مفر من الإستسلام فقام بسحب فروته (تبروقه) وإفترشها مستسلمًا ذليلاً وأمر من جلسوا حوله من الأمراء بعدم إطلاق النار، فلقم الأمير “ود حلو” بندقيته متخذًا وضعية الإستعداد ، فوضع الخليفة يده علي مقدمة البندقية ووجهها نحو الأرض آمرًا ود حلو بالإستسلام.

أمِل الخليفة من ذلك السلوك أن يُنْجيه من مصيره المحتوم ؛ ففي عرف سلاطين الفور وزعاماتهم القدماء عندما يفترش أحد الزعماء الأرض مستسلمًا يقوم السلطان أو القائد الذي يحاربه بوقف القتال وإستنهاض السلطان المستسلم ، ورفعه علي فرس وزفه إلى بيته معززًا مكرما. لكن هيهات كان الغبن قد تجاوز كل رحمة ؛ فقتل الخليفة وبأيادي سودانية لحظتها وقتل الأمراء من حوله جلوسًا ، هذا المشهد التراجيدي يبرهن بأن الخليفة لا يتمتع بأدنى قيم الرجولة السودانية في مواجهة الموت ، ولم يستلهم ويتعلم من تجارب الذين كان يستمتع ويتلذذ بقتلهم في كيف يحيا رجل ، ويموت رجل! مشاهد تقشعر لها الأبدان:

لم يتعلم من الزعيم “مادبو” الذي كان يضحك متهكمًا في وجه جلاده “أبو عنجة” المسحوب كواحد أرقائه.

لم يتعلم من أمين بيت المال “ابراهيم ود عدلان” الذي تقدم للمشنقة وهو صائم بخطي ثابتة ، يردد الشهادتين ، بعد أن قال للخليفة وأخيه يعقوب: [لن أجوع أهلي بالجزيرة لأطعم أهلكم الأنصار] فكان ذلك سبب إعدامه.

لم يتعلم من الزعيم والأمير “عبدالله ود سعد” الذي قال عندما تمترست جهدية “محمود ود أحمد” بأبواب المتمة بـ 12000 مقاتل: [المتمة أرضنا إتولدنا فيها وبنموت فيها ونحنا الجعليين ديل مما الله خلقنا بنسويها عوجة وبنتفشق فوقا وبنتضكر] فحتي مماته كان شامخا كالجبال.

لم يتعلم من “ود جار النبي” زعيم الكواهلة ، الذي نصب له الخليفة مهرجانًا لإعدامه ، وبينما “ود جار النبي” مترفًا في أغلاله وجنازيره كان يقدل ، بعزة فأمر الخليفة الذي كان شبق ساديته في أوج تعطشه لإنكسار “ود جار النبي” بقطع عرقوبي ود جار النبي ، فقطعت عراقيبه ، ولم يسقط وقدل بذات العزة قائلاً للخليفة: [شوف يا ود أم كمفوس التور كان فيهو ضلعة] فأفسد للخليفة متعته فأمر بقتله وإنصرف غاضبًا.

كذلك عندما قتل الخليفة “ود مادا” زعيم الجوابرة ،

وعندما قتل الشيخ “اب روف” زعيم كنانة ، والعلاطين ، ورفاعة ، والصابوناب.

وعندما قتل الشيخ “حمد النيل” صاحب المقابر المشهورة بأم درمان ، شيخ العركيين الذي أمر جلاده أن يموت بأغلاله وجنازيره ويدفن بها لتكون حجة ما بينه والخليفة أمام الله.

وعندما قتل الأمير “الزاكي طمل” الذي حبس وجُوِع ، وألقيت العقارب علي جسده حتي مماته.

وعندما قتل الشيخ “الحسين الزهرة” قاضي القضاة بالمهدية الذي لم يتراجع عن حكم أيده بإعدام مجموعة من الأنصار من أقرباء الخليفة قاموا بإنتهاك عروض ، ونهب أموال ، وقتل ، بدنقلا وقال الزهرة القاضي والعالم الجليل للخليفة وأخيه يعقوب: [قد تجاوز عمري الثالثة والثمانون ولن ألاقي ربي بعد هذا العمر بدماء أهالي دنقلا المظاليم].

مئات الأمثلة ضربها شيوخ وأطفال وحتي نساء تسبح في جيناتهم تلك المعاني ، فالأمر جينات لقيم ، لا تكتسب ، متوارثة حضاريًا وثقافيًا لآلاف السنين فأنّى لود تورشين بها؟ الطغاة دومًا يتوارون خلف جبنهم وخوفهم بالسادية.

المضحك المبكي مازال بعضهم يصور إفتراش التبروقة في عز المعركة شجاعة وبسالة وإقدام! .

 

حسن الطاهر نوفمبر 2020

. ……. …… …… . ……

…يا تري هل نتعظ من تكرار المأساة ، ام ندفن رؤوسنا في الرمال ، ونعمل بالمقولة الخائسة الصلح القبلي او المجتمعي ، ويفرض علينا التعايش مع من نهبونا ، واغتصبوا حرائرنا ، وقهروا الرجال ، حتي لا تنقص جغرافيا (البلد الحدادي ، مدادي) !!.

 

.ويبقي خيار تقسيم السودان هو الخيار الذي لا بديل له ، حتي ينعم اهلنا في بلاد النيلين بالامن والامان. والا ستظل ساقية الحروب الاهليه مدورة ، وتتكرر المأسي مجددا..

 

…لك الله يا بلادي…

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *