اخبار السودان

ذكرى الثورة الحزينة وحلم التحول المدني

أحمد المهدي

 

مرت علينا الذكرى السادسة لثورة ديسمبر المجيدة مع الذكرى التاسعة والستين لإعلان إستقلال البلاد من داخل البرلمان وما زالت بلادنا ترزخ وتئن تحت وطأءة الحرب العبثية التي لم يسبق لها مثيل في تاريخها , حرب أشعله فلول النظام السابق بعد أن تيقنوا من قرب ذهابهم إلى مزبلة التاريخ وبعد أن عجزوا عن وأد الثورة وإستلام مقاليد الأمور مرة أخرى فكان إشعال حرب الخامس عشر من ابريل الذي مهدوا لها مسبقا كأخر كرت بأيديهم لتدمير البلاد بتطبيق شعار (فالترق كل الدماء) مستغلين مؤسسة الجيش الفاسدة لتحقيق هدفهم الاجرامي مع سبق الاصرار والترصد وقد تمادت معهم المؤسسة الفاسدة في ذات الإتجاه لتحقيق حقدهم على الشعب السوداني وبذلك يكون الإسلاميون و جيشهم حرمونا من بلادنا مرتين .

 

المرة الأولى حينما حرمونا من العيش فيها بكرامة لمدى أكثر من ثلاثون عاما مع الاستمرار في حرب الجنوب التي خلفت أكثر من مليوني قتيل اضاعوا خلالها الترليونات من الاقتصاد في هذا الحرب والحروب أخرى التي أشعلوها من أجل الانفراد في الحكم ، والثانية حينما انقلبوا بالإشتراك مع مليشياتهم ومرتزقتهم على ثورتنا وووأدهم لاحلامنا الطامحة لتحقيق التحول المدني الديموقراطي وإقامة الحياة المدنية .. ومن ثم إشعالهم لهذه الحرب الذي ظلل الكثير من القوي المدنية المؤمنة بالتحول المدني الديموقراطي تتحاشها بإستمرار لدرايتها بنتائجها الكارثية و المتوقع لها أن تكون نتائجها المستقبلية غير مسبوقة وأعنف مما هو عليه الآن لا سيما تداعياتها الاجتماعية التي سوف تستمر طويلا مستقبلا في شكل صراعات قبلية ستفتك بما تبقى من السودان بسبب إنفراط العقد وإنتشار السلاح وإيغاظ النعرة القبلية والاثنية وستقف معها الحكومات المستقبلية عاجزة عن صدها وعبرها سيصير البلاد أرض للخراب .

مع إستمرار الحرب وزيادة كلفتها بشكل أكبر في كل يوم مايزال الجهلاء من مشعليها مستمرون في تعزيز كل ما يلزم للمضي في هذا الإتجاه بصورة أشد عبر استمرارهم في انتهاج العديد من الممارسات القبيحة التي من شأنها أن تزرع الحقد في النفوس بشكل أكبر مثل قانون الوجوه الغريبة السيئة الصيت ومع التمادي في كل ما من شأنه في أن يسهم في إشعال المزيد من النزاع القبلي الذي سيقضى على كل شيء مستقبلا.

 

ولتفادي الانزلاق في هذا المنحدر على القوى المدنيه التي ما زالت متمسكة بالثورة والمؤمنة بالتحول المدني أستلام زمام الأمر بكل حزم وعدم الركون للانزواء والاكتفاء بنشر البيانات التي لا تفيد في شئ .

 

على الرغم من أن القوي المدنية لديها الكتير مما ينبغي أن تقدمه لإيقاف هذا الحرب الا أن الملاحظ افتقارهم للشجاعة الكافية لاستلام زمام الأمور بجد وحزم وسحب البساط من معارضي إيقاف الحرب وتحقيق السلام مع بطء شديد التكتيك اللازم لذلك والتأخر في القرارات بركونهم وتأثرهم بالخطاب المضاد الذي جعل منها دائما في خانة دفاع وتحمل مسؤليتها التاريخية بكل شجاعة وحزم .

 

فراغ الجانب الاعلامي للقوي المدنية فتح الباب على مصارعيه للخطاب المضاد للسلام ولاجل ايقاف هذا الحرب بشكل جدي ينبغي الا تلتفت القوى المدنية للتبرئه او التبرير للاكاذيب ، خاصة وأن الكثير من الشعب السوداني يعلم بمصداقيتهم ونزاهتهم لتحقيق هذا الهدف المنشود وإنتشال البلاد إلى بر الأمان . ولذلك في مستقبل الأيام إذا لم تعجل القوى المدنية في تكوين حكومة مدنية لسحب البساط من داعمي الحرب سيكون بتاخرها هذه وتقاعسها قد خدمت الحركة الإسلامية واعوانها من فلول النظام السابق ولحظتها ستفقد هذه القوي قواعدها الجماهيرية وربما التنظيمية .

 

السياسة عموما طابعها حركي ومرتبط راهنها بالوقت وعامل الزمن وتفويت الفرص وعدم مراعاة الواقع يجعل القواعد لا تأمن للقيادة .

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *