اخبار السودان

د. الهادي إدريس يروي لـ «التغيير» تفاصيل الإجتماع الذي سبق إطلاق الرصاصة الأولى في 15 أبريل

في مقابل سحب قوات الدعم السريع تحصل المجتمعون على وعد من البرهان بمعالجة الوجود المصري بمنطقة مروي وانسحابها، لحسم مخاوف الدعم السريع. 

التغيير: نيروبي: حوار أمل محمد الحسن

ضم الإجتماع الأخير الذي سبق إطلاق الرصاصة الأولى قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، بممثلين من الإطاري على رأسهم عضوي مجلس السيادة الانتقالي، الطاهر حجر ود. الهادي ادريس، إلى جانب مجموعة من قيادات الحرية والتغيير شملت كل من: ياسر عرمان، بابكر فيصل، الواثق برير، طه عثمان، وخالد عمر يوسف.

يقول عضو مجلس السيادة الانتقال د. الهادي إدريس: “تم تكليفي برئاسة لجنة لخفض التصعيد بين الجيش والدعم السريع، مهمتنا الأولى كانت التوجه لمطار مروي لسحب قوات الدعم السريع من هناك بشكل تدريجي”.

ويواصل عضو مجلس السيادة رئيس الجبهة الثورية و رئيس حركة تحرير السودانالمجلس الانتقالي سرد تفاصيل الإجتماع الذي سعى لخفض التصعيد بمنزل القائد العام بالقيادة العامة ، في الليلة التي سبقت اندلاع الحرب بالخرطوم.

ويقول لـ “التغيير”: “بدأ الاجتماع الساعة ال 10 ليلا وانتهى في الواحدة صباحا” شملت مخرجات الاجتماع تشكيل لجنة بقيادة الهادي ادريس وعضوية قائدي العمليات من جانبي الجيش والدعم السريع (الفريق خالد عابدين الشامي، نائب رئيس هيئة اركان الجيش، واللواء عثمان مسؤول العمليات بالدعم السريع) وفق اختيار البرهان.

في مقابل سحب قوات الدعم السريع تحصل المجتمعون على وعد من البرهان بمعالجة الوجود المصري بمنطقة مروي وانسحابها، لحسم مخاوف الدعم السريع.

كنا نستعد لاستغلال هليوكوبتر إلى مروي لسحب قوات الدعم السريع اوقفتنا الرصاصة الأولى

بعد انتهاء اللقاء مع البرهان توجه المجتمعون للقاء قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو، الذي وجدوه نائما ودار حديث بينهم وبين أخيه عبد الرحيم دقلو، قائد ثان قوات الدعم السريع، نقلوا فيه تفاصيل ما دار في لقاء البرهان وأمن عليه.

الرصاصة الأولى

قبيل تحركنا تفاجئنا بتطويق الجيش لقوات الدعم السريع المتواجدة بالمدنية الرياضية حوالي ال٦ صباحا.

كان هناك وقت ساعتين قبيل انطلاق الرصاصة الأولى التي بدأت حوالي ال8 والنصف في المدينة الرياضية لسحب القوات لكن الحرب بدأت هناك وانتشرت في الخرطوم.

“من الصعب التحديد بشكل قاطع من بدأ الحرب! في تلك الظروف لكن المؤكد أنها بدأت في المدينة الرياضية”.

الخروج من الخرطوم

على الرغم من أن الحي الذي يسكن فيه عضو السيادي، كافوري يعتبر من أكثر الأحياء التي تضررت بالحرب الا أنه لم يفكر في الخروج من الخرطوم الا بعد مضي 63 يوما من اندلاعها.

شعر بأسف شديد وهو يتحدث عن حادثة قصف منزله بطائرة ميج حربية، تضررت غرفته التي كانت في الطابق الاعلى، بعض أجزاء المنزل الذي كان خارجه في ذلك الوقت وسيارات.

حاول تغيير مجرى الحديث بسرعة عندما سألنا عن الاضرار متعللا بأن الكثير من أبناء الشعب السوداني تضرروا بفقد الأرواح وانهيار منازلهم أو نهبها.

لكن يبدو أن الحادثة أفقدت رئيس الجبهة الثورية في الأمل بانتهاء قريب للحرب!

“لم أكن اتوقع ان تستمر هذه الحرب 3 اشهر، هذا الأمر فيه إرهاق للمقاتلين ايضا!”.

استمرار الوساطة

“لم نتوقف انا وزملائي من التواصل مع برهان وكباشي وقيادات الدعم السريع من اول لحظة ورسائلنا على الدوام كانت تدور حول وجوب وقف الحرب”

 لا أعلم حتى الآن ملابسات ضرب منزلي بالطيران الحربي

على الرغم من كونه احد قيادات الكفاح المسلح في البلاد، إلا أنه قطع بعدم مشاهدته لهذا الوجه “القبيح” للحرب من قبل! مؤكدا أن التسليح الذي شاهده في الخرطوم ليس مسبوقا!

“سعينا سعيا حثيثا حتى لا يمضي الجيش والدعم السريع في خيار الحرب وكانت هناك خيارات كثيرة وسلمية عبرها يمكن معالجة القضايا الخلافية بينهما وبين السياسيين ايضا”.

جولة أفريقية

“خرجت من السودان بعد أن أيقنت بعدم وجود أفق قريب للحل”
قام رئيس الجبهة الثورية، الهادي ادريس رفقة عدد من السياسيين بجولة أفريقية شملت لقاء رئيس يوغندا يوري موسيفين رئيس مجلس الأمن والسلم الافريقي، ورئيس دولة وتشاد محمد ديبي (كاكا)، ورئيس كينيا وليم روتو.

من وجهة نظر إدريس المبادرات الاقليمية والأمريكي متكاملة، ويرى أن منبر جدة يمكن أن يعمل على وقف القتال فيما تعمل المنابر الأفريقية (الايغاد والاتحاد الافريقي ) على تكوين المسار السياسي.

رفض وساطة (روتو)

“رفض غير مبرر”! هكذا علق عضو مجلس السيادة دون تردد على بيان الخارجية السودانية السابق الرافض لرئاسة كينيا للجنة الرباعية.

“الجيش لا يملك خيار سوى المضي في الحل السياسي ولا يمكن الاستغناء عن ايغاد والاتحاد الافريقي”

“مفهوم السيادة بات أمرا نسبيا؛ والسودان لا بعيش في جزيرة معزولة”!

واعرب ادريس عن إعجابه بالتجربة الكينية التي تقوم بانتختب رئيسها كل ٥ أعوام وتمضي في التنمية مدافعا في الوقت نفسه عن الرئيس وليم روتو “ليست لديه أجندة ومن يهاجموه لا يملكون اي مبرر، هذه أسطوانة قديمة كان يستخدمها النظام البائد”!

وأكد عضو السيادي بوجود “روح جديدة” بعد اتصال البرهان مع الرئيس الكيني مؤكدا أن كينيا سيستمر في رئاسة اللجنة الرباعية.

وأشار إدريس إلى زيارة مالك عقار ممثلا للقائد العام للجيش إلى نيروبي وكمبالا سابقا، موضحا أنهم طلبوا عبره وساطة ايغاد!

المبادرة المصرية

مصطلح تدخل خارجي لا إجماع عليه! لو تحدثنا عن الخارج في هذا الإطار حتى دول الجوار تعتبر “خارج”!

هكذا علق رئيس الجبهة الثورية على رفض المبادرة المصرية للتدخل الخارجي، مؤكدا في الوقت نفسه عدم اطلاعه عليها.

في مصر كانت هناك قمة لدول الجوار وطبعا هم مهتمين نسبة لتأثرهم المباشر ونتقدم لهم بالشكر لاستقبال الفارين من الحرب.
ودول الجوار ليسوا منفصلين عن المبادرة الافريقية، بعضهم منضوي تحت مظلة ايغاد والبعض الآخر تحت مظلة الاتحاد الافريقي.

“الحرب التي ادخلنا أنفسنا فيها اضرت بشعوب المنطقة ذات الموارد الشحيحة”!

معاناة دارفور

“تشاد من دول الجوار التي فتحت حدودها بدون فيزا وزار الرئيس التشادي الفارين من الحرب بنفسه”

قطع الهادي ادريس بوجود نصف مليون لاجئ سوداني في تشاد منذ 20 عاما! معترفا بأن اتفاق جوبا فشل في إعادة هؤلاء النازحين!

تشاد جارة لدارفور ولديها مخاوف مع مؤشرات تحولها لحرب اهلية، معربا عن أسفه للفظائع والانتهاكات التي طالت المواطنين في “الجنينة” و”كتم” و”طويلة”.

زيارته لانجمينا تمت ضمن مشاركة الحركات ال4 الموقعة على اتفاق جوبا والتي لديها قوات مشتركة في دارفور وكان التفاكر حول توفير الحماية للمواطنين مع وجود فراغ في السلطة.

“هناك غياب للدولة في أغلب مناطق دارفور والسلطة الموجودة متنازعة!”

هذه ليست المرة الأولى التي يتلاعب فيها الإسلاميين بالجيش

خلص التفاكر مع الرئيس التشادي بأن يحمي حدوده ونلعب نحن دور في حماية المواطنين في المدن الكبيرة التي تحتوي على معسكرات نازحين.

في الزيارة تم شرح أبعاد الأزمة ورؤية الحركات للحلول مع مطالبتهم للرئيس كاكا بلعب دور في الوساطة بين الطرفين.

اتهامات للحركات المسلحة

“فقدنا زميل عزيز ورفيق الوالي خميس أبكر الذي تم اغتياله بشكل بشع”

أعرب ادريس عن حزنه لمقتل والي غرب دارفور، والانتهاكات التي طالت المواطنين هناك واعترف بتقصير الحركات المسلحة في توفير الحماية للمدنيين.

واستدرك قائلا: هذا القصور غير متعمد لأننا محكومين بضعف الامكانات، مشيرا للمساحة الواسعة التي يقع فيها الاقليم مع تركز القوات في الجزء الشمالي.

” الوالي خميس كانت لديه قوات قليلة في منطقته ”

وحول تجربة القوات كشف عن تخريجهم لعدد 3 الف جندي في يوليو من العام الماضي، تعرضوا للاهمال من جانب الدولة.

واضاف: كان من المفترض أن يقدم الجيش والدعم السريع مقابلهم ذات العدد

“لم يكن هناك استعداد للترتيبات الأمنية او جدية”

وقال لـ “التغيير” إن القوات المشتركة بحسب اتفاق جوبا عددهم 12 ألف، كان يجب أن يتم تخريج 6 آلاف كدفعة اولى ثم يليهم ذات العدد.

“لم نكن جاهزين لسد القراغ الأمني”

وأكد ادريس بأن قوات الجيش والدعم السريع امكانيتهم أكبر من الحركات المسلحة.

” لا اريد ان اكون جزءا من هذه الحرب التي أدخلت البلاد في أزمة كبيرة، من يتحمل هذه المسؤولية؟؟”!

وأكد أن كلا الجانبين المتقاتلين يريدان أن تنضم اليهما الحركات المسلحة، مشددا على التزامهم جانب الحياد.

“نحن لا نشجع الحرب، ووقوفنا مع طرف لن يجعلنا مؤهلين للمطالبة بايقافها”

هذا الموقف الذي اتخذه الهادي ادريس لا يعتبره موقفا موحدا لجميع الرفاق الموقعين معه على اتفاق سلام جوبا، مشيرا إلى اختلافات في “درجة الحياد” حد تعبيره.

وأكد ان موقفه متسقا مع الطاهر حجر باعتبارهما موقعين على الاتفاق الإطاري الذي يراه أسس لإيجاد الحلول لقضية الجيش الواحد.

الاتفاق الاطاري

“الاتفاق الاطاري لم يقم به السياسيون، بل الشعب السوداني”

من وجهة نظر رئيس الجبهة الثورية الهادي ادريس فإن الاتفاق الاطاري يجب أن يكون مرجعية للعمليات السياسية المقبلة باعتبار انه أوجد حلولا لوضع المؤسسة العسكرية.

واتهم ادريس الاسلاميين بالتدخل في المؤسسة العسكرية قاطعا بأن ذلك لا يحتاج لدليل لأنهم قالوا بوضوح اما نحكم هذه البلاد أو ندمرها وهذه ليست المرة الاولى التي يتلاعب فيها الاسلاميون بالجيش فعلوها في 89!

واضاف: حتى انقلاب 25 اكتوبر الاسلاميين كان لديهم فيه يد!

واتهم ادريس المؤسسة العسكرية بالتسيس مشيرا إلى استغلالها عبر النخب الايدولوجية الذين حولوها إلى مؤسسة سياسية واقتصادية.

واضاف: اصبحت تدخل الجيش فى السياسية عاملا لعدم الاستقرار، في الوقت الذي تكون مهمة الجيوش في كل العالم حماية البلاد من العدوان الخارجي.

وقطع رئيس الجبهة الثورية بضرورة الاستفادة من تجربة الحرب في تأسيس جيش مهني قومي لا علاقة له بالسياسة.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *