ديمقراطية المسلحين السودانية , اخبار السودان
خالد فضل
في الأخبار أن السيد الجنرال ياسر العطا، وهو قائد كبير في القوات المسلحة، قال في تصريح له أنهم لن يسلموا السلطة إلا لحكومة منتخبة.
هذا هو المشروع السياسي لقيادة القوات المسلحة إذا، وعلى ضوء هذا المشروع يمكن النقاش، وهذا المشروع في الحقيقة ليس جديدا، فعشية الإطاحة برأس النظام السابق والتحفظ عليه في مكان آمن بحسب البيان الأول للجنرال عوض ابن عوف، ظهر المسؤول السياسي في المجلس العسكري آنذاك، وهو يتحدث عن فترة انتقالية مدتها عام واحد، وإجراء الانتخابات لتسليم السلطة للحكومة المنتخبة.
واستشهد ذلك الضابط بسابقة الجنرال سوار الدهب؛ مما حدا به للقول (كلنا سواراب)!، في الجهة المقابلة للمشروع السياسي العسكري كان هناك المشروع السياسي المدني، وخلاصته؛ أن تكون هنالك فترة انتقالية مدتها (4_5) سنوات، يكون فيها الحكم مدنيا تسوده قوى الثورة؛ أي القوى التي ساهمت وشاركت في إسقاط نظام البشير.
ولحسن الحظ فإن هذه القوى معروفة، وإليها أشار الجنرال البرهان بالألف واللام في أحد خطاباته، فقد حددها مباشرة، وسماها بصفاتها _ يمكن الرجوع إلى خطابات البرهان للتأكد؛ مما زعمت _ وبالفعل، فإنه عقب الإطاحة بعوض ابن عوف والمسؤول السياسي للمجلس العسكري، حدث ما حدث من تطورات معلومة للجميع، بإقرار المشروع السياسي لقوى الثورة مع مراعاة ظروف التسوية والوساطات الإفريقية والدولية التي نشطت في تلك الفترة، وأسفرت عن ميلاد ما عرف بـ (الوثيقة الدستورية) وهي وثيقة جعلت الفترة الانتقالية 4 سنوات، وتكون على نظام الشراكة المدنية العسكرية خلال هذه الفترة، ورغم أن الوثيقة قد تم تعديلها إثر توقيع ما عرف باتفاقية سلام جوبا مع الجبهة الثورية، إلا أنها حافظت على الفترة الانتقالية بعنصريها الرئيسين (مدتها وشراكتها).
والجميع يعلم أن المكون العسكري قد أخلّ بالوثيقة، ونفض يده عن العهد والميثاق الذي وقعه بيده , وانقض على جزء من شريكه المدني؛ بانقلاب البرهان/حميدتي في 25 أكتوبر 2021؛ في الحقيقة انقضّ على الجزء الرئيس الذي وقع معه، وأبقى على من عُدّلت الوثيقة من أجل سلامهم (تُقرأ وظائفهم، ولما كنا في السودان قد تجاوزنا حكاية العجايب من زمان الإنقاذ الأولى، ولم يعد هناك ما يدعو لعقد حاجب الدهشة، فلا عجب يا صاح !!
نعود إلى العملية الانتخابية التي بموجبها سيسلم ود العطا ورفاقته السلطة للحكومة المنتخبة تلك، وكما في معرفة الكافة، فإن الانتخابات تعتبر الآلية الديمقراطية للتداول السلمي للسلطة، هنا نلمح بصيص ديمقراطية في المشروع السياسي للجيش السوداني، يا لفرحتنا بهذا البصيص.
وعلى وزن ما كتبه الراحل معين بسيسو الكاتب الفلسطيني في يوميات مفعمة سجل فيها أيام السجن الحربي في مصر الخمسينات (شيء مفرح أن يتذكر جلادك أنّك كنت ذات يوم تمسك قلما)، فمفرح أن يتذكر الديكتاتور (انتخابات!! ولكن مهلا وحتى لا (نكشح) مويتنا على الرهاب كما في القول الشعبي المتداول، لننظر في الفصائل التي ستخوض هذه الانتخابات، وستشكل الحكومة التي تتسلم السلطة من السيد ياسر العطا وزمرته من الجنرالات.
بحسب معرفتي المحدودة يمكنني تسمية بعض هذه الفصائل: وهي، القوات المسلحة السودانية قيادة البرهان، القوات المسلحة قيادة مالك عقار، القوات المسلحة قيادة جبريل إبراهيم، القوات المسلحة قيادة مني أركو مناوي، القوات المسلحة قيادة تنقور المنشق عن القوات المسلحة قيادة مناوي، القوات المسلحة قيادة علي كرتي، القوات المسلحة قيادة نسيت اسمه) لكن قواته اسمها كتائب البراء بن مالك، القوات المسلحة المعروفة ب(المقاومة الشعبية) قيادة مين!!! التوم هجو ربما، ولكي تكون الانتخابات حرة ونزيهة وشفافة وديمقراطية كمان لابد أن يشارك فيها حزب المستقلين التلقائي، وحزب الحقيقة الاتحادي، وحزب العدالة والتحرير أ / السيسي، وحزب العدالة والتحرير ب/ أبوقردة، وحزب الأمة / النور جادين، وحزب الحركة الشعبية/ ثابيتا بطرس , وحزب الأمة/ حسن إسماعيل،…..إلخ أها نسيت القوات المسلحة قيادة الجنرال ابتهاج!!.
هذه هي القوى الوطنية المعتمدة في سودان ما بعد الإطاحة برأس النظام والتحفظ عليه في مكان آمن كما قال الجنرال ابن العوف، هذه هي الديمقراطية السمحاء التي ينشدها المشروع السياسي للسيد العطا، ومن ترصع كتوفهم الدبابير من رفاقته، ومن لم تتزين بها أكتفهم من سادته!! ودقي يا مزيكا. هل أتيت على ذكر لشيء اسمه قوى الثورة؟؟ هذا رجس من عمل التقدم، فاجتنبوه ولا عاش من ينشد للسودان تقدما.
المصدر: صحيفة التغيير