عبد القادر محمد أحمد/ المحامي
يسخر أو يستنكر بعض الإخوة الحديث عن ممارسة الضغط على النظام لكشف الحقيقة فيما يتعلق باتهامه باستخدام السلاح الكيميائي، بحجة أنه من البديهي ألا يعترف بالجريمة. ومع كامل الاحترام، أرى أن هذا الاستنكار في حد ذاته يشكّل دعوة إلى الصمت والتقاعس أمام جريمة خطيرة بحجة واهية.
يُلاحَظ أن النظام ردّ على الاتهامات الأمريكية بالإنكار، وأعلن تشكيل لجنة وطنية للتحقيق، ثم التزم الصمت تجاه ما أصاب المواطنين من قلق ورعب. لذلك لا بد من استنطاقه. وهذا لا يعني استجداء اعتراف، بل وسيلة لإبقاء القضية حيّة ومصدراً لضغط نفسي متواصل. أمّا الاكتفاء باللعن والتسييس فيفقد القضية جديتها ويفتح باب التهاتر، ويمنح النظام فرصة إخفاء الأدلة والإفلات من العقاب.
إن ممارسة الضغط لا تعني الرهان على أن النظام سيعترف، بل تهدف إلى إحراجه بما يضطره إلى الحديث. والحديث قد يأتي عبر بعض أفراده أو أجهزته، فتظهر التناقضات وتتكشف الحقائق رغماً عنه. فالمطالبة دعوة لكل مسؤول، وخصوصًا المدنيين الجدد من وزراء ورئيس وزراء، ليدركوا حجم مسؤوليتهم، وأن صمتهم لا يعفيهم.
إن استنكار المطالبة بكشف الحقيقة بحجة أن النظام لن يعترف، يعد دعوة للاستسلام لليأس، ويلغي دور القلم كسلاح فعّال في التنبيه والتذكير وتحميل المسؤولية الآنية والتاريخية. لذلك يجب علينا التعاطي الجاد مع القضية والابتعاد عن الاندفاع العاطفي الشعبوي، فهذا لا يفيد المواطن المهموم، بل يجر القضية إلى صراعات ومناكفات جانبية تضعف فرص الوصول إلى الحقيقة.
الكتابة المتواصلة الجادة واجب على الجميع، مؤيدين ومعارضين، لأن السلاح الكيميائي لا يفرق بين مواطن معارض ومواطن حليف.
هذه ليست دعوة يائسة، ولا بالضرورة دعوة للتظاهر كما يظن البعض، بل وسيلة سلمية وفعالة للبحث عن الحقيقة، حيث يصبح القلم سلاحًا مباشرًا في مواجهة صمت النظام .
البندقية تصنع الموت، أما القلم فيصنع الحقيقة… والحقيقة لا تموت.
المصدر: صحيفة الراكوبة