خالد عمر يوسف

دعاة الحرب هم قوم جمعت فيهم كل مساوئ الطباع وأولها أنهم جبناء. يتبنون خيارات لا يمتلكون شجاعة تحمل تبعاتها، فيهربون من ذلك بإلصاق بؤس اختياراتهم بمن خالفوهم الرأي.

تراهم يتقافزون فرحاً بأنه “لا جدة لا جدادة” حين انهيار منابر الحلول السلمية، ويتغنون لصانع الكباب حين يهاجم الطيران منطقة ما، وينشرون صور جثث قتلى وهم سعداء ب”بل العدو”، وبمجرد انقلاب الآية يذرفون دموع التماسيح الكاذبة على الانتهاكات، والتي من شدة لؤمهم ينسى بعضهم كتابة حرف عنها وهو في عجلة لملاحقة دعاة السلام “ليه ما ادنتوا ؟ ادانتكم دي ما شديدة لازم تزيدوها؟ ادانتك ما من جوة قلبك كده انا عارف؟”

يا ايها المنافق داعية الحرب، انت لست في موقع أخلاقي يسمح لك بالحديث عن الانتهاكات او التباكي عليها. انت تستخدمها كوقود لحربك القذرة ولا تعنيك دماء الناس واعراضهم في شيء. انت شريك فيها بقلمك المجرم الذي يحض على الحرب من مكانك الآمن. أنت جبان لم تذهب لحمل السلاح في الحرب التي تدعو لها، ولم تقوى على تحمل تبعات موقفك المخزي الملطخ بالدماء، فاصمت وكف لسانك عن أرواح الناس التي أزهقت عبثاً دون طائل.

اما نحن فثابتون ها هنا لن نتزحزح عن موقفنا شبراً. رفضنا هذه الحرب منذ لحظتها الأولى واعتزلنا فتنتها. لم نخض في دم إنسان أو عرضه. تحملنا بجلد صعوبة ان تختار التعقل في زمان الجنون، والتهذيب في زمان البذاءة. لم يزغ بصرنا عن حقيقة هذه الحرب ومن اشعلها ومن يتكسب منها، قلناها مراراً انها حرب طويلة ولن تحسم بالسلاح لذا فان الطريق الأقصر والأسلم هو السلم لا القتال. نعلم ان الحرب منتنة، وان استمرارها لن يجعل سماء بلادنا تهطل وروداً، بل ستسقط حمماً تحرق الأخضر واليابس.

الحديث عن تبعات الحرب الثقيلة دون فعل لايقافها غير كافي، من كانت نفسه تأبى موت وتشرد وعذابات الناس بحق، فليعمل ويدعو لوقف الحرب فهذه الدعوة ليست فرض كفاية اذا قام بها البعض سقطت عن البقية. هي فرض عين تثاقل الكثيرون عن اداءه فاخلوا الساحة لثلة من الناس نشرت البذاءة وفاحش القول وجرمت الدعوة للسلام واحتفت بالقتل والدمار. هذا الكرب العظيم الذي تعيشه بلادنا يمكن أن ينجلي سريعاً اذا ما حولنا طاقة الألم التي تعصف بها لعمل جاد لإحلال السلام اليوم قبل الغد.

قمة الجنون هي الدعوة للسير في طريق استمرار الحرب وانتظار نتيجة مختلفة عما نعيشه اليوم.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.