دروس مهمة وضرورية لقوانا السياسية والمدنية من فرنسا والمكسيك
صديق الزيلعي
تتعلم الشعوب من تجارب بعضها البعض ، ويجتهد كل بلد من دراسة المناهج التي استخدمت ، من قبل الشعوب الأخرى ، في معالجة المشاكل التي واجهتها ، في ظروف مشابهة لظروفنا. هذا النهج يبعدنا عن المنهج التجريبي ، الأمر الذي يقلل أخطار تكرار أخطاء عديدة ، تجاوزها الآخرون. ينطبق ذلك المنهاج ، أيضا ، على القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني. فالتجربة الإنسانية ملك لكل الشعوب ، وهي كتاب مفتوح لمن يجتهد للاطلاع عليه ، بعقل مفتوح وقلب يستوعب رياح التغيير. سأعرض في هذا المقال تجربة القوى السياسية في فرنسا والمكسيك وبعض بلدان أمريكا الجنوبية ، بالعمل معا لمواجهة الاخطار التي تواجه اوطانها.
تواجه فرنسا خطورة صعود اليمين المتطرف والعنصري للسلطة في الانتخابات القادمة. هذا التيار يدغدغ مشاعر الجماهير بحديث كراهية حاقدة ولغة شعبوية مبتذلة. خطاب يحمل الأجانب كل مشاكل المجتمع، ويدعو لطردهم. رسائل مفخخة ، تقدم معلومات مغلوطة وتتحدث عن ان الأجانب هم سبب مشاكل السكن ، وان الأجانب وراء الأزمة الاقتصادية والمعيشية ، وانهم وراء عدم توفر العمل ، وان كل الجرائم سببها الأجانب. المقصود بالأجانب كل القادمين من المستعمرات الفرنسية السابقة ، وحتى من ولدوا بفرنسا من آباء مهاجرين ، رغم انهم يحملون الجنسية الفرنسية. ويتجاهل ذلك كل ما نهبته فرنسا من تلك المستعمرات ، خلال سنوات الاستعمار. ويغفل العين عن دور هؤلاء الأجانب في كل قطاعات الاقتصاد الفرنسي.
ذلك الخطر الداهم جعل قوي اليسار الفرنسي تجتمع وتقرر العمل معا لهزيمة اليمين العنصري. فقد اجتمعت سبعة أحزاب يسارية وديمقراطية وحماة البيئة ، وقررت تشكيل الجبهة الشعبية الجديدة ، أهمها :
- الحزب الاشتراكي.
- حزب الخضر.
- حزب فرنسا الأبية.
- الحزب الشيوعي.
يأتي هذا الحلف بعد الانتصار الساحق الذي حققته ، مرشحة اليسار الدكتورة كلوديا شيبنام في انتخابات الرئاسة المكسيكية ، وحصولها على 60 % من أصوات الناخبين. هذا النجاح لليسار المكسيكي هو امتداد طبيعي للنجاحات المستمرة التي حققتها تحالفات الأحزاب اليسارية والديمقراطية في أمريكا الجنوبية.
تواجه بلادنا وضعا كارثيا ، بفعل هذه الحرب ، التي حطمت بلادنا تماما ، وجعلت الحياة جحيما لا يطاق لأبناء شعبنا. وهنا تجيء أهمية هذه الدروس لنا. فالخطر يهددنا جميعا، وهو ما يفرض على القوى السياسية والمنية ان توحد جهودها ، لإيقاف الحرب ، واعلاء الصوت المدني السوداني حول مستقبل بلادنا. صوت موحد يطالب بأبعاد كافة المتحاربين عنم السلطة والاقتصاد ، ووضع أسس متينة للحكم المدني الديمقراطي.
ولا أعتقد بأنه يوجد ما هو أهم لشعبنا من ذلك.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة