اخبار السودان

دروس من تجربة الحرب الراهنة

تاج السر عثمان

 

١. أشرنا سابقا إلى أن الحرب اللعينة الراهنة، جاءت بهدف الصراع على السلطة وتصفية الثورة، وبدعم إقليمي ودولي لطرفي الحرب بالمال والسلاح بهدف نهب ثروات البلاد، وإيجاد موطئ قدم لها على ساحل البحر الأحمر.

فهي حرب كما أكدت التجربة بين مليشيات الإسلامويين وصنيعتهم الدعم السريع، كما في التهجير والنزوح الواسع الجاري لسكان ولايات الخرطوم، الجزيرة، دارفور ، وبقية الولايات، وتدمير المصانع ومواقع الإنتاج الزراعى و الخدمي و البنية التحتية، والنهب الكبير للأسواق والبنوك وممتلكات المواطنين ومنازلهم وعرباتهم، ومحاولات محو آثار البلاد الثقافية، وإضعاف البلاد ومواقع القوى الثورية المؤثرة في الحراك الجماهيري، فهى حرب ضد المواطنين وقوى الثورة كما في القمع وحملات الاعتقالات والاغتيالات والتعذيب الوحشي والمحاكمات الجارية، والبلاغات الكيدية التي يقوم به طرفا الحرب ضد المعارضين السياسيين ولجان المقاومة والناشطين في لجان الخدمات.

 

٢. إضافة لخطر المجاعة وتحويل الحرب، الي أهلية وعرقية واثنية تهدد أمن المنطقة والسلام الإقليمي والدولي، ودعوات تكوين الحكومة الموازية في مناطق الدعم السريع التي تهدد بتقسيم البلاد، وأدت إلى انقسام في في تحالف”تقدم” بسببها ووجدت الدعوة رفضا واسعا من المواطنين ، فلا بديل لوقف الحرب، والسماح بمرور الاغاثة والدواء للمتضررين ، وخروج الدعم السريع والجيش من السياسة والاقتصاد ومن المدن.

انفجرت الحرب اللعينة بعد تصاعد المقاومة لانقلاب 25 أكتوبر، ومجازر دارفور والمناطق الطرفية الأخري ، وبعد أن أصبحت سلطة انقلاب 25 أكتوبر قاب قوسين أو أدني من السقوط ، وعقب الصراع الذي انفجر في الاتفاق الإطاري حول الإصلاح الأمني والعسكري في قضية الدعم السريع حول مدة دمج الدعم السريع في القوات المسلحة، فضلا عن توفر الظروف الموضوعية لاسقاط الانقلاب ، كما في الثورات والانتفاضات السابقة التي أسقطت الأنظمة العسكرية الديكتاتورية بسلاح الاضراب السياسي العام.

 

٣. وتبقى اهم دروس الحرب اللعينة في الآتي :

طرفا الحرب ارتكبا جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي وعنف جنسي وجرائم ضد الانسانية، وهي امتداد للجرائم السابقة كما في مجزرة فض الاعتصام، والابادة الجماعية والتهجير القسري في دارفور وبقية المناطق، وجرائم الانقاذ ضد الانسانية لأكثر من ٣٠ عاما.

ضرورة المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، لمنع تكرار تلك الجرائم.

خطر المليشيات وضرورة حلها وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية، كما في (الدعم السريع ، مليشيات الإسلامويين ، الحركات المسلحة، درع البطانة … الخ)، فهى خطر على وحدة واستقرارها وأمنها وسيادتها الوطنية، فكان من شعارات ثورة ديسمبر “حرية سلام وعدالة الثورة خيار الشعب” ، و”السلطة سلطة شعب والعسكر للثكنات والجنجويد ينحل”.

أكدت التجربة خطل الانفاقات الهشة بتدخل دولي واقليمي لقطع الطريق أمام الثورة ، فضلا عن تكريسها للمليشيات وجيوش الحركات كما في الوثيقة الدستورية 2019م التي انقلب عليها تحالف اللجنة الأمنية ومليشيات الإسلامويين والدعم السريع وجيوش حركات جوبا، في 25 أكتوبر 2021م الذي تدهورت بعده الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية، ووجد مقاومة باسلة.

وجاء الاتفاق الإطاري ليكرر خطأ “الوثيقة الدستورية” الذي كرّس وجود الدعم السريع واتفاق جوبا، وهيمنة العسكر ، مما أدي لانفجار الأوضاع في البلاد والحرب ، وهو في جوهره صراع على السلطة ونهب ثروات البلاد ، وانعكاس لصراع المحاور الاقليمية والدولية في السودان، والتدخل الدولي الكثيف فيه.

بعد وقف الحرب بعد هذه التجربة المريرة لا عودة للاتفاقات الهشة لتقاسم السلطة التي تعيد إنتاج الحرب بشكل اوسع، وتهدد استقرار ووحدة البلاد ، كما في الدعوات وورش العمل الجارية برعاية دولية الجارية للعودة للاتفاق الإطاري بعد وقف الحرب، ولا بديل عن كامل الحكم المدني الديمقراطي، واستدامة الديمقراطية والتنمية المتوازنة والسيادة الوطنية.

إضافة لمواصلة توسيع قاعدة النهوض الجماهيري لوقف الحرب واسترداد الثورة، ومقاومة جماهير المدن والريف للتهجير والنزوح ، ومواصلة المطالبة بالعودة لمنازلهم وقراهم ،عدم ترك أراضيهم وممتلكاتهم لمليشيات الدعم السريع و”الكيزان”.وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والصحية والأمنية التي تدهورت بشكل لامثيل له.

مواصلة الوجود والمقاومة في الشارع في الداخل والخارج بمختلف الأشكال، حتى وقف الحرب والانتفاضة الشعبية والاضراب السياسي العام والعصيان المدني لإسقاط الانقلاب، وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي، وقيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية للتوافق على شكل الحكم ودستور ديمقراطي وقانون انتخابات ديمقراطي يفضي لانتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية، وتحقيق بقية أهداف الثورة..

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *