دبلوماسية الكذب!

مناظير
زهير السرَّاج
* استهل وزير خارجية حكومة بورتسودان الانقلابية الجديد، عمر محمد صديق، عهده الميمون بكذبة مدوية تصلح أن تُدرَّس في كتب التربية كمثال فاضح على الغباء والسذاجة السياسية، لا الذكاء الدبلوماسي كما يعتقد. هذه الكذبة هى ان التصويت على شكوى حكومته “العبقرية” ضد الإمارات في محكمة العدل الدولية جاء بنتيجة ٩ ضد ٧، حسب البيان الصادر عن وزارته، بينما الحقيقة التي يعرفها الجميع، من ارفع السياسيين إلى رواد مواقع التواصل الإجتماعي،أن ١٤ قاضياً رفضوا الشكوى، بينما أيدها قاضيان فقط .. إنهم فاشلون حتى في الكذب!
* ويا لها من كذبة، فهى مكشوفة، فاضحة، خرقاء، تفضح صاحبها قبل أن تضلل أحداً، ولكن ماذا نتوقع من كادر كيزاني ترعرع في أحضان الأمن الشعبي وتربى على الكذب ؟!
* لم يجد الرجل وسيلة يفتتح بها مسيرته الوزارية سوى هذه الكذبة الفضيحة في عصر الانترنت، والبيانات المفتوحة، والنقل المباشر، حيث تُنقل وقائع المحكمة لحظة بلحظة، وتُرفع أوراقها على المواقع الرسمية قبل أن يجف حبر الطباعة، ومع ذلك يكذب! لأن الكذب عند الكيزان ليس وسيلة بل منهج حياة. كذبوا على الشعب ثلاثين سنة، فما الذي يمنعهم من الكذب الآن؟!
* أليست هذه الحكومة هى الامتداد الطبيعي للنظام الكيزاني البائد الذي استولى على الحكم بانقلاب عسكري، وأمضى ثلاثين عاماً يقتل ويرتكب أفظع الجرائم وينهب، ويفسد، ويكذب، ويشتري الذمم، وعندما طرده الشعب بثورة شعبية عارمة اشعل الحرب للعودة الى الحكم، وحوَّل البلاد إلى جحيم لا ينطفئ، وإدعى باسم “الكرامة” أنه يدافع عن الوطن والشعب .. أىُّ كرامة هذه التي تقوم على القتل، والتدمير، والكذب، والخداع وبيع الوطن ؟!
* واليوم، يأتي هذا الوزير الكذوب المتأنق، ليفتتح عهده الدبلوماسي بكذبة، لا يدري أحد ما الفائدة منها .. هل يريد مواصلة الخداع والكذب ورفع الروح المعنوية للمنافقين والمخدوعين الذين صورت لهم اجهزة الكيزان وصحفيو الرشوة بأن القضية مضمونة، ثم فوجئوا برفض الشكوى، أم أراد تغطية الفضيحة التي عمت الآفاق، أم هو أنه فقط “متعودة دايماً”، على قول عادل إمام؟!
* وحتى لو افترضنا جدلاً بأن الأصوات كانت فعلاً ٩ ضد ٧ (رغم أنها ١٤ ضد ٢)… فما الفائدة من كونها 9 ضد 7 ام 14 ضد 2، ففي الحالتين الشكوى خاسرة والصفعة مدوية، والفضيحة برفع شكوى فاشلة مجلجلة ، فالأمارات تحفظت على المادة التي تسمح للمحكمة بنظر شكوى الابادة الجماعية ضدها منذ انضمامها لاتفاقية الابادة الجماعية في عام 2005م (اى قبل عشرين عاما) وهو أمر يعرفه القاصي والداني ما عدا الحكومة الانقلابية الفاشلة التي تقدمت بالشكوى واوهمت الذين ظلت تمارس عليهم الخداع منذ اندلاع الحرب بانها قضية مضمونة، وهى ليست كذلك.
* ذلك التحفظ ، الذي كان يعرفه الجميع ما عدا الانقلابيين الفاشلين، هو الذي إعتمدت عليه المحكمة في رفض الشكوى، ومع ذلك زال الفاشلون يصرون على الكذب والتلفيق والمسرحيات السخيفة المزيفة!
* والمخجل أن هنالك تسجيلا صوتيا منتشرا بكثافة على الوسائط يطلب فيه وزير عدل الحكومة الانقلابية من احد قضاة المحكمة (اردني الجنسية) تجنيد بعض قضاة المحكمة الآخرين للوقوف مع الشكوى ضد القانون، ولكنه رفض .. وهى فضيحة أخرى أكثر فداحة تضاف لفضيحة رفع شكوى فاشلة !
* تخيلوا .. اتصالات سرية، تسجيلات فاضحة، محاولة شراء ذمم قضاة دوليين وأكاذيب بائسة … كل ذلك يحدث كما لو أننا في محكمة ببورتسودان تعاقب المتهمين بالشبهات بالاعدام والسجن المؤبد، لا في قاعة محكمة دولية محترمة !
* لقد وضح جليا ان الوزير الجديد لخارجية الانقلابيين، لا يختلف عن غيره من الانقلابيين، وسابقيه من الوزراء، فالدبلوماسية الوحيدة التي يعرفونها هى دبلوماسية الكذب، والتزوير والتبرير، وليتها كانت دبلوماسية ذكية، ولكنها ممعنة في الغباء، لدرجة أنه يعتقد أنه يخدع الناس أو يصرف الأنظار عن فضيحتهم المدوية، عندما يصدر بيانا يقول فيه أن نتيجة التصويت كانت 9 ضد 7 بينما يعرف القاصي والداني أنها 14 ضد 2 ، وهنيئا لكم باصواتكم السبعة ووزيركم الجديد !
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة