أطياف

صباح محمد الحسن

للوجوه التي انطفأت، وللأصوات التي تصرخ بصمت دون مجيب، للفيافي البكماء، وللأرواح التي تتوق للتلاقي!!

وفي مطلع نوفمبر الجاري، بعنوان (فتح الأبواب)، كتبنا هنا: (أنه بعد سقوط الفاشر ورفض الفريق عبد الفتاح البرهان للهدنة، فإن هذا الوضع سيجعل الجنرال لا يملك قراره الكامل في رفض أو قبول القرار الدولي نسبةً لفقدانه شبه الكامل لإقليم دارفور، أي أن عملية أي وجود أممي في ميدان الصراع قد يكون عبر البوابة الغربية للسودان، المنطقة التي تقع تحت سيطرة الدعم السريع. وهذا ما يوجِد معادلة أخرى فيما يتعلق بتأثير الصراع الميداني الحالي على القرار الدولي القادم).

وبالأمس دعا الاتحاد الأوروبي طرفي القتال في السودان إلى استئناف المفاوضات والوصول إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار، بما يتماشى مع خطة الرباعية الصادرة في 12 سبتمبر، مطالبًا بالسماح بوجود دائم للأمم المتحدة في دارفور والمناطق الأخرى الخارجة عن سيطرة الجيش.

وطلب الاتحاد الأوروبي سبقه عليه تصريح الأمم المتحدة، عندما قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر: (هناك حاجة إلى “مزيد من الوجود الأممي على الأرض” لتلبية الاحتياجات الهائلة، وتوفير شعور بالأمان للمدنيين).

حتى تأسيس، في بيانها أمس، عندما ردّت غاضبة على إدانات الاتحاد الأوروبي للجرائم والانتهاكات، وأغضبتها إدانة عبد الرحيم دقلو، ولامت الاتحاد على استعجاله، وأنه لم ينتظر بعثة تقصي الحقائق حتى تزور دارفور. بالرغم من ذلك، فإنها لم تقف بحرف واحد في بيانها على خيار وجود دائم للأمم المتحدة في إقليم دارفور.

والموافقة على مثل هذه القرارات من طرف الدعم السريع تعني أن البرهان فقد قراره الفعلي على إقليم دارفور. لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد، فالأكثر أنه يعني أن لا وجود لسلطة كاملة للبرهان في المستقبل القادم، وهذا التجريد يعني إضعافه كقائد. إذن، فإن اتفاق محمد بن سلمان لا يقدّم دعمًا للبرهان لفترة قادمة.

وهذا ما يؤكد أن بن سلمان قدّم دعمه للمؤسسة العسكرية وليس للبرهان، فالحفاظ على عظم المؤسسة هو الأساس الذي يُشيّد فوقه الإصلاح للمؤسسة العسكرية. كما أن تمدد الدعم السريع على الأرض خلق خوفًا في الإقليم من أن يكون ذلك تهديدًا صريحًا يضرب سمعة الجيش إن لم يضرب مقاره الآمنة. لذلك فإن طلب بن سلمان الإسراع في الحل هو لقطع الطريق على الدعم السريع.

ولكن، هل مطالبة الاتحاد الأوروبي بوجود دائم للأمم المتحدة جاءت صدفة بعد تصريحات ترامب، لا سيما أن الاتحاد الأوروبي، اجتمع ممثلو الدول فيه مع مسعد بولس عندما انفض اجتماع الرباعية بواشنطن على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي اعتذر بولس لمواصلته، ودخل في اجتماع مع هذه الدول لمناقشة ذات القضية “أزمة السودان”، وخرجت هذه الدول ببيان قالت فيه إنها تدعو طرفي الصراع للالتزام بالرباعية.

وقتها تحدثنا عن أن أمريكا تبحث عن “ندّ قوي” يدعم خطوتها لفرض الحل في السودان، نسبةً لعدم ثقتها ببعض دول الإقليم.

ولهذا خرج الاتحاد الأوروبي ببيانه بعد تصريحات ترامب مباشرة. ولأن الفلول لا تقرأ إلا من الكتاب القديم، وهللت وفرحت لتصريحات ترامب بوقف الحرب، انتبه مسعد بولس أن الرسالة التي أرسلتها أمريكا عبر موافقة ترامب ذهبت إلى البريد الخطأ. لذلك خرج أمس، وقال عبر سكاي عربية: (إن خارطة طريق الرباعية هي الأساس والمنطلق لحل أزمة السودان، والرئيس ترامب طلب منا العمل فورًا مع الرباعية (الإمارات والسعودية ومصر) وشركاء آخرين مثل قطر وتركيا من أجل إنهاء أزمة السودان. ويجب التوصل إلى حكم مدني خلال المرحلة الانتقالية بدون مشاركة الأطراف المتنازعة الحالية. والإخوان وعناصر نظام البشير وإيران خط أحمر بالنسبة للولايات المتحدة وأعضاء الرباعية. ولدينا وسائل ضغط عديدة، ونقوم بدراسة “خطوات إضافية” سيتم الإعلان عنها بعد موافقة الرئيس ترامب).

فهل فهمت الفلول وإعلامها الدرس، أم أن لديهم مشكلة في الشرح النظري، ولن يستوعبوا حتى يتم تطبيقه عمليًا؟!!

طيف أخير:

ما بين النفي والتأكيد لعودة كامل إدريس وحالة الربكة التي يعيشها مكتبه هذه الأيام ليته يقبل النُصح حرفًا بتقديم استقالته فورًا، لأن هذا أنسب وقت للاستقالة، وبعدها لن يفيد الندم!!

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.