الحسن النذير
ان أكبر حدث في تاريخ السودان الحديث، هو “ثورة ديسمبر المجيدة”دون منازع أو شك. و”بحدث” لا يتسني لنا نزع صفة الاستمرارية عن هذة الثورة العظيمة، فقط نستخدم التعبير للإشارة.
من البديهي أن من يخاطب الشعب السوداني في أي مناسبة كانت، ولا يحي هذة الثورة، ويترحم علي شهدائها، فهو قد ضل الطريق إلي وجدان الشعب، لنكون حسني النية إن كان قد سقط ذلك عنه سهواً أو لقلة دراية بمن يخاطبهم. وهو بكل تأكيد يكون قد بين عدائه واستهتاره بمقدرات الشعب السوداني، إن فعل ذلك عن قصد. وبلا شك، ان الحالة الثانية “العداء والاستهتار بمقدرات الشعب”، هي التي سقط في قاعها، الدكتور كامل ادريس، رئيس وزراء انقلاب 25 أكتوبر 2021.
لم يفتح الله علي الرجل بكلمة واحدة عن أهم حدث مسيرة ثورة ديسمبر المجيدة. ولم ينطق بكلمة واحدة عن شعاراتها “حرية، سلام وعدالة” التي تصلح لبناء قاعدة دستور مكتمل الأركان.
لم يكن خطاب رئيس وزراء الانقلاب مفاجئاً لنا، لأن من عينه هو نفسه قائد الإنقلاب علي ثورة ديسمبر العظيمة. لكن المفاجئة كانت في وجهه “المغسول بالملح” كما يقول المثل عن الذين يفتقرون لأدني حدود الدبلوماسية عند مخاطبة الآخرين. ونستخدم “الدبلوماسية هنا تأدباً! ويبدو أن من صاغوا خطاب الدكتور كامل، كانوا من غلاة الإسلامويين الذين لا يساومون في الإفصاح عن عدائهم السافر لثورة ديسمبر، التي اقتلعت سلطتهم، ولا يستطيعون ذكرها بالخير حتي ولو من باب التمويه.
ومن أغرب ما جاء في خطاب رئيس وزراء الانقلاب، بأن له رؤية لبرنامج نهضة السودان، أو منهجه للخروج بالبلاد من أزمتها! دون الإشارة لتشخيصه لهذة الأزمة! ويرفع كتابيه عن الرؤية وآلية تنفيذها كمن يري الشاري بضاعة ما! ولم يفتح الله عليه بكلمة عن ملامح تلك الرؤية “العبقرية” التي لم تخطر علي بال بشر في طول البلاد وعرضها. نمتنع هنا عن التفصيل حول هذاالسلوك الذي ينم عن ” وهم” حب العظمة والأضواء.
ونكتفي بالإشارة إلي أن الدراسات المعمقة للعديد من السودانيين في شتي مجالات التنمية الإقتصادية، الإجتماعية، السياسية، الهندسية، البيئية الخ… لم تحظ رؤية رئيس وزراء الانقلاب بمكانة مشهود لها فيها، أو علي الأقل لم تتم الإشارة اليها في الدراسات أو الأدبيات المعنية بمجالات التنمية في السودان. بخلاف ذلك أستميح القارئ عذراً لقلة اضطلاعي علي الإنتاج الفكري لرئيس وزراء الإنقلاب، آملين أن يمن الله علينا بنسخة من تلك الرؤية وملزمتها الآلية. ونخشي أن تجد تلك الرؤية طريقها إلي التنفيذ قبل إجازتها بواسطة جهاز تشريعي شرعي.
وكفي!
المصدر: صحيفة الراكوبة