اخبار السودان

حكاية صلاح قوش ودوره في الثورة السودانية , اخبار السودان

رشا عوض

 

حكاية صلاح قوش ودوره في الثورة

رشا عوض

كثر الحديث عن دور قوش في التغيير الذي حدث في ١١ أبريل ٢٠١٩، وحتى لا يتحول ذلك الادعاء إلى عامل جديد للانقسام والتخوين والتشكيك في اوساط قوى الثورة ، لا بد من وضعه في حجمه الطبيعي وسياقه الموضوعي، قوش فعلا كان ساعيا في إحداث تغيير سياسي جزئي مفصل على مقاسه هو ومجموعته في النظام مدعوما بسند محور إقليمي، ولذلك لم يعرقل جهاز الأمن بقيادة قوش وصول الجماهير الثائرة إلى القيادة العامة بالوحشية المعهودة في ذلك الجهاز اللعين، وكذلك فعل الدعم السريع لأن كلا القوتين (الدعم السريع وأمن قوش) كانا ينتظران قطف ثمرة التغيير وظهرهما مسنود إقليميا، الذي حدث هو أن الدعم السريع المتحالف مع منافسي وأعداء قوش في جهاز الأمن وضع قشر الموز تحت اقدام قوش فزحلقه شر زحلقة من المجلس العسكري وزحلق معه كمال عبد المعروف رجل الحركة الإسلامية في الجيش الذي كان من المفترض أن يكون في مكان عبد الفتاح البرهان، ورغم أن الطرفين المتصارعين على قطف ثمرة الثورة يسندهما ذات المحور الإقليمي حينها: مصرـ الإمارات والسعودية، إلا أن هذه الدول نفسها مختلفة في رهاناتها على الشخصيات، وسبب اختلافها، فضلا عن مصالحها الخاصة، هو أن الشبكة الأمنية الكيزانية نفسها منقسمة ومتصارعة ومتهافتة على غنائم الداخل والخارج! وكل منها يحفر للآخر داخليا وإقليميا! طبعا هناك تفاصيل كثيرة جدا في هذا الشأن، بعضها مثير للغثيان، المهم أن جزءا من النظام القديم كان له دور في الثورة أو بمعنى أدق كان متواطئا مع الثورة بهدف استغلالها في التخلص من البشير، وهذا المعطى الموضوعي لا يقلل مطلقا من قيمة ثورة الشعب السوداني، لأن تلك التضحيات والبسالات الفريدة للشباب والشابات ووجود اسباب حقيقية راكمت الغضب الشعبي الذي كان ينتظر فقط الظرف المواتي للانفجار، تلك العوامل هي التي (لخبطت) أوراق اللعبة الكيزانية، إذ اندفعت أمواج الثوار والثائرات بروح الأشواق الشعبية للحرية والعدالة والكرامة والسلام المستدام، وضد النظام الكيزاني كله دون فرز أو تمييز بين البشير وصلاح قوش، ولذلك كان زحف الشعب أكبر من أن يستوعبه النفاج الصغير الذي فتحه قوش! ذلك الزحف دك الجدار الذي فيه النفاج! وعندما اعتصم أمام القيادة العامة عانقت أشواقه السماء! ووضع الثوار الأنقياء سقف قوش للتغيير تحت أقدامهم! وما مجزرة القيادة العامة إلا عقابا لهذا المارد الشعبي الجبار الذي استعصى تماما على الحبس داخل الحدود التي رسمها صلاح قوش للتغيير! وبعد ذلك استعصى على الحبس في حدود حميدتي! صحيح المساومة والتسوية التي أفرزت المجلس السيادي والحكومة الانتقالية قدمت تنازلات كبيرة بمعيار الثورة لصالح المكون العسكري بقيادة حميدتي والبرهان، ولكن الشعب كسب منها مساحة محررة لصالح الثورة، كانت بحكم تعقيدات توازن القوى على الارض يمكن ان تتوسع ويمكن ان تتقلص حتى تنعدم تماما! وهنا بيت القصيد! إذ ان التحرك إلى الامام أو التراجع إلى الخلف كان رهينا لأمرين: ما تفعله الحكومة الانتقالية، ومدى صمود الشارع خلف أهداف الثورة ووحدة قوى التحول الديمقراطي واصطفافها القوي، ومدى استيعاب النظام القديم وإذرعه الامنية والعسكرية لحقيقة إن اعادة عقارب الساعة للوراء مستحيلة.

النظام القديم اشعل الحرب وهذا ليس دليلا على فشل الحكومة الانتقالية بل دليلا على فشله هو أي النظام القديم في اعادة عقارب الساعة إلى الوراء عبر اصابع صلاح قوش التي كانت مخترقة لقوى الثورة وحتى التكوينات الشبابية الثورية وعبر أذرع الامن والاستخبارات التابعة للنظام القديم الذي كان دائما متحفزا لوأد الثورة !

حاول ذلك بمجزرة فض الاعتصام، ثم بتقسيم قوى الثورة وتحريضها على المطالبة باسقاط حكومة حمدوك وصناعة الازمات الامنية والاقتصادية بواسطة اذرع الدولة العميقة ثم بالانقلابات العسكرية التي كان اخرها انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١ وكل هذه المحاولات فشلت فاطلق النظام القديم طلقته الاخيرة في صدر ثورة ديسمبر المجيدة ممثلة في هذه الحرب.

ستطيش هذه الطلقة ولن تصيب الثورة في مقتل بإذنه تعالى! ستطيش هذه الطلقة كما طاشت سابقاتها، نعم سببا ألاما وجراحا لا توصف ولكن المصاب لن يموت! لن تموت ارادة الحرية والكرامة والسلام العادل في ظل دولة مدنية ديمقراطية.

 

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *