حقائق صادمة (٢) : الصِلات الإسلامية المنسيّة :《البخلاء يمتنعون》
موضوع الاحسان
الي ذوي القربي والمساكين .
(َ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ
ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلَِ)
البقرة: 177
( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ
وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا) الإسراء: 26
ذكر المفسرون:
ان (ايتاء ذي القربي)
هو “صلة الرحم”
و “ايتاء” تعني اعطاء المال:
إذن:
صلة الرحم = ايتاء الأقارب
في قاموس المعاني:
(وصله بكذا من المال):
أحسن إليه به.
فليس المقصود ب “الصلة”
ما هو من باب “وَصَل”
بمعني “بَلَغَ” المكان،
وإنما المقصود
الإنفاق علي المحتاجين.
لقد تكفل الله
بتعويض الواصلين اموالهم ،
ففي الحديث:
(من سَرَّهُ
أن يُبسط له في رزقه ، أو ينسأ له في أثره ، فليصل رحمه).
قال ابن حجر:
(معنى البسط في الرزق
البركة فيه ،
لأن صلة أقاربه صدقة ،
والصدقة تربي المال
وتزيد فيه).
وفي حديث آخر:
(ما نقص مال من صدقة)
أو (ما نقصت صدقة من مال)
يقول الفخر الرازي
في تفسير:
(وَاتَّقُوا اللَّه
َ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ)النساء1:
“أحدهم قد يستعطف غيره بالرحم
فيقول: أسألك بالله والرحم”.
في صحيح مسلم
عن أسماء بنت أبي بكر:
“يا رسول الله ،
قَدُمت عليّ أمّي
وهي راغبة ،
أفأصل أمي؟
قال:
(نعم ،
صِلي أمك).
فبقولها : (أفأصل أمي؟)
إنما تعني : “أفأعطيها؟”
وفي مسلم عن ابن عمر
ان أعرابيا لقيه في الطريق
كان صديقا لابيه ،
فأعطاه حمارا وعمامة ،
وقال: إني سمعت الرسول (ص) يقول:
(إن من أبر البر
صلة الرجل
أهل ود أبيه).
فهنا الصلة ليست صلة الرحم
وانما صلة صاحب الأب
وبعد صلة القربي
تأتي مباشرة
صلة اليتامي والمساكين
لقد فتر الوحي
وانقطع عن الرسول (ص)
مدة من الزمان
وعندما عاود
اذا الرب يمتن علي رسوله
أنه كان يتيما فقيرا
فآواه وأغناه
وإذا به يأمره
ان يعطي اليتيم والسائل
ولا يقهر ولا ينهر
فإذن هناك:
صلة الرحم
صلة المسكين
صلة اليتيم
صل ابن السبيل
صلة السائل
كل هذه صِلات دينية هي عبارة عن حقوق مالية
يُنال بها بر الله
المذكور في الآية:
{لَن تَنَالُوا۟ ٱلۡبِرَّ
حَتَّىٰ تُنفِقُوا۟ مِمَّا تُحِبُّونَۚ}
وقي آية اخري:
{لَّیۡسَ ٱلۡبِرَّ
أَن تُوَلُّوا۟ وُجُوهَكُم
ۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَـٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَٱلۡمَلَـٰۤئكَةِ وَٱلۡكِتَـٰبِ وَٱلنَّبِیِّـۧنَ
وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ
ذَوِی ٱلۡقُرۡبَىٰ
وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ
وَٱلۡمَسَـٰكِینَ
وَٱبۡنَ ٱلسَّبِیلِ
وَٱلسَّاۤئلِینَ
وَفِی ٱلرِّقَابِ}
هذه هي الصِلات الإسلامية
الواجب وصلها بالمال
والمساعدة المادية
فلا بر الا يالإنفاق
لا بر بالتوجه
نحو قبلة المشرق او المغرب
ولكن البر
في تلك الصِلات
التي أمر بها الإسلام
فإن اصعب العبادات
هو إنفاق المال
ولذلك هي اكثر الاعمال
ثقلا في الميزان
ولذلك تجد في القرآن والسنة
أن التقوي مرتبطة بالإنفاق
(اتقوا النار ولو بشق تمرة)
ووصية الرسول للنساء:
(تصدقن فإني اريتكن أكثر اهل النار)
{هدي للمتقين○ الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة
ومما رزقناهم ينفقون}
{وسيجنبها الاتقي.
الذي يؤتي ماله يتزكي}
والقرآن حكي عمن طلب
أن يؤخر الله أجله:
{لولا اخرتني إلي أجل قريب○ فاصدق..}
وحكمة مشروعية الصيام:
{لعلكم تتقون}
وذلك لأن الصيام
جاء من باب زكاة الفطر ،
فجعل الواجب هو دفع الفدية: {فمن تطوع خيرا فهو خير له
وأن تصوموا خير لكم}
¤¤¤
والقرآن دائما ما يقرن
بين الصلاة والإنفاق
أو الإيمان و الإنفاق:
{وَیُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ}
{وَٱلۡقَـٰنِتِینَ وَٱلۡمُنفِقِینَ}
{وَمَاذَا عَلَیۡهِم
ۡ لَوۡ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِر
ِ وَأَنفَقُوا۟ مِمَّا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُُۚ}
{وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ
وَأَنفَقُوا۟ مِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ سِرࣰّا وَعَلَانِیَةࣰ}
{وَٱلۡمُقِیمِی ٱلصَّلَوٰةِ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ}
{ءَامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦوَأَنفِقُوا۟ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسۡتَخۡلَفِینَ فِیهِۖ}
{فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُم
ۡ وَٱسۡمَعُوا۟ وَأَطِیعُوا
۟ وَأَنفِقُوا۟ خَیۡرࣰا لِّأَنفُسِكُمۡۗ}
{وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰة
َ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰة
َ وَٱرۡكَعُوا۟ مَعَ ٱلرَّ ٰكِعِینَ}
{وَقُولُوا۟ لِلنَّاسِ حُسۡنࣰا وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰة
َ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ}
{وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ
وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰة
َۚ وَمَا تُقَدِّمُوا۟ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَیۡرࣲ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِۗ}
{إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ
وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰة
َ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰة
َ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ}
{فَإِن تَابُوا۟
وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰة
َ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخۡوَ ٰنُكُمۡ فِی ٱلدِّینِۗ}
{ٱلَّذِینَ إِن مَّكَّنَّـٰهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ
أَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰة
َ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰةَ}
{فَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ
وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ
وَٱعۡتَصِمُوا۟ بِٱللَّهِ}
{فَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ
وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ
وَأَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ}
{وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ
وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ
وَأَقۡرِضُوا۟ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنࣰا}ۚ
¤¤¤¤
ولذلك فإن قول المفسرين
بتكرار الحديث
عن المحافظة علي الصلوات
مرتين في آيات متقاربة في سورة واحدة
كما في المؤمنون والمعارج هو قول بعيد
ففي المؤمنون الآية (٢) و (٩)
في الآية (٩):
جاء الحديث عن الصلاة
بصيغة الجمع: (صلواتهم):
{وَٱلَّذِینَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَوَ ٰتِهِمۡ یُحَافِظُونَ}
في الآية (٢) جاءت (صلاتهم)
ولا يمكن أن يكون الحديث
عن (صلاة) واحدة للجمع فالأصح أن (صِلاتهم) بكسر الصاد
بمعني جمع (صِلة)
والمقصود: أنهم في إنفاقهم علي المحتاجين يكونون متواضعين متذللين (خاشعون)
فالخشوع هو رَمَى البصر نَحْوَ الأَرض وغَضَّه وخفَضَ الصَوْتَُ ،
كما جاء في قواميس اللغة ،
وهذا هو نفس معني آية المائدة:
{َوَیُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَ ٰكِعُونَ}
وكذلك آية البقرة:
{وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱرۡكَعُوا۟ مَعَ ٱلرَّ ٰكِعِینَ}
جاء في التفاسير:
َ “المُرادُ مِنَ الأمْرِ بِالرُّكُوع
ِ هو الأمْرَ بِالخُضُوعِ؛
لِأنَّ الرُّكُوعَ والخُضُوعَ في اللُّغَةِ سَواءٌ ،
فَيَكُونُ نَهْيًا عَنِ الِاسْتِكْبارِ المَذْمُومِ
وأمْرًا بِالتَّذَلُّل
ِ كَما قالَ لِلْمُؤْمِنِينَ:
{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهم ويُحِبُّونَهُ أذِلَّةٍ عَلى المُؤْمِنِينَ أعِزَّةٍ عَلى الكافِرِينَ}
والأمر أوضح في سورة المعارج:
في الآية (٣٤) يتكلم عن المحافظة علي الصلوات
وفي الآية (٢٣) عن الديمومة:
ولكن من سياق الآيات:
{وَإِذَا مَسَّهُ ٱلۡخَیۡرُ مَنُوعًا○
إِلَّا ٱلۡمُصَلِّینَ○
ٱلَّذِینَ هُمۡ عَلَى صِلَاتِهِمۡ دَاۤئِٕمُونَ○
وَٱلَّذِینَ فِیۤ أَمۡوَ ٰلِهِمۡ حَقࣱّ مَّعۡلُومࣱ○
لِّلسَّاۤئِٕلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ}
ندرك أن المقصود
ديمومة الصِلات المالية
للمستحقين المحتاجين
وهو نفس المعني
الذي في سورة الماعون:
{فَوَیۡلࣱ لِّلۡمُصَلِّینَ○
ٱلَّذِینَ هُمۡ عَن صِلَاتِهِمۡ سَاهُونَ○
ٱلَّذِینَ هُمۡ یُرَاۤءُونَ○
وَیَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ}
فلقد أشكل كثيرا
علي المفسرين
كيف يكون المصلون
ساهين “”عن”” صلواتهم!!
(لم يقل “”في”” صلاتهم ساهون)
لكن المتأمل جيدا
للوحدة البنائية للسورة يدرك أن (صِلاتهم)
مقصود بها
الذين يهملون الصِلات الواجبة
فلا ينفقون علي المحتاجين
من أقرباء
ومساكين
ويتامي
وسائلين .. الخ
فالسورة تبتدئ بالقول:
أن الذي يكذب بالدين هو الذي يقهر اليتيم
ولا يحض علي اطعام المسكين
ثم يتوعد المصلين الذين يتناسون
صِلات المساكين ويعتبرهم مرائين اذ يمنعون اطعام المساكين.
فلو تطرق الي الصلوات واهمالها
وسط الحديث عن اطعام اليتامي والمساكين
يكون هناك خلل
في وحدة بناء السورة
بالخروج عن الموضوع
والعودة مرة اخري!!
¤¤¤¤¤¤
للأسف فقد تناسي الناس التوجيهات القرآنية بالأنفاق والتصدّق
وتمسّكوا باحاديث مرسلة
عن اذكار و صيام وصلوات
تضخم وتعظم ثوابها فظنوا أنها
تفوق الإنفاق والتصدّق ،
وإنني لأستغرب
من بعض الفضائيات الدينية
التي تسمي صلة الرحم التي هي الإنفاق علي المحتاجين
من الأقارب
بغير اسمها ، فتقول إنها:
(العلاقات الإجتماعية بين الأقارب)
وتشرحها بأنها
زيارات عائلية في المناسبات وغيرها !!
لا نملك إلا أن ننصح المؤمنين
بالعودة إلي القرآن
والتدبر والنظر :
هل نقرأ كلمة (صلاتهم)
في المؤمنون الآية (٢)
والمعارج الآية (٢٣)
والماعون الآية (٥)
بكسر الصاد أم بفتحها؟؟!!
هل المقصود:
الصِلات أم الصلوات ؟؟!!
قال سفيان الثوري:
(ليس للشيطان سلاح على الإنسان
مثل خوف الفقر ،
فإذا وقع في قلب الإنسان:
منع الحقَّ،
وتكلَّم بالهوى ،
وظنَّ بِربِّه السُّوء !!
¤¤¤¤¤¤¤¤
>>> تذكرة متكررة
=======
نذكّر بالدعاء
في كل الأوقات ..
وفي الصلاة والسجود والركوع..
علي الظالمين..
الذين اخرجوا الناس من ديارهم
وساموهم سوء العذاب
وكل من شارك في ذلك
بالفعل أو القول
فالله .. لا يهمل
ودعاء المظلوم مستجاب
ما في ذلك شك..
المصدر: صحيفة الراكوبة