“حظر البيانات الصحفية”.. هل فقد البرهان السيطرة على ميليشيات متحالفة معه؟
في خطوة مفاجئة قرر الجيش السوداني بقيادة البرهان حظر الميليشيات المتحالفة معه من إصدار بيانات صحفية، مشددًا على أن الحديث عن سير العمليات العسكرية من حق المتحدث باسمه فقط، ما أثار التكهنات بفقدانه السيطرة على تلك الميليشيات.
وأفادت تقارير إعلامية بأن قيادة الجيش السوداني منعت قائد “درع السودان” اللواء أبو عاقلة كيكل، وقائد “لواء البراء بن مالك”، المصباح طلحة، إضافة إلى قادة القوات المشتركة، من نشر أي تصريحات أو بيانات منفردة دون التنسيق مع الناطق الرسمي للقوات المسلحة.
وأشارت إلى أن الخطوة أثارت استياء تلك الميليشيات التي تعتبر نفسها الطرف الفاعل في العمليات العسكرية على الأرض، وليس الجيش السوداني.
وأضافت أن “قيادة الجيش أبدت انزعاجها من التصريحات الصادرة عن قادة تلك الميليشيات، واعتبرت أن بعضها كان غير مسؤول، ويؤثر سلبًا على سير المعارك”.
خطف الأضواء
وتعليقًا على ذلك أوضح الخبير الاستراتيجي، عادل بشير، أن قيادة الجيش السوداني لو كانت تحترم المؤسسة لما سمحت منذ البداية بإنشاء ميليشيات موازية، مبينا أن “قرار منع التصريحات الصحفية لا يعني غير أن البرهان وجنرالاته شعروا بأن قيادة هذه الميليشيات تهدد مستقبلهم”، وفق قوله.
وقال بشير في تصريح لـ”إرم نيوز” إن البرهان هو من أنشأ الميليشيات المتعددة في السودان، وقام بتدريبها وتسليحها وفق ما هو موثّق بالفيديوهات، حتى تقاتل “قوات الدعم السريع”، نيابة عن الجيش الذي يبدو أنه غير مقتنع بمبررات هذه الحرب، حسب تعبيره.
وأضاف أن “البرهان أطلق يد هذه الميليشيات لتفعل ما تشاء بغير حساب، فماذا يعني قراره بمنعها من التصريحات وهو الذي لم يمنعها من ارتكاب الانتهاكات طوال الفترة الماضية”.
وتابع أنه “ما من تفسير لقرار الجيش بخلاف أن هذه الميليشيات خطفت الأضواء وأصبحت تنسب لنفسها ما حققه الجيش من انتصارات عسكرية، الأمر الذي جعل البرهان وجنرالاته يشعرون بالخطر على مستقبلهم السلطوي والسياسي”.
ورجّح بشير عدم التزام هذه الميليشيات بالقرار؛ لأنها هي التي تقاتل على الأرض وليس الجيش السوداني، مشيرًا إلى أن “القوة المشتركة” للحركات المسلحة هي التي تقاتل في مدينة الفاشر، ومن المستبعد أن تنتظر الجيش ليتحدث نيابة عنها.
وأوضح أن “القوة المشتركة” التابعة لحركات دارفور المسلحة، ظلت طوال الفترة الماضية تصدر البيانات الصحفية حول تطورات الأوضاع العسكرية في الفاشر، حتى خطفت الأضواء بالفعل من الجيش، وأصبح الجميع على دراية بأنها من تقاتل في المدينة وليس الجيش.
وتقاتل مع الجيش السوداني حاليًا عدد من الميليشيات المسلحة، أغلبها نشأ بعد الحرب المستمرة في البلاد، تحت إشراف قيادة الجيش السوداني، حيث شوهد البرهان يطوف على معسكرات هذه القوات في مناسبات مختلفة، وهو يؤكد على تسليحها.
الاستغناء عن الميليشيات
من جهته يرى المحلل السياسي، صلاح حسن جمعة، أن خطوة الجيش بمنع الميليشيات المتحالفة معه من التصريحات الصحفية، تشير إلى أنه “استشعر الأمان ولم يعد بحاجة إلى هذه الميليشيات التي أطلق لها العنان في الفترة الماضية”، وفق تعبيره.
وقال جمعة لـ”إرم نيوز” إن القرار يدل على أن الجيش ربما يريد الاستغناء عن هذه الميليشيات، والذهاب إلى طاولة التفاوض بعدما عزز موقفه الميداني مؤخرًا، متسائلًا، “لماذا لم يصدر مثل هذا القرار طوال الفترة الماضية”، مضيفا “أعتقد أنه كان في حاجة إليها في السابق ولا يريد أن يخسرها أما الآن فلا”.
وأشار جمعة إلى احتمال آخر وهو أن الجيش تمكن مؤخرًا من فك الحصار على مقر القيادة العامة بالخرطوم، حيث كان المتحدث الرسمي باسمه محاصرا هناك وكان معزولا عن التواصل مع الإعلام.
وأضاف أنه “خلال الأيام الماضية خرجت تصريحات وبيانات صحفية من بعض هذه الميليشيات، تنسب بعض الانتصارات المزعومة لها، كما أن بعض قياداتها ظلت تتحدث باستمرار لبعض القنوات الفضائية بمعلومات كاذبة عن التطورات الميدانية”.
وأوضح أن الجيش لو لم يتحرك لمنع هذه الفوضى سيؤكد الحديث عن سيطرة الميليشيات على قرار الحرب.
واستبعد جمعة أن تلتزم الميليشيات المسلحة بقرار الجيش السوداني بعدم الحديث لوسائل الإعلام، مستدلًا ببعض الانتقادات التي وجدها قرار حظر البيانات من أنصار “الإخوان”.
أبرز الميليشيات
وأبرز المليشيات التي تقاتل مع الجيش السوداني تلك التابعة لـ”جماعة الإخوان”، مثل “البراء بن مالك، والبنيان المرصوص، والعمل الخاص، والمقاومة الشعبية”، وهناك عشرات المسميات المختلفة لميليشيات أخرى تتبع لأجنحة “الإخوان” التي اتفقت جميعها على محاربة “قوات الدعم السريع”.
ويشرف على ميليشيات “الإخوان” قيادات معروفة مثل المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، أحمد هارون، والأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي، اللذان يتجولان في مناطق سيطرة الجيش السوداني في شمال وشرق السودان.
وظل صوت هذه الميليشيات “الإخوانية” عاليًا في الآونة الأخيرة، خصوصاً بعد تقدم الجيش في ولاية الجزيرة ومناطق بالخرطوم بحري، حيث ظلت التصريحات والبيانات التي تصدر عنهم تحتفي بتلك الانتصارات المزعومة، وتظهر أنها صاحبة الفضل في تحقيقها.
كذلك توجد ميليشيات أخرى بارزة في الساحة العسكرية بالسودان، منها “قوات درع السودان” التي يقودها أبو عاقلة كيكل، وهو جاسوس يتبع للجيش كان مزروعا في “قوات الدعم السريع” قبل أن ينشق في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، ليقوم البرهان بعدها بالإشراف على تسليح “قبيلة الشكرية” وسط السودان، وجعلها تنخرط في القتال تحت قيادة كيكل، وفق مقاطع فيديوهات مبثوثة.
كما توجد ميليشيا قبلية أخرى تسمى “قوات الأورطة الشرقية”، وهي تُتهم بأنها تمثل غطاء لتدخل الجيش الإريتري في حرب السودان، وتجد هذه الميليشيا معارضة واسعة في الإقليم الشرقي وسط مخاوف من تسببها في انفجار الصراع بالإقليم.
ارم نيوز
المصدر: صحيفة الراكوبة